سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي |
وكأسي محيَّا منْ عنِ الحسن جلَّتِ
|
فأوهمْتُ صَحبي أنّ شُرْبَ شَرَابهِم، |
بهِ سرَّ سرِّي في انتشائي بنظرة ِ
|
وبالحدقِ استغنيتُ عنْ قدحي ومنْ |
شمائلها لا منْ شموليَ نشوتي
|
ففي حانِ سكري، حانَ شُكري لفتية ٍ، |
بهمْ تمَّ لي كتمُ الهوى مع شهرتي
|
ولمَّا انقضى صحوي تقاضيتُ وصلها |
ولمْ يغْشَني، في بسْطِها، قبضُ خَشيتي
|
وأبْثَثْتُها ما بي، ولم يكُ حاضِري |
رقيبٌ لها حاظٍ بخلوة ِ جلوتي
|
وقُلْتُ، وحالي بالصّبابَة ِ شاهدٌ، |
ووجدي بها ماحيَّ والفقدُ مثبتي
|
هَبي، قبلَ يُفني الحُبُّ مِنّي بقِيّة ً |
أراكَ بها، لي نظرَة َ المتَلَفّتِ
|
ومِنّي على سَمعي بلَنْ، إن منَعتِ أن |
أراكِ فمنْ قبلي لغيريَ لذَّتِ
|
فعندي لسكري فاقة ُ لإفاقة ٍ |
لها كبدي لولا الهوى لمْ تفتّتِ
|
ولوْ أنَّ ما بي بالجبال وكانَ طو |
رُسينا بها قبلَ التَّجلِّي لدكَّتِ
|
هوى عبرة ٌ نمَّتْ بهِ وجوى ً نمتْ |
به حرقٌ أدواؤها بي أودتِ
|
فطوفانُ نوحٍ، عندَ نَوْحي، كأدْمَعي؛ |
وإيقادُ نيرانِ الخليلِ كلوعتي
|
ولولا زفيري أغرقتني أدمعي |
ولولا دموعي أحرقتني زفرتي
|
وحزني ما يعقوبُ بثَّ أقلَّهُ |
وكُلُّ بِلى أيوبَ بعْضُ بَلِيّتي
|
وآخرُ مالاقى الألى عشقوا إلي الرَّ |
ـرّدى ، بعْضُ ما لاقيتُ، أوّلَ محْنَتي
|
وفي ساعة ٍ، أو دونَ ذلكَ، مَن تلا |
لآلامِ أسقامٍ، بجِسمي، أضرّتِ
|
لأَذكَرَهُ كَرْبي أَذى عيشِ أزْمَة ٍ |
بمُنْقَطِعي ركْبٍ، إذا العيسُ زُمّتِ
|
وقدْ برَّحَ التَّبريحُ بي وأبادني |
ومَدْحُ صِفاتي بي يُوَفّقُ مادِحي
|
فنادمتُ في سكري النحولَ مراقبي |
بجملة ِ أسراري وتفصيلِ سيرتي
|
ظهرتُ لهُ وصفاً وذاتي بحيثُ لا |
يراها لبلوى منْ جوى الحبِّ أبلتِ
|
فأبدتْ ولمْ ينطقْ لساني لسمعهِ |
هواجِسُ نفسي سِرَّ ما عنهُ أخْفَتِ
|
وظَلّتْ لِفِكْري، أُذْنُهُ خَلَداً بها |
يَدُورُ بهِ، عن رُؤْيَة ِ العينِ أغنَتِ
|
أحَبّنيَ اللاّحي، وغارَ، فلامَني، |
مُجيباًإلَيها، عن إنابَة ِ مُخْبِتِ
|
كأنَّ الكرامَ الكاتبينَ تنزَّلوا |
على قَلْبِهِ وحْياً، بِما في صحيفَتي
|
وما كانَ يدري ما أجنُّ وماالَّذي |
حَشايَ منَ السِّرّ المَصونِ، أَكَنَّت
|
وكشفُ حجابِ الجسمِ أبرزَ سرَّ ما |
بهِ كانَ مستوراً لهُ منْ سريرتي
|
فكنتُ بسرِّي عنهُ في خفية ٍ وقدْ |
خفتهُ لوهنٍ منْ نحولي أنَّتي
|
لَقيلَ كنَى ، أو مسّهُ طَيْفُ جِنّة ِ |
له والهوى يأتي بكلِّ غريبة ِ
|
وأفْرَطَ بي ضُرَّ، تلاشَتْ لَمْسّهِ |
أحاديثُ نَفسٍ، بالمدامِعِ نُمّتِ
|
فَلو هَمّ مَكروهُ الرّدى بي لما دَرى |
مكاني ومنْ إخفاءِ حبِّكِ خفيتي
|
وما بينَ شوقٍ واشتياقٍ فنبتُ في |
تَوَلٍّ بِحَظْرٍ، أو تَجَلٍّ بِحَضْرة ِ
|
فلوْ لفنائي منْء فنائكِ ردَّ لي |
فُؤاديَ، لم يَرْغَبْ إلى دارِ غُرْبَة ِ
|
وعنوان شاني ما أبثُّك بعضهُ |
وما تَحْتَهُ، إظْهارُهُ فوقَ قُدْرَتي
|
واُمْسِكُ، عَجْزاً، عن أُمورٍ كثيرة ٍ، |
بِنُطقيَ لن تُحصى ، ولو قُلتُ قَلّتِ
|
شفائي أشفى بل قَضى الوَجْدُ أن قَضى ، |
وبردُ غليلي واجدٌ حرَّ غلَّتي
|
وباليَ أبلى منْ ثيابِ تجلُّدي |
بهِ الذاتُ، في الأعدامِ، نِيطَتْ بلَذة
|
فلوْ كشفَ العوَّادُ بي وتحقَّقوا |
منَ اللوحِ مامسَّني الصَّبابة ُ أبقتِ
|
لما شاهدتْ منِّي بصائرهمْ سوى |
فلا حَّي، إلاّ مِنْ حَياتي حَياتُهُ،
|
ومنذُعفا رسمي وهِمْتُ، وَهَمْتُ في |
وجودي فلم تظفر بكوني فكرتي
|
وبعدُ فحالي فيكِ قامتْ بنفسها |
وبيِّنتي في سبقِ روحي بنيَّتي
|
ولمْ أحكِ في حبَّيكِ حالي تبرُّماً |
بها لاضطِرابٍ، بل لتَنفِيسِ كُربَتي
|
ويَحسُنُ إظهارُ التّجلّدِ للعِدى ، |
ويقبحُ غيرُ العجزِ عندَ الأحبَّة ِ
|
ويَمنَعُني شكوَايَ حُسْنُ تَصبّري، |
ولو أشكُ للأعداء ما بي لأشكَت
|
وعُقبى اصطِباري، في هَواكِ، حمِيدَة ٌ |
عليكِ ولكنْ عنكِ غيرُ حميدة ِ
|
وما حَلّ بي من مِحنَة ٍ، فهومِنحَة ٌ، |
وقد سَلِمَتْ، من حَلّ عَقدٍ، عزيمتي
|
وكَلّ أذًى في الحبّ مِنكِ، إذا بَدا، |
جعلتُ لهُ شكري مكانَ شكيَّتي
|
نَعَمْ وتَباريحُ الصّبابَة ِ، إنْ عَدَتْ |
على َّ منَ النعماءِ في الحبِّ عدَّتِ
|
ومنكِ شقائي بلْ بلائي منة ٌ |
وفيكِ لباسُ البؤسِ أسبَغُ نِعمَة ِ
|
أرانِيَ ما أولِيتُهُ خيرَ قِنْيَة ٍ، |
قديمُ وَلائي فيكِ من شرّ فِتْيَة ِ
|
فلاحٍ وواشٍ:ذاك يُهدي لِعِزّة ٍ |
ضلالاً وذابي ظلَّ يهذي لغرَّة ِ
|
أُخالِفُ ذا، في لومِهِ، عن تقًى ، كما |
أخالِفُ ذا، في لؤمِهِ، عن تَقيّة
|
و ما ردّ وجهي عن سبيلِكِ هولُ ما |
لقيتُ، ولاضرّاءُ، في ذاكَ، مسّتِ
|
ولا حلمَ لي في حمل ما فيكِ نالني |
يُؤدّي لحَمدي، أولَمَدحِ موَدّتي
|
قضى حسنكِ الدَّاعي إليكِ احتمالَ ما |
قصصتُ وأقصى بعدَ ما بعدَ قصَّى
|
وما هوَ إلاَّ أنْ ظهرتِ لناظري |
بأكملِ أوصافٍ على الحسنِ أربتِ
|
فحلَّيتِ لي البلوى فخلَّيتِ بينها |
وبيني فكانتْ منكِ أجمل حلية ِ
|
ومَن يتَحَرّشْ بالجمالِ إلى الرّدى ، |
رأى نفْسَه، من أنفَس العيش، رُدّتِ
|
ونفسٌ ترى في الحبِّ أنْ لا ترى عناً |
ولا بالولا نفسٌ صفا العيش ودَّتِ
|
وأينَ الصّفا هيْهاتِ من عَيشِ عاشِقٍ، |
وجنَّة ُ عدنٍ بالمكارهِ حفَّتِ
|
ولي نفسُ حرٍّ لو بذلتِ لها على |
تَسَلّيكِ، ما فوْقَ المُنى ما تسلّتِ
|
ولو أُبْعِدَتْ بالصّدّ والهجْرِ والقِلى |
وقَطْعِ الرّجا، عن خُلّتي، ما تَخَلّتِ
|
وعن مذهَبي، في الحُبّ، ماليَ مذهَبٌ |
وإنْ مِلْتُ يوماً عنهُ فارَقتُ ملّتي
|
ولوْ خطرتْ لي في سواكِ إرادة ٌ |
على خاطري سهواً قضيتُ بردَّتي
|
لكِ الحكمُ في أمري فما شئتِ فاصنعي |
فلمْ تكُ إلاّ فيكِ لا عنكِ رغبتي
|
ومُحْكَمِ عهدٍ، لم يُخامِرْهُ بيننا |
تَخَيّلُ نَسْخٍ، وهوَ خيرُ أليّة
|
وأخذكِ ميثاقَ الولا حيثُ لمْ أبنْ |
بمظهرِ لبسِ النَّفسِ في فئ طينتي
|
وسابِقِ عهدٍ لم يَحُلْ مُذْ عَهِدْتُهُ |
ولاحِقِ عَقدٍ، جَلّعن حَلّ فترَة
|
ومَطْلِعِ أنوارٍ بطلعتِكِ، التّي |
لبهجتها كلُّ البدورِ استسرَّتِ
|
ووصفِ كمالٍ فيكِ أحسنُ صورة ٍ |
وأقوَمُها، في الخَلقِ، منهُ استمدّتِ
|
ونعتِ جلالٍ منكِ يعذبُ دونهُ |
عذابي، وتحلو، عِندَهُ ليَ قتْلَتي
|
وسِرِّ جَمالٍ، عنكِ كُلّ مَلاحَة ٍ |
بهِ ظهرتْ في العالمينَ وتمَّتِ
|
وحُسْنٍ بهِ تُسبى النُّهَى دَلّني على |
هوى ً حسنتْ فيهِ لعزِّك ذلَّتي
|
ومعنًى ، ورَاءَ الحُسنِ، فيكِ شهِدتُهُ، |
بهِ دَقّ عن إدراكِ عَينِ بَصيرَتي
|
لأنتِ مُنى قلبي، وغايَة ُ بُغْيَتي، |
وأقصى مُرادي، واختياري، وخِيرَتي
|
خلعتُ عذاري واعتذاري لابسَ الـ |
خلاعة ِ مسروراً بخلعي وخلعتي
|
وخلعُ عذاري فيكِ فرضى وإنْ أبى اقـ |
ترابيَ قومي والخلاعة ُ سنَّتي
|
وليسوا بقومي مااسْتعابوا تَهتُّكي، |
فأبدوا قلى ً واستحسنوا فيكِ جفوتي
|
وأهليَ في دينِ الهوى أهلهُ وقدْ |
رضُوا ليَ عاري، واستطابوا فضيحتي
|
فمن شاء فليغضب سواك ولا أذى ً |
إذا رضيتْ عنَّي كرامُ عشيرتي
|
وإنْ فتنَ النِّساكِ بعض محاسن |
لديكِ، فكُلٌّ منكِ موْضِعُ فِتنَتي
|
وما احترتُ، حتى اخترتُ حُبّيكِ مَذهباً، |
فوحيرتي إنْ لمْ تكنْ فيكِ خيرتي
|
فقالتْ هوى غيري قصدتَ ودونهُ اقْـ |
ـتَصَدتَ، عميّاً، عن سواء مَحجّتي
|
وغرّكَ، حتى قُلتَ ما قُلتَ، لابِساً |
بهِ شَينِ مَينٍ لبسُ نفسٍ تمنَّتِ
|
وفي أنفَسِ الأوطارِ أمْسَيْتَ طامعاً |
بنفسٍ تعدَّت طَورَهَا فتعدّتِ
|
وكيفَ بحبى وهوَ أحسنُ خلة ٍ |
تفوزُ بدعوى وهيَ أقبَح خلَّة ِ
|
وأينَ السُّهَى مِن أكْمَهٍ عن مُرادِهِ |
سَها، عَمَهاً، لكنْ أمانيكَ غرّت
|
فقمتَ مقاماً حُطَّ قدرُكَ دونَهُ |
على قدمٍ عن حظِّها ما تخطَّتِ
|
ورُمتَ مراماً، دونَهُ كم تطاوَلت، |
بِأعناقِها قومٌ إليهِ فجذَّت
|
أتيتُ بيوتاً لم تُنَلْ من ظهورهَا |
لَدَيّ، فَدَعْني من سَرَابٍ بِقيعة
|
وبينَ يدِي نجواكَ قدَّمتَ زخرفاً |
ترومُ بهِ عِزّاً، مرامِيهِ عَزّتِ
|
وجئتَ بِوَجهٍ أبيضٍ، غيرَ مُسقِطٍ |
لجاهِكَ في داريكَ حاطِبَ صفوتي
|
ولو كنتَ بي من نقطة ِ الباءِ خفضة ً |
رُفعتَ إلى مالَمْ تنلهُ بحيلة ِ
|
بحيثُ ترى أن لا ترى ما عَدَدتهُ |
وأنَّ الّذي أعددتَهُ غيرُ عُدَّة ِ
|
ونَهْجُ سبيلي واضِحٌ لمنِ اهتدَى ، |
ولكنَّها الأهواءُ عَمَّتْ فأعمَتِ
|
وقد آنَ أن أبْدي هواكَ، ومن به |
ضَناكَ، بما ينَفي ادّعاكَ محبّتي
|
حليفُ غرامٍ أنتَ لكنْ بنفسهِ |
وإبقاكَ وصفاً منكَ بعضُ أدلَّتي
|
فلمْ تهوَني مالمْ تكنْ فيَّ فانياً |
ولمْ تَفْنَ ما لا تُجْتَلى فيكَ صورَتي
|
فدَعْ عنكَ دعوى الحبّ، وادعُ لِغَيرِهِ |
فؤادَكَ، وادفَعْ عنكَ غَيّكَ بالتي
|
وجانبْ جَنابَ الوصلِ هيهاتَ لمْ يكنْ |
وهاأنتَ حيٌّ إن تكُنْ صادقاً مُتِ
|
هوَ الحُبّ، إن لم تَقضِ لم تَقضِ مأرَباً |
منَ الحُبّ، فاخترْذاك، أو خَلّ خُلّتي
|
ودُونَكَ بحْراً خُضْتُهُ، وقَفَ الأُلى |
إليكِ، ومَن لي أن تكونَ بقبضَتي
|
وما أنا بالشَّاني الوفاة َ على الهوَى |
وشأني الوفَا تأتي سِواهُ سجيَّتي
|
وماذا عسى عنِّي يُقالُ سِوى قضَى |
فُلانٌ، هوًى ، مَن لي بِذا، وهْو بُغيَتي
|
أجَلْ أجَلي أرضى انقِضاهُ صبَابَة ً، |
ولا وصْلَ، إن صَحّتْ، لحبّك، نسبتي
|
وإنْ لمْ أفُزْ حَقاً إليكِ بِنِسبَة ٍ |
لعزَّتها حسبي افتخاراً بتهمة ِ
|
ودونَ اتّهامي إنْ قَضَيْتُ أسًى فما |
أسأتُ بنفسٍ بالشهادة ِ سُرَّتِ
|
ولي منكِ كافٍ إن هَدَرْتِ دمي، ولم |
أُعدَّ شهيداً علمُ داعي منيَّتي
|
ولم تَسْوَ روحي في وِصالِكِ بَذلَها |
لدَى لِبَونٍ بينَ صونٍ وبذلة ِ
|
وإني، إلى التّهديدِ بالموتِ، راكنٌ، |
ومَن هولِهِ أركانُ غيري هُدَّت
|
ولم تعسِفي بالقتلِ نفسِي بل لها |
بهِ تُسعفي إن أنتِ أتلفت مُهجتي
|
فإنْ صحَّ هذا القالُ منكِ رفعتِني |
وأعليتِ مقداري وأغليتِ قيمتي
|
وها أنا مستدعٍ قضاكِ وما بهِ |
رضاكِ ولا أختارُ تأخيرَ مدَّتي
|
وعِيدُكِ لي وعدٌ، وإنجازُهُ مُنى |
ولي بغيرِ البعدِ إن يُرمَ يثبتِ
|
وقد صِرتُ أرجو ما يُخافُ، فأسعِدي |
به روح ميت للحياة استعدت
|
وبي مَن بها نافسْتُ بالرّوحِ سالِكاً |
سبيلَ الأُلى قَبلي أبَوا غيرَ شِرْعتي
|
بِكُلّ قَبِيلٍ كَم قَتِيلٍ بها قَضَى |
أسى لم يفز يوماً إليها بنظرة ِ
|
وكمْ في الورى مثلي أماتتْ صبابة ً |
ولوْ نَظَرَتْ عَطْفاً إليهِ لأحْيَتِ
|
إذا ماأحَلّتْ، في هواها، دَمي، فَفي |
ذُرى العِزّ والعَلْياءِ قَدري أحَلّتِ
|
لعمري وإن أتلفتُ عمري بحبِّها |
ربحتُ وإن أبلت حَشاي أبلّتِ
|
ذللتُ لها في الحيِّ حتى وجدتُني |
وأدنى منالٍ عندهمْ فوقَ همَّتي
|
وأخْمَلَني وَهناً خُضُوعي لهمْ، فلَمْ |
يَرَوني هَواناً بي مَحَلاًّ لخِدمتي
|
ومِنْ دَرَجاتِ العِزّ أمْسَيْتُ مُخلِداً |
إلى ردكاتِ الذُّلِّ من بعدِ نخوَتي
|
فلا بابَ لي يُغشى ولا جاهَ يُرتجى |
ولاجَارَ لي يُحْمى لِفَقْدِ حَمِيّتي
|
كأنْ لمْ أكن فيهم خطيراً ولم أزلْ |
لديهم حقيراً في رخاءِ وشدَّة ِ
|
فلو قيلَ من تهوى وصرَّحتُ باسمِها |
لَقيلَ كنَى أوْ مسَّهُ طيفُ جِنَّةِ
|
ولوعَزّ فيها الذّلُّ ما لَذّ لي الهوى ، |
على حَسَبِ الأفعالِ، في كُلّ مُدّتي
|
فَحالي بِها حالٍ بِعَقلِ مُدَلَّة ٍ، |
وصِحّة ِ مَجْهودٍ وعِزِّ مَذَلّة ِ
|
أسرَّت تمنِّى حبِّها النَّفسُ حيثُ لا |
رقيبَ حجاً سرّاً لسرِّي وخصَّتِ
|
فأشفقتُ من سيرِ الحديثِ بسائري |
فتعرِبُ عن سرى عبارَة عبرتِي
|
يُغالِطُ بَعضي عنهُ بعضي، صِيانَة ً، |
ومَيني، في إخفائهِ، صِدقُ لَهْجَتي
|
ولمَّا أبتْ إظهارهُ لجوانحِي |
بَديهَة ُ فِكري، صُنْتُهُ عن رويّتي
|
وبالغتُ في كتمانهِ فنسيتُهُ |
وأُنسيتُ كَتمي ما إليهِ أسَرّتِ
|
فإن أجنِ مِن غرْسِ المُنى ثَمَرَ العَنا، |
فِلَّلهِ نفسٌ في مُناها تمنَّتِ
|
وأحلى أماني الحُبّ، للنفسِ، ما قَضَت |
عَنَاها بهِ منْ أذكَرَتْها وأنستِ
|
أقامَتْ لَها مِي عليّ مُراقِباً، |
خوَاطِرَ قلبي، بالهوَى ، إنْ ألَمّتِ
|
فإن طرقتْ سرّاً من الوهمِ خاطري |
بِلا حاظِرٍ، أطرَقْتُ إجلالَ هيبَة ِ
|
ويطرَفُ طرفي إن هممتُ بنظرة ِ |
وإن بُسِطتْ كفِّي إلى البَسطِ كفَّتِ
|
ففي كلِّ عضوٍ في إقدامُ رغبة ٍ |
ومن هيبة ِ الاعظامِ إحجامُ رهبة ِ
|
لِفِيّ وسَمعي فيّ آثارُ زِحْمَة ٍ |
عليها بَدَتْ عِندي كإيثارِ رحمة ِ
|
لساني إنْ أبدَى إذا ماتلا اسمها |
له وصفُه سمعي وما صمَّ يصمُتِ
|
وأذني إن أهدى لساني ذكرَها |
لقلبي ولم يستعبدِ الصَّمتَ صُمّتِ
|
أغارُ عليها أن أهيمَ بِحُبّها، |
وأعرِفُ مِقداري، فأُنكرُ غيرَتي
|
فتُختَلَسُ الرّوحُ ارتياحاً لها، وما |
أبرِّئُ نفسي من توهُّمِ مُنية ِ
|
يراها على بعدٍ عن العينِ مسمعي |
بطيفِ ملامٍ زائرٍ حين يقطتي
|
فَيَغْبِطُ طَرفي مِسمَعي عندَذِكرها، |
وتَحْسِدُ، ما أفنَتْهُ مِنّي، بقيّتي
|
أممتُ أمامي في الحقيقة ِ فالورَى |
ورائي، وكانتْ حَيثُ وجّهتُ وجهتي
|
يراها أمامي في صلاتي ناظري |
ويشهدُني قلبي أمامَ أئمَّتي
|
ولا غروَ إن صلَّى الإمامُ إليَّ إنْ |
ثوَتْ في فُؤادي وهي قِبلة ُ قبلتي
|
وكلُّ الجهاتِ السِّتِّ نحوي توجَّهت |
بما تمَّ من نُسكٍ وحجٍّ وعمرة ِ
|
لها صلواتي بالمقامِ أُقيمها |
وأشهَدُ فيها أنّها ليَ صَلّتِ
|
كِلانَا مُصَلٍّ واحِدٌ، ساجِدٌ إلى |
حقيقَتِهِ، بالجمعِ، في كلّ سجدَة ِ
|
وما كان لي صَلّى سِواي، ولم تكن |
صلاتي لغيري في أدا كلِّ ركعة ِ
|
إلى كم أُواخي السِّتْرَ ها قد هتَكتُهُ، |
وحلُّ أُواخي الحُجبِ في عقدِ بيعتي
|
مُُنِحْتُ ولاهاً يومَ لا يومَ قبلَ أنْ |
بَدَتْ عند أخذِ العهْدِ، في أوّليّتي
|
فِنلتُ ولاهاً لابسمعِ وناظرٍ |
ولا باكتسابٍ واجتلابِ جبلَّة ِ
|
وهِمْتُ بها في عالمِ الأمرِ حيثُ لا |
ظهورٌ وكانت نَشوتي قبلَ نشأتي
|
فأفنى الهوى ما لم يكُنْ ثَمّ باقياً، |
هُنا، من صِفاتٍ بينَنا فأضمحلّتِ
|
فألفيتُ ما ألقَيتُ عنّيَ صادراً |
إليَّ ومنِّي وارداً بمزيدَتي
|
وشاهدتُ نفسي بالصِّفاتِ الّتي بها |
تحجَّبتِ عنِّي في شُهودي وحِجبَتي
|
وإني التي أحبَبْتُها، لامَحالة ً، |
وكانت لها نفسي عليَّ مُحيلَتي
|
فهامَتْ بها من حيثُ لم تدرِ، وهيَ في |
شُهودي، بنفس الأمرِ غير جَهولَة ِ
|
وقدْ آن لي تفصيلُ ما قلتُ مُجملاً |
وإجمالُ ما فصَّلتُ بسطاً لبسطَتي
|
أفادَ اتخاذي حُبَّها، لاتّحادنا، |
نوادرُ عن عادِ المحبِّينَ شذَّتِ
|
يَشي لي بَي الواشي إليها، ولائمي |
عليها، بها يُبدي، لديها، نَصيحَتي
|
فأوسِعُهَا شكراً وماأسلفَتْ قِلَى ً |
وتمَنحُنِي بِرّاً لصدقِ المحبَّة ِ
|
تقرَّبتُ بالنَّفسِ احتساباً لها ولمْ |
أَكنْ راجِياً عنها ثواباً، فأدنَتِ
|
وقدَّمتُ مالي في مآليَ عاجلاً |
وما إنْ عساها أنْ تكونَ مُنِيلتَي
|
وخلَّفتُ خلفي رؤيتي ذاكَ مخلصاً |
ولستُ براضٍ أن تكونَ مطيَّتي
|
ويمَّمنا بالفَقْرِ لكِنْ بوَصْفِهِ |
غَنِيتُ، فألقَيتُ افتِقاريِ وثَرْوَتي
|
فأثنيتَ لي إلقاءُ فقري والغَنَى |
فضيلة َ قصدي فاطَّرحتُ فضيلَتي
|
فلاحَ فلاحي في اطّراحي، فأصبحتْ |
ثوابي لا شيئاً سِواهَا مُثيبَتي
|
وظِلْتُ بها، لا بي، إليها أدُلّ من |
بهِ ضلَّ عن سُبلِ الهدى وهي دلَّتِ
|
فَخَلِّ لها، خُلّي، مُرادَكَ، مُعْطِياً |
قِيادَك من نفسٍ بها مطمئنَّة ِ
|
وأمسِ خَليّاً من حُظوظِكَ، واسمُ عن |
حضيضِكَ، واثبُتْ، بعد ذلكَ تنبُتِ
|
وعُد من قريب واستجب واجتنب غداً |
أشمِّر عن ساقِ اجتهادٍ بنهضة ِ
|
وكن صارِماً كالوقتِ، فالمَقْتُ في عسى ، |
وإيَّاك علاَّ فهيَ أخطرُ علَّة ِ
|
وفي عِلمِهِ، عن حاضِريهِ مزِيَّة ٌ، |
نشاطاً ولا تُخلد لعجزٍ مفوِّتِ
|
وسِرزمناً، وانهض كسيراً، فَحَظّك الـ |
وما ظَفِرَتْ، بالوُدّ، روحٌ مُراحة ٌ،
|
وَأقدِمْ، وقَدّمْ ما قَعدتَ لهُ معَ الـ |
ـخوالِفِ، وَاخرُجْ عن قيود التّلفّتِ
|
وجُذّ بسيفِ العزمِ سوفَ فإن تجدْ |
نفساً فالنَّفسُ إن جُدتَ جَدَّتِ
|
وأقبِلْ إليها، وانحُها مُفلِساُ، فقدْ |
وصَيتَ لِنُصحي، إن قبِلتَ نصحيتي
|
فلم يَدنُ منها موسِرٌ باجتِهادِهِ، |
وعنها بهِ لم ينأَ مؤثرُ عسرَة ِ
|
بذاكَ جرى شرطُ الهوى بين أهلهِ |
وطائفة ٌ، بالعَهْدِ، أوفَتْ فوَفَّت
|
متى عصفَتْ ريحُ الولا فصفتْ أخا |
غَناء، ولو بالفَقرِ هَبّتْ لَرَبّت
|
وأغنى يمينٍ باليسارِ جزاؤها |
مُدى القطعِ ما للوصلِ في الحبِّ مُدَّتِ
|
وأخلِص لها واخْلصْ بها عن رُعونة ِ افـ |
تقارِكَ من أعمالِ برٍّ تزكَّتِ
|
وعادِ دواعي القيلِ والقالِ، وانجُ من |
عوادي دعاوٍصدقُها قصدُ سُمعة ِ
|
فألسُنُ مَن يُدْعى بألسَنِ عارِفِ، |
وقد عُبِرَتْ كل العِباراتِ، كَلّتِ
|
وما عنه لم تُفضَحِ، فإنّكَ أهلُهُ، |
وأنتَ غريبٌ عنه، إن قلتَ، فاصْمتِ
|
سَمِعْتَ سِواها، وهيَ في الحُسْنِ أبْدَتِ |
غدا عبْدَه من ظَنَّه خَيرَ مُسكِتِ
|
فكُنْ بصراً وانظر وسمعاً وعهْ وكنْ |
لساناً وقُل فالجمعُ أهدَى طريقة ِ
|
ولاتتّبِعْ منْ سَوّلَتْ نفسُهُ لَهُ، |
فصارَتْ لهُ أمَّارة ً واستمرَّتِ
|
ودَعْ ما عداهَا واعدُ نفسكَ فهي منْ |
عِدَاها وعذ منها بأحصَنِ جُنَّة ِ
|
فنَفْسيَ كانَتْ، قبلُ، لَوّامَة ً متى |
أُطعّها عصَتْ، أوْ أعصِ عنها مُطيعَتي
|
فأوردتُها ماالموتُ أيسرُ بعضِهِ |
وأتْعَبْتُها، كَيما تَكون مُريحتي
|
فعادتْ، ومهما حُمّلَتْهُ تحَمّلَتْـ |
ـهُ مِنّي، وإنْ خَفَـفْتُ عنهاتأذَّي
|
وكلفْتهُا، لاْبلْ كَفلْتُ قيامها |
بتكليفيها حتى كلْفتُ بِكْلفتي
|
وأذهبتُ في تهذيبها كلَّ لذَّة ٍ |
بإبعادِها عن عادِها، فاطمأنّتِ
|
ولم يبقَ هولٌ دونهَا ما ركبتُهُ |
وأشهَدُ نفسي فيهِ غيرَ زَكيّة ِ
|
وكلُّ مقامٍ عن سلوكٍ قطعتُهُ |
عُبودِيّة ً حَقّقْتُها، بعُبودة ِ
|
وصرتُ بِها صَبّاً، فلمّا تركْتُ ما |
أُريدُ، أرادَتْني لها وأحبّتِ
|
فَصِرْتُ حبيباً، بل مُحِبّاً لِنفْسِهِ، |
وليسَ كقَولٍ مَرّ، نفسي حبيبتي
|
خَرَجْتُ بها عنّي إليها، فلم أعُدْ |
إليَّ ومثلي لا يقولُ برجعة ِ
|
وأفْرَدْتُ نفسي عن خُروجي، تكرّماً، |
فلمْ أرضهَا من بعدِ ذاكَ لصحبَتي
|
وغَيّبْتُ عن إفرادِ نفسي، بحيثُ لا |
يُزاحمُني إبداءُ وصفٍ بحضرَتي
|
وهاأنا أُبدي، في اتّحاديَ، مَبدَئي، |
وأُنهي انتهائي في تواضُعِ رِفعَتي
|
جَلَتْ، في تَجَلّيها، الوُجودَ لِناظري، |
ففي كلِّ مرئيٍ أراها برؤية ِ
|
وأُشهِدْتُ غَيبي، إذ بَدتْ، فوجدتُني، |
هُنالكَ إيّاها بجلوة ِ خلوتي
|
وطاحَ وُجودي في شُهودي، وبِنْتُ عن |
وُجودِ شُهودي، ماحياً، غيرَمُثبِتِ
|
وعانقتُ ما شاهدتُ في محوِ شاهدي |
بمَشهدِهِ للصّحْوِ، من بَعْد سَكرَتي
|
لِيجمَعَ شَملي كُلُّ جارِحة ٍ بها، |
وذاتي بذاتي إذ تحَلت تجلَّتِ
|
فَوصْفيَ، إذ لم تُدْعَ باثنَينِ، وَصْفُها، |
وهيئتُهَا إذ واحدٌ نحنُ هيئتي
|
فإن دُعِيَتْ كنتُ المُجيبَ وإن أكنْ |
منادًى أجابت منْ دعاني ولبَّتِ
|
وإن نَطَقَتْ كنْتُ المُناجي، كذاك إن |
قصَصتُ حديثاً إنَّما هي قصَّتِ
|
فقدْ رُفعتْ تاءُ المخاطَبِ بيننا |
وفي رفعِهَا عن فُرقة ِ الفرقِ رفعتي
|
فإن لم يُجوِّزْ رؤية َ اثنين واحداً |
حِجَاكَ ولم يثبت لبُعدِ تثبُّتُ
|
وأُعرِبُ عنها، مُغرِباً، حيثُ لاتَ حيـ |
ـنَ لَبْسٍ، بتَبْيانَيْ سَماعٍ ورؤيَة ِ
|
وأثْبِتُ بالبُرْهانِ قوليَ، ضارباً |
مثالَ محقٍّ والحقيقة ُ عُمدَتي
|
بمتبوعة ٍ يُنبيكَ في الصَّرعِ غيرُها |
على فمِها في مسِّها حيثُ جُنَّتِ
|
ومن لُغَة ٍ تبدو بغيْرِ لِسانِها، |
عليهِ براهينُ الأدلَّة صحتِ
|
وقى العلمِ حقاً أن مبدي غريبِ ما |
سمعتُ سواها وهي في الحسنِ أبدتِ
|
فلو واحِداً أمسَيتَ أصبحْتَ واجِداً، |
مُناَزلة ً ما قلتهُ عن حقيقة ِ
|
ولكنْ على الشِّركِ الخفيُّ عَكَفْتِ لو |
عرفتَ بنفسِ عن هدى الحقِّ ضلَّتِ
|
وفي حُبّهِ مَن عزَّ توحيدُ حِبِّهِ، |
فبالشّركِ يَصلى مِنهُ نارَ قَطيعَة
|
وما شانَ هذا الشّأنَ مِنْكَ سِوى السَّوى |
ودعْواهُ، حقّاً، عنكَ إنْ تُمْحَ تثبُت
|
كذا كنتُ حيناً قبلَ أن يُكشَفَ الغِطَا |
مِنَ اللَّبسِ، لا أنفكُّ عن ثَنَوِيَّة
|
أروحُ بفقدٍ بالشهودِ مؤلِّفي |
وأغدوا بوجدٍ بالوجودِ مشتِّتى
|
يُفرِّقني لي التزاماً بمحضَري |
ويجمعُني سلى اصطلاماً بِغَيْبَتي
|
أخالُ حضيضي الصّحو، والسُّكرَ معرَجي |
إليها ومحوِي مُنتهى قابَ سِدرتي
|
فلمّا جلَوْتُ الغَينَ عنّي اجتَلَيْتُني |
مفيقاً ومني العينُ بالعينِ قرَّتِ
|
ومِن فاقتي، سُكراً، غَنيتُ إفاقة ً، |
لدى فَرقي الثَّاني فَجمعي كَوَحدَتي
|
فجاهِدْ تُشاهدْ فيكَ منكَ وراءَ ما |
وصَفْتُ، سُكوناً عن وُجودِ سَكينة ِ
|
فمِن بعدَ ما جاهدتُ شاهدتُ مشهدي |
وهادي لي إيّاي ، بل بيَ قدرتي
|
وبي موْقفي، لابلْ إليّ تَوَجّهي، |
كذاكَ صَلاتي لي، ومِنّيَ كَعْبتي
|
فلا تَكُ مفتوناً بِحُسْنِكَ، مُعْجباً |
بنفسِك موقوفاً على لبس غرَّة ِ
|
وفارِقْ ضَلالَ الفَرْقِ، فالجمْعُ مُنتِجٌ |
هُدى فِرْقَة ٍ، بالاتّحادِ تَحَدّتِ
|
وصرِّحْ باطلاقِ الجمالِ ولا تقلْ |
بِتَقْييدهِ، مَيلاً لزُخْرُفِ زينَة
|
فكُلُّ مَليحٍ حُسنهُ مِنْ جمالها |
مُعارٌ لهُ، بل حُسنُ كلّ مَليحة ِ
|
بها قيسُ لبنى هامَ بلْ كلُّ عاشقٍ |
كمجنونِ ليلى أو كُثيِّرِ عَزَّة ِ
|
فكُلٌّ صَبا منهُمْ إلى وَصْفِ لَبْسِها، |
بصورة ِ حُسنِ، لاحَ في حُسنِ صورة ِ
|
وما ذاكَ إلاّ أنْ بدَتْ بِمظاهِرٍ، |
فظنُّوا سِواهَا وهيَ فيها تجلَّتِ
|
بدَتْ باحتِجابٍ، واخْتَفَتْ بمظاهِرٍ |
على صِبَغِ التّلوينِ في كُلِّ بَرزَة ِ
|
ففي النّشأة ِ الأولى تَرَاءَتْ لآدَمٍ |
بمظهرِ حوا قبلِ حُكمِ الأمومة ِ
|
فهامَ بها، كَيما يكونَ بهِ أباً، |
ويَظْهَرَ بالزّوجينِ حُكْمُ البُنُوّة ِ
|
وكان ابتدا حُبِّ المظاهِرِ بعضَها |
لِبعْضٍ، ولا ضِدٌّ يُصَدّ بِبِغْضَة ِ
|
وما برحَتْ تبدو وتخفَى لِعلَّة ٍ |
على حسبِ الأوقاتِ في كلِّ حقبة ِ
|
وتَظْهَرُ لِلْعُشّاقِ في كُلِّ مظْهَرٍ، |
مِنَ اللّبسِ، في أشْكال حُسْنٍ بدِيعَة ِ
|
ففي مرَّة ٍ لُبنى وأُخرى بُثينة ً |
وآوِنَة ً تُدعَى بعزَّة َ عزَّتِ
|
ولسنَ سِوَاها لا ولا كُنَّ غيرهَا |
وما إنْ لها، في حُسْنِها، مِنْ شَريكَة ِ
|
كَذاكَ بِحُكْمِ الإتّحادِ بِحُسْنِها، |
كما لي بَدَتْ، في غَيْرِها وَتَزَيّتِ
|
بدوتُ لها في كلِّ صبّ متيَّمٍ |
بأيِّ بديعٍ حُسْنُهُ وبِأيّة ِ
|
وَلَيْسوا، بِغَيري في الهوَى ، لتَقَدّمٍ |
عليَّ لسبقٍ في اللَّيالي القديمة ِ
|
وما القَومُ غَيري في هَواها، وإِنّما |
ظهرتُ لهم للَّبس في كلِّ هيئة ِ
|
ففي مرَّة ٍ قيساً وأخرى كُثيراً |
وآونة ً أندو جميلَ بُثينة ِ
|
تَجَلّيْتُ فيهِمْ ظاهِراً، واحْتَجَبْتُ با |
طِناً بهِمِ، فاعْجَبْ لِكَشْف بِسُتْرة ِ
|
وهُنَّ وهم لا وهنَ وهمٍ مظاهرٌ |
لنا، بِتَجَلّينا بِحُبٍ ونَضْرَة ِ
|
فكُلُّ فتى حُبٍّ أنا هُوَ، وهيَ حِبـ |
بُّ كلِّ فتى والكلُّ أسماءُ لُبسة ِ
|
أسامٍ بهاكنتُ المسمَّى حقيقة ً |
وكنتُ ليَ البادي بِنَفْسٍ تَخْفّتِ
|
ومازلتُ إيَّاها وإيَّايَ لم تزلْ |
ولافرقَ بل ذاتي لذاتي أحبَّتِ
|
وليسَ معي، في المُلكِ شيءٌ سِوايَ، |
معيَّة ُ لم تخطُرْ على ألمعيَّة ِ
|
وهذِي يدي لا أنّ نفسي تخوَّفتْ |
سواي، ولا غيري لخيري ترجت
|
ولا ذُلَّ إخمالٍ لِذِكري تَوَقّعَتْ، |
ولا عِزّ إقبالٍ لشكري توخّتِ
|
ولكن لصدِّ الضّدِّ عن طعنه على |
عُلا أولياءِ المنجدينَ بنجدتي
|
رجعتُ لأعمالِ العبادة ِ عادة َ |
وأعدَدْتُ أحوالَ الإرادة ِ عُدّتي
|
وعُدتُ بنسكي بعد هتكي وعُدتُ منْ |
خلاعة ِ بسطي لانقباضٍ بعفّة ِ
|
وصُمتُ نهاري رغبة ً في مثوبة ٍ |
واَحْيَيْتُ ليلي، رَهبْة ً مِن عُقوبَة
|
وعمّرْتُ أوقاتي بِوردٍ لِوارِدٍ، |
وصَمتٍ لسمتٍ واعتكافٍ لحرمة ِ
|
وبنتُ عَنِ الأوطانِ هجرانَ قاطعٍ |
مُواصلة َ الإخوانِ واخترت عُزلتي
|
ودققتُ فكري في الحلالِ تورُّعاً |
وراعيتُ، في إصلاحِ قُوتيَ، قُوّتي
|
وأنْفـَقْتُ مِن يُسْرِ القَناعة ِ، راضِياً |
من العيشِ في الدُّنيا بأيسَرِ بُلغة ِ
|
وهَذّبْتُ نفسي بالرياضَة ِ، ذاهِباً |
إلى كشفِ ما حُجبُ العوائدِ غطّتِ
|
وَجَرَّدتُ، في التجريدِ، عزمي، تَزَهُداً، |
وآثَرْتُ، في نُسكي، اسْتِجابَة َ دعوتي
|
متى حِلتُ عن قولي أناهِيَ أو أقُلْ |
وحاشَا لمثلي أنَّها في حلّتِ
|
ولَسْتُ على غيبٍ أحيلُكِ، لاولا |
على مُستحيلٍ، موجِبٍ سَلْبَ حيلَتي
|
وكيفَ، وباسْمِ الحقّ ظلّ تحَقُّقي، |
تكونُ أراجيفُ الضّلالِ مُخيفَتي
|
وها دِحْيّة ٌ، وافى الأمينَ نبيَّنا، |
بِصورَتهِ، في بَدْءِ وحْيِ النّبوءة ِ
|
أجبريلُ قُل لي كانَ دحية َ إذ بدا |
لِمُهدي الهُدى ، في هَيئة ٍ بَشَريّة
|
وفي علمِهِ من حاضريهِ مزيّة ٌ |
بماهيّة ِ المرئيِّ من غيرِ مرية ِ
|
يرى مَلَكاً يُوحي إليهِ وغيرُهُ |
يَرى رَجُلاً يُدْعى لَديهِ بِصُحْبَة
|
ولي، مِن أتَم الرُّؤيتينِ، إشارَة ٌ، |
تُنزِّهُ عن رأى الحلولِ عقيدتي
|
وفي الذِّكرِ ذكرُ اللبس ليس بمنكرٍ |
ولم أعْدُ عن حُكمَي كِتابٍ وِسُنَّة ِ
|
منحتُكَ علماً إنْ تُرِدْ كشفَهُ فَردْ |
سَبيليَ، واشْرَعْ في اتِّباعِ شَريعَتي
|
فمتبَعُ صدِّى من شرابٍ نقيعهُ |
لديّ فدعني من سراب بقيعةٍ
|
ودونك بحرًا خضته وقف الأُلى |
بِساحِلِهِ، صَوناً لِموْضِعِ حُرْمتي
|
ولاتَقْرَبوا مالَ اليتيمِ، إشَارَة ٌ |
لكفِّ يدٍ صُدَّتْ له إذ تصدّتِ
|
ومانالَ شيئاً منهُ غيري سوى فتَى |
على قدمي في القبضِ والبسطِ ما فتَى
|
فلا تَعشُ عن آثارِ سَيريَ، واخشَ غَيْـ |
ـنَ إيثارِغيري، واغشَ عَينَ طريقتي
|
فؤادي وَلاها، صاحِ، صاحِي الفؤادِ في |
ولاية ِ أمري داخلٌ تحتَ إمرتي
|
ومُلكُ مَعالي العِشْقِ مُلكي، وجنديَ الـ |
مَعاني وكلُّ العاشقينَ رعيَّتي
|
فتى الحبّ، ها قد بِنتُ عنهُ بحُكمِ مَن |
يراهُ حِجاباً فالهوَى دونَ رُتبتي
|
وجاوزتُ حدَّ العشقِ فالحبُّ كالقلى |
وعني شأوِ معراجِ اتّحاديَ رحلتي
|
فطِبْ بالهَوَى نَفساً، فقد سُدتَ أنفُسَ الـ |
ـعِبادِ مِنَ العُبّادِ، في كُلّ أُمّة ِ
|
وغيري على الاغيارِ يُثني، وللسّوى ، |
بظاهِرِ أعمالٍ ونفسٍ تزكتِ
|
وجُزْ مُثْقَلاً، ولو خَفّ طَفّ موُكَّلاً |
بمنقولِ أحكامٍ، وَمَعْقولِ حِكْمة
|
وحُزبالولاميراثَ أرفعِ عارفٍ |
غدا همُّهُ إيثارَ تأثيرِ هِمَّة ِ
|
وتِهْ ساحباً، بالسُّحبِ، أذيالَ عاشِقٍ، |
بوصلٍ على أعلى المجرَّة ِ جُرَّتِ
|
وجُلْ في فُنونِ الإتّحادِ ولاتَحِدْ |
إلى فِئة ٍ، في غيرِهِ العُمْرَ أفنَتِ
|
فواحِدُهُ الجَمُّ الغَفيرُ، ومَنْ غَدا |
هُ شِرذمة ٌ حُجَّتْ بأبلغِ حُجَّة ِ
|
قمتَّ بمعناهُ وعِشْ فيهِ أو فمُتْ |
مُعَنّاهُ، واتْبَعْ أمّة ً فيهِ أمّتِ
|
فأنتَ بهذا المَجدِ أجدَرُ من أحي اجْـ |
ـتِهادٍ، مُجِدٍّ عن رجاءٍ وخِيفَة ِ
|
وغَيرُ عَجيبٍ هَزُّعِطفيكَ، دونَهُ، |
بِأهنَا وأنهَى لذَّة ٍ ومسرَّة ِ
|
وأوصافُ مَنْ تُعزى إليهِ، كمِ اصطَفَتْ |
مِنَ النَّاسِ منْسيّاً وأسماهُ أسمَتِ
|
وأنتَ على ما أنتَ عنِّى نازحٌ |
وليسَ الثُّريَّا، للثَّرى ، بِقَرينَة ِ
|
بِها كعِباراتٍ، لدَيكَ جَلِيّة ِ |
ق طورِكَ حيثُ النَّفسُ لم تكُ ظُنَّتِ
|
وحَدُّكَ هذا، عندَهُ قفْ، فَعنهُ لوْ |
تقدَّمتَ شيئاً لاخترقتِ بجذوة ِ
|
وَقَدري، بحيثُ المرْءُ يُغْبَطُ دونهُ |
سُمُوّاً ولكن فوق قدركَ غِبْطتي
|
وكلُّ الورى أبناءُ آدمَ غيرَ حوْ |
ـي حُزْتُ صَحْوَ الجمعِ، من بينِ إخْوَتي
|
فسعي كليميُّ وقلبي منبَّأُ |
بأحمد رؤيا مقلة أحمدية
|
وروحي للأرواح روح وكل ما |
ترى حَسَناً في الكونِ من فيضِ طينتي
|
فذرْ لي ما قبلَ الظهورِ عرفتُهُ |
خصوصاً وبي لم تدرِ في الذَّرِّ رُفقتي
|
ولا تُسمِني فيها مُريداً فمَنْ دُعي |
مُراداً لها جَذباً فقيرٌ لعصمتي
|
وألغِ الكُنى عنِّي ولا تَلغُ ألكَناً |
بها فهيَ من آثارِ صيغة ِ صنعَتي
|
وعنْ لَقَبي بالعارِفِ ارْجِعْ فإنْ تَرَ الـ |
تَّنابُزَ بالألقابِ في الذِّكرِ تُمقَتِ
|
فأصْغَرُ أتباعي على عينِ قلْبهِ، |
عرَائِسُ أبكارِ المَعارِفِ، زُفَّتِ
|
جنَى ثمرَ العرفانِ من فرعِ فِطنة ٍ |
زكا بِاتّباعي، وهُوَ مِنْ أصلِ فِطرَتي
|
فإنْ سيلَ عن مَعنًى أتَى بغرائبٍ، |
عن الفهمِ جلَّتِ بلْ عنْ الوهمِ دقَّتِ
|
ولاتدعُني فيها بنَعتٍ مُقَرَّبٍ، |
أراهُ بِحُكمِ الجمعِ فَرْقَ جريرَة ِ
|
فوَصْليَ قَطعي، واقترابي تَباعُدي، |
وودِّي صَدِّى وانتهائي بَدَاءتي
|
وفي مَنْ بها ورَّيتُ عنِّي ولمْ أُرِدْ |
سوايَ، خَلَعتُ اسمي ورَسمي وكُنيتي
|
فسِرْتُ إلى ما دونَه وَقَفَ الأُلى ، |
وضلَّتْ عقولٌ بالعوائدِ ضلَّتِ
|
فلا وصفَ لي والوصفُ رسمٌ كذاكَ الاسـ |
سم وَسمٌ، فإن تَكني، فكَنّ أو انعَتِ
|
ومِن أنا إيّاها إلى حيثُ لا إلى |
عرَجتُ، وعطّرْتُ الوُجودَ برَجعتي
|
وعنْ أنا إيَّايَ لباطن حكمة ٍ |
وظاهِرِ أحكام، أُقيمَتْ لدَعوَتي
|
فغاية ُ مجذوبي إليها ومُنتهى |
مُراديهِ ما أسلفتُهُ قبلي توبتي
|
ومنِّي أوجُ السابقينَ بزعمهِمْ |
حَضيضُ ثرَى آثارِموضِعِ وَطْأتي
|
وآخرُ ما بعدَ الاشارة ِ حيثُ لا |
تَرَقّي ارتفاعٍ، وضْعُ أوّلِ خَطوتي
|
فما عالِمٌ إلاّ بفَضلِيَ عالِمٌ |
و لا ناطِقٌ في الكَونِ إلاّ بمِدْحَتي
|
ولاغَرْوَ أن سُدْتُ الأُلى سَبَقوا، وقد |
تمسَّكتُ من طهَ بأوثقِ عُروة ِ
|
عليها مَجازيٌّ سَلامي، فإنّما |
حقيقتُهُ مِني إليّ تحيّتي
|
وأطيبُ ما فيها وجدتُ بِمبتدا |
غرامي، وقد أبدى بها كُلَّ نَذْرَة ِ
|
ظهوري وقدْ أخفيتُ حاليَ مُنشداً |
بها، طَرَباً، والحالُ غيرُخَفيّة ِ
|
بَدَتْ، فرأيتُ الحَزْمَ في نَقضِ توبتي، |
و قامَ بها عندَالنُّهى عُذْرُمحنَتي
|
فمنها أماني من ضنى جَسَدِي بها، |
أمانيُّ آمالٍ سَخَتْ ثمَّ شحَّتِ
|
وفيها تَلافي الجِسْمِ، بالسُّقمِ، صِحّة ٌ |
له وتلافُ الَّنفسِ نفسُ الفئوَّة ِ
|
ومَوتي بها، وجْداً، وحياة ٌ هَنيئة ٌ، |
وإنْ لم أمُتْ في الحُبِّ عِشتُ بِغُصّة ِ
|
فيامُهجتي ذوبي جوى ً وصبابة ً |
ويا لوعَتي كوني، كذاكَ، مُذيبتي
|
ويانارَ أحشائي أقيمي من الجوَى |
حنايَا ضُلوعي فهيَ غيرُ قويمة ِ
|
ويا حُسنَ صبري في رِضى من أُحبُّها |
تجمّلْ، وكُنْ للدّهرِ بي غيرَ مُشمِتِ
|
ويا جَلَدي في جنبِ طاعة ِ حُبِّها |
تحمَّل عَداَكَ الكَلُّ كُلَّ عظيمة ِ
|
ويا جسَدي المُضنَى تسَلَّ عن الشِّفَا |
ويا كبِدي منْ لي بأنْ تتَفتَّتي
|
ويا سقَمي لا تُبْقِ لي رمقاً فقدْ |
أبيتُ، لبُقيْا العِزِّ، ذُلّ البَقيّة ِ
|
ويا صحَّتي ما كانَ من صُحبتي انْقضى |
ووصلُك في الأحشاءِ ميتاً كهجرَة ِ
|
ويا كلّ ماأبقى الضّنى منّيَ ارتحِلْ، |
فما لكَ مأوى ً في عظامٍ رَميمة ِ
|
ويا ما عسَى منّي أُناجي، تَوَهّماً |
بياءِ النَّدا أُونِستُ منكَ بوحشة ِ
|
وكلُّ الَّذي ترضاهُ والموتُ دونَهُ |
بهِ أنا راضٍ، والصّبابة ُ أرضَتِ
|
ونَفسِيَ لم تَجزَعْ بإتلافِها أسى ً، |
ولو جَزِعَتْ كانت بغيري تأسَّتِ
|
وفي كُلِّ حيٍّ كلُّ حيٍّ كَميِّتٍ |
بها، عِنْدهُ قَتلُ الهَوى خيرُ مَوْتَة ِ
|
تجمَّعتِ الأهواءُ فيها فمَا ترى |
بها غَيرَ صَبٍّ، لا يرى غيرَصَبْوَة ِ
|
إذا سَفَرَتْ في يومِ عيدٍ تزاحمَتْ |
على حُسنهِا أبصارُ كلِّ قبيلة ِ
|
فأرواحُهُم تصبُوا لِمعنى جمالِهَا |
وأحداقُهُم من حُسنِها في حديقة ِ
|
وعنديَ عيدي كُلَّ يومٍ أرى بهِ |
جَمالَ مُحَيّاها، بعَينٍ قريرة ِ
|
وكلُّ اللَّيالي ليلة ُ القدرِ إنْ دنَتْ |
كما كُلُّ أيَّامِ اللِّقا يومُ جُمعة ِ
|
وسعي لها حجٌّ بهِ كُلُّ وَقفة ٍ |
على بابها قدْ عادلَتْ كُلَّ وَقفة ِ
|
وأي بلادِ اللّهِ حَلّتْ بها، فما، |
أراها، وفي عيني حَلَتْ، غيرَ مكّة ِ
|
وأيُّ مكانٍ ضمَّها حرمٌ كذا |
أرى كلّ دارٍ أوْطَنَت دارَهِجْرَة ِ
|
وما سكَنَتْهُ فَهوَ بَيتٌ مُقَدَّسٌ، |
بقرَّة ِ عيني فيهِ أحشايَ قرَّتِ
|
ومَسجِدِي الأقصَى مساحِبُ بُرْدها |
وطيبي ثَرى أرضٍ، عليها تمَشّتِ
|
مواطنُ أفراحي ومربَى مآربي |
وأطوارُ أوطاري ومأمنُ خِيفتي
|
مَغانٍ، بِها لم يَدخُلِ الدّهرُ بيننا، |
ولا كادَنا صرْفُ الزّمانِ بفُرقَة ِ
|
ولاسَعتِ الأيَّامُ في شَتِّ شملِنَا |
ولا حكمت فينا اللَّيالي بِجفوة ِ
|
ولا صبَّحتنا النَّائباتُ بِنَبْوَة ٍ |
ولا حَدَّثَتنا الحادِثاتُ بنَكبَة ِ
|
ولا شنَّعَ الواشي بصدٍّ وهجرة ٍ |
ولا أرجَفَ اللَّلاحي ببيْنٍ وسلوَة ِ
|
ولا استيقظتْ عينُ الرَّقيبِ ولمْ تزلْ |
عليَّ لهَا في الحبِّ عيني رقيبتي
|
ولا اختُصّ وَقتٌ دونَ وقتٍ بطَيبَة ٍ، |
بها كلُّ أوقاتي مواسِمُ لذَّة ِ
|
نهاري أصيلٌ كلُّهُ إن تنسَّمتْ |
أوائيلُهُ مِنها برَدّ تحِيّتي
|
وليلي فيها كلهُ سحَرٌ إذا |
سرَى لي منها فيهِ عرفُ نُسيمة ِ
|
وإن طَرَقتْ لَيلاً، فشَهرِيَ كُلّهُ |
بها ليلة ُ القدرِ ابتهاجاً بزورة ِ
|
وإن قَرُبَتْ داري، فعاميَ كُلّهُ |
ربيعُ اعتدالٍ، في رِياضٍ أريضَة ِ
|
وإنْ رَضيتْ عني، فعُمريَ كُلُّهُ |
زمانُ الصّبا، طيباً، وعصرُ الشبيبَة ِ
|
لئن جمعَتْ شملَ المحاسنِِِ صورة ً |
شَهِدْتُ بها كُلّ المَعاني الدّقيقَة ِ
|
فقَدْ جَمَعَتْ أحشايَ كلَّ صَبابة ٍ، |
بها وجوى ً يُنبيكَ عن كلِّ صبوة ِ
|
ولِمْ لا أُباهي كُلّ مَن يدّعي الهوَى |
بها وأُناهي في افتخاري بحُظوة ِ
|
وقد نِلْتُ منها فوْقَ ما كنتُ راجياً، |
وما لم أكنْ أمّلتُ من قُرْبِ قُربَتي
|
وأرغَمَ أنفَ البَينِ لُطْفَ اشتِمالِها |
عليَّ بما يُربى على كلَّ مُنية ِ
|
بها مثلَما أمسَيتُ أصْبَحتُ مُغرَماً، |
وما أصبحتْ فيهِ من الحسنِ أمستِ
|
فلو ْمنحتْ كلّ الوَرى بعضَ حُسنها، |
خَلا يوسُفٍ، ما فاتَهُمْ بِمَزِيّة ِ
|
صرَفتُ لها كُلّي، على يدِ حُسنِها، |
فضاعفَ لي إحسانُها كلَّ وصلَة ِ
|
يُشاهِدُ منّي حُسنَها كُلُّ ذَرّة ٍ، |
بها كلُّ طرفٍ جالَ في كلِّ طرفة ِ
|
ويثنى عليها فيَّ كلُّ لطيفة ٍ |
بكُلّ لِسانٍ، طالَ في كُلّ لَفظَة ِ
|
وأنشَقُ رَيّاها بِكُلّ دَقيقَة ٍ، |
بها كلُّ أنفٍ ناشقٍ كلَّ هبَّة ِ
|
ويسمعُ مني لفظها كلُّ بضعة ٍ |
بها كلُّ سمعٍ سامعٍ متنصِّتِ
|
ويَلْثُمُ منّي كُلُّ جُزْءٍ لِثامَها |
بكلِّ فمٍ في لَئمهِ كلُّ قبلة ِ
|
وسارَومَتنُ الرّيحِ تحتَ بِساطِه، |
بهِ كلُّ قلبٍ فيهِ كلُّ محبَّة ِ
|
وأغرَبُ ما فيها استَجَدتُ، وجادَ لي، |
بهِ الفتحُ كشفاً مذهباً كلَّ ريبة ِ
|
شُهودي بعَينِ الجمعِ كلَّ مُخالِفٍ، |
وليَّ ائتلافٍ صدُّهُ كالمودَّة ِ
|
أحبّنيَ اللاحي، وغار، فلامني |
وهامَ بها الواشي فجارَ برقبة ِ
|
فشكري لهذا حاصلٌ حيثُ برُّها |
لِذا واصلٌ والكلُّ آثارُ نعمتي
|
وغيري على الأغبارِ يُثني وللسِّوى |
سواي، يثني منه عطفاً لِعطَفَتي
|
وشكري لي والبِرُّ منيَ واصلٌ |
إليَّ ونفسي باتِّحادي استبدَّتِ
|
وثَم أمورٌ تم لي كشفُ سِترها |
بصحوِ مفيقٍ عن سوايَ تغطَّتِ
|
وعنيَ بالتَّلويحِ يفهمُ ذائِقٌ |
غَنِيٌّ عنِ التّصريحِ للمُتَعَنّتِ
|
بها لم يبُحْ من لم يُبح دمَهُ وفي الـ |
إشارة ِ معنًى ما العبارة ُ حدَّتِ
|
ومَبدأُ إبْداها اللّذانِ تَسَبّبَا |
إلي فُرقتي والجمعُ يأبى تشتُّتي
|
هُما مَعَنا في باطنِ الجَمعِ واحدٌ، |
وأرْبَعَة ٌ في ظاهرِالفَرْقِ عُدّتِ
|
وإنّي وإيّاها لَذاتٌ، ومَن وَشى |
بها وثنى عنها صِفاتٌ تبدَّتِ
|
فذا مُظهرٌ للرُّوحِ هادٍ لأفقِهَا |
شهوداً بدا في صيغة ٍ معنويَّة ِ
|
وذا مظهرٌ للّنفسِ حادٍ لرفقِها |
وُجوداً، غدا في صيغَة ٍ صُوَرِيّة ِ
|
ومَن عَرَفَ الأشكالَ مِثْليَ لم يَشُبْـ |
هُ شركُ هدى ً في رفعِ إشكالِ شبهة ِ
|
فَذاتيَ باللّذّاتِ خَصّتْ عَوالِمي |
بمجموعها إمدادَ جمعٍ وعمَّتِ
|
و جادتْ، ولا استعدادَكَسبٍ بفيضِها، |
وقبلَ التّهَيّي، للقبولِ، استعدّتِ
|
فبالنّفسِ أشباحُ الوُجودِ تنَعّمَت؛ |
وبالرّوحِ أرواحُ الشّهُودِ تَهَنّتِ
|
وحالُ شُهودي:بينَ ساعٍ لأفـقِهِ، |
ولاح مراعٍ رفقهُ بالنَّصيحة ِ
|
شهيدٌ بحالي، في السّماعِ لجاذِبي، |
قَضاءُ مَقَرّي، أو مَمَرُّ قضيّتي
|
ويثبِتُ نفيَ الإلتباسِ تطابقُ الـ |
مثالينِ بالخمسِ الحواسِ المبينة ِ
|
وبين يديْ مرماي دونَكَ سرَّ ما |
تلقَّتهُ منها النَّفسُ سراً فألقَتِ
|
إذا لاحَ معنى الحُسنِ في أيّ صورَة ٍ، |
وناحَ مُعنّى الحُزنِ في أيّ سُورَة ِ
|
يُشاهِدُها فِكري بِطَرفِ تَخيّلي، |
ويسمعُها ذكرى بمسمَعِ فِطنتي
|
ويُحضرها للنَّفسِ وهمي تصوُّراً |
فيحسَبُها، في الحِسّ، فَهمي، نديمتي
|
فأعجبُ من سُكري بغيرِ مُدامة ِ |
وأطربُ في سرِّي ومني طربتي
|
فيرقصُ قلبي وارتعاشُ مفاصلي |
يصفِّقُ كالشَّادي وروحيَ قينتي
|
وما برحَتْ نفسي تقوَّتُ بالمُنى |
وتمحو القوى بالضُّعف حتى تقوَّتِ
|
هناك وجدتُ الكائناتِ تحالفتْ |
على أنَّها والعونُ مني مُعينتي
|
ليجعلَ شملي كلُّ جارحة ٍ بها |
ويشملَ جمعي كلُّ منبتِ شعرة ِ
|
ويَخلْعَ فينا، بيننا، لُبسَ بيننا |
على أنَّني لم أَلفِه غير ألفَة ِ
|
تنبَّهْ لنقلٍ الحسِّ للنَّفسِ راغباً |
عن الدَّرسِ ما أبدت بوحي البديهة ِ
|
لِروحي يُهدى ذكرها الرَّوحَ كلَّما |
سرَتْ سَحراً منها شمالٌ وهبَّتِ
|
ويَلتَذُّ إنْ هاجَتهُ سَمعيَ، بالضُحى ، |
على ورقٍ ورقٌ شدَت وتغنَّتِ
|
وينعمُ طرفي إن روتهُ عشيَّة ً |
لإنْسانِهِ عَنها بُروقٌ، وأهْدَتِ
|
ويَمْنَحهُ ذَوقي ولمْسيَ أكْؤسَ الـ |
شَّرابِ إذا ليلاً عليَّ أُديرتِ
|
ويوحيهِ قلبي لِلْجَوانِحِ، باطِناً، |
وتَظْفَرُ آسادُ الثّرى بالفَريسة ِ
|
ويحضِرُني في الجمعِ من باسمها شدا |
فأَشْهَدُها، عِنْدَ السّماعِ، بجُملتي
|
فَيَنحو سَماءَ النّفحِ روحي، ومَظهَري الـ |
ـمُسَوى بها، يحنو الأترابِ تُرْبَتي
|
فمنيَ مجذوبٌ إليها وجاذبٌ |
إليهِ ونزعُ النزعِ في كلِّ جذبة ِ
|
وما ذاكَ إلاّ أنّ نَفْسي تَذَكّرَتْ |
حَقيقَتها، مِن نَفْسِها، حينَ أوحَتِ
|
فَحَنّتْ لِتَجريدِ الخِطابِ بِبرْزَخِ الـ |
ترابِ وكلٌّ آخذٌ بأزمَّتي
|
ويُنبيكَ عن شأني الوليدُ وإن نشَا |
بليداً بإلهامٍ كوحيٍ وفطنة ِ
|
إذا أنّ مَنْ شَدَّ القِماطِ، وحنّ، في |
نشاطٍ إلى تفريجِ إفراطِ كربة ِ
|
يُناغَى فيلغي كلَّ كَلٍّ أصابَهُ |
ويُصغي لمَنْ ناغاهُ كالمتنصِّتِ
|
ويُنسيهِ مُرَّ الخطبِ حلوُ خطابهِ |
ويذكِرهُ نجوى عهودٍ قديمة ِ
|
ويُعْرِبُ عن حالِ السّماعِ بحالِهِ، |
فيُثْبِتُ، لِلْرَّقصِ، انْتِفاءَ النّقيصَة ِ
|
إذا هامَ شَوْقاً بالمُناغي، وهمَّ أنْ |
يطيرَ إلى أوطانهِ الأوليَّة ِ
|
يَسَكَّنُ بالتَّحريكِ، وهو بِمَهدِهِ |
إذا، مالَهُ أيدي مُرَبيّهِ، هَزّتِ
|
وجدتُ بوجدٍ آخذي عند ذكرِها |
بتحبيرِ تالٍ أو بألحانِ صيِّتِ
|
كما يجدُ المكروبُ في نزعِ نفسهِ |
إذا، مالَهُ رُسُلُ المَنايا، تَوَفَّتِ
|
فواجِدُ كَرْبٍ في سياقٍ لفُرْقَة ٍ، |
كمكروبِ وجدٍ لاشتياقٍ لرفقة ِ
|
فذا نفسُهُ رقَّتْ إلى ما بدتْ بهِ |
ورُوحي تَرَقّتْ للمبادي العَلية ِ
|
وبابُ تخطِّيَّ اتَّصالي بحيثُ لا |
حجابَ وصالٍ عنهُ روحي ترقَّتِ
|
على أثَري مَن كانَ يُؤْثِرُ قَصْدَهُ، |
كمثليَ فليركَبْ لهُ صدقَ عزمَة ِ
|
وكم لُجَّة ٍ قد خُضتُ قبلَ ولوجهِ |
فَقيرُ الغِنى ما بُلَّ مِنها بِنَغْبَة ِ
|
بمرآة ِ قولي إن عزمتَ أريكهُ |
فأصغِ لِما أُلقي بِسَمْعِ بَصيرَة ِ
|
لَفَظْتُ مِن الأقْوالِ لَفْظِيَ، عِبْرَة ً، |
وحَظّي، مِن الأفْعالِ، في كلِّ فَعْلَة ِ
|
ولَحظي على الأعمالِ حُسنَ ثوابها |
وحِفظيَ، لِلأحوالِ، مِن شَينِ رِيبَة ِ
|
ووَعْظي بِصِدقِ القَصْدِ إلْقاءَ مُخلِصٍ، |
وَلَفْظي اعتِبارَ اللّفْظِ في كُلّ قِسمَة ِ
|
وقلبي بيتٌ فيه أسكنُ دونَُه |
ظهورُ صفاتي عنهُ من حجُبيَّتي
|
ومنها يميني فيَّ ركنٌ مقبَّلٌ |
ومِن قِبْلَتي، لِلحُكمِ، في فيّ قُبلَتي
|
وحَوْليَ بالمَعنى طَوافي، حقيقَة ً، |
وسعيي لوجهي من صفائي لمروتي
|
وفي حَرَمٍ منْ باطِني أمْنُ ظاهِري، |
ومنْ حولهِ يُخشى تخطّف جيرتي
|
ونَفسي بِصَومي عن سِوايَ، تَفَرُّداً، |
زكَت وبفضلِ الفيضِ عنيَ زكَّتِ
|
وشَفْعُ وُجُودي في شُهوديَ، ظلَّ في اتّـ |
حاديَ وِتراً في تيقّظِ غفوتي
|
وإسراءُ سرِّي عن خصوصِ حقيقة ٍ |
إليَّ كَسيري في عُمُومِ الشَّريعة ِ
|
ولمْ ألهُ بالَّلاهوتِ عن حكمِ مظهري |
ولمْ أنسَ بالنَّاسوتِ مظهرَ حكمتي
|
فعَنّي، على النّفسِ، العُقودُ تَحكَّمت؛ |
ومنّي، على الحِسِّ، الحُدُودُ أُقيمَتِ
|
وقد جاءني منّي رَسولٌ، عليه ما |
عنّتُّ، عَزيزٌ بي، حريصٌ لِرَأفَة ِ
|
فحكميَ من نفسي عليها قضيتهُ |
ولمَّا تولَّتْ أمرها ما تولَّتِ
|
ومن عهد عهدي قبلَ عصرِ عناصري |
إلى دارِ بَعثٍ، قَبلَ إنذارِبَعثَة ِ
|
إليَّ رسولاً كنتُ مني مرسلا |
وذاتي بآياتي عليَّ استدلّتِ
|
ولما نقَلتُ النّفسَ من مُلكِ أرضِها، |
بحكمِ الشِّرا منها، إلى مُلكِ جَنّة ِ
|
وقد جاهدتْ، واستُشهدتْ في سبيلها، |
وفازَتْ بِبُشرَى بيعِها، حينَ أوفَتِ
|
سَمتْ بي لجَمعي عن خُلودِسمائِها، |
ولم أرْضَ إخلادي لأرضِ خليفتي
|
ولافَلَكٌ إلاّ، ومن نورِ باطنِي، |
بهِ مَلكٌ يُهدى الهدى بِمشيئتي
|
ولا قُطرَ إلاَّ حلَّ من فيضِ ظاهري |
بهِ قطرة ٌ عنها السَّحائبُ سحَّتِ
|
ومن مطلّعي النُّورُ البسيطُ كلمعة ٍ |
ومن مشرعي البحرُ المحيطُ كقطرة ِ
|
فكُلّي لكُلّي طالِبٌ، مُتَوَجّهٌ، |
وبعضي لبعضي جاذبٌ بالأعنَّة ِ
|
ومَن كانَ فوقَ التّحتِ، والفوْقُ تحته، |
إلى وَجهِهِ الهادي عَنَتْ كلُّ وِجهَة ِ
|
فتحتُ الثّرى فوقُ الأثيرِ لرتقِ ما |
فَتَقْتُ، وفَتقُ الرّتقِ ظاهرُ سُنّتي
|
ولا شُبهَة ٌ، والجَمعُ عينُ تَيَقّنٍ؛ |
ولا جهة ٌ والأينُ بينَ تشتتي
|
ولاعِدّة ٌ ووالعّدَ كالحدّ قاطِعٌ؛ |
ولا مدَّة ٌ والحدُّ شركُ موقِّتِ
|
ولانِدّ في الدّارَينِ يقضي بنَقْضِ ما |
بنيتُ، ويُمضي أمرُهُ حُكمَ إمرَتي
|
ولاضِدّ في الكَونَينِ، والخَلقُ ما ترى ، |
بهم للتَّساوي من تفاوتِ خِلفتي
|
ومني بدا لي ما عليّ لَبِسْتُهُ؛ |
وعنِّي البوادي بي إليَّ أُعيدتِ
|
وفيّ شَهِدتُ السّاجدينَ لمَظهري، |
فحَـقّقـتُ أني كُنتُ آدمَ سَجدَتي
|
وعانيتُ روحانيَّة َ الأرضينَ في |
مَلائِكِ عِليّيّنَ أكْفاء رُتْبَتي
|
ومِنْ أفقي الدّاني اجتدى رفقيَ الهدى |
ومن فرقيَ الثَّاني بدا جَمْعُ وحدَتي
|
وفي صَعقِ دكَّ الحِسُّ خَرّتْ، إفاقَة ً |
ليَ النَّفسُ قبلَ التَّوبة ِ الموسويَّة ِ
|
فلا أينَ بعدَ العَينِ، والسّكْرُ منهُ قدْ |
أفَقْتُ، وعينُ الغينِ بالصَّحوِ أصحَتِ
|
وآخرُ محوٍ جاءَ ختميَ بعدهُ |
كأَوّلِ صَحْوٍ لارتسامٍ بِعِدّة ِ
|
وكيف دخولي تحتَ ملكي كأوليا |
ءِ ملكي وأتباعي وحزبي وشيعتي
|
ومأخوذُ محوِ الطَّمسِ محقاً وزنتُهُ |
بمحذوذِ صحوِ الحسِّ فرقاً بكفَّة ِ
|
فنقطَة ُ غينِ الغينِ، عن صَحويَ، انمحتْ؛ |
ويقظة ُ عينِ العينِ محويَ ألغتِ
|
وما فاقدٌ بالصَّحوِ في المحوِ واجدٌ |
لتلوينهِ أهلاً لتمكينِ زلفة ِ
|
تساوَى النشاوى والصُّحاة ُ لنعتهم |
برسمِ حضورٍ أو بوسمِ حظيرة ِ
|
وليسوا بقَوْمي مَن علَيهِمْ تعاقَبَتْ |
صفاتُ التِباسٍ، أو سِماتُ بقيّة ِ
|
ومنْ لمْ يرثْ عنِّي الكمالِ فناقصٌ |
على عّـقِبَـيْهِ ناكِصٌ في العُقوبَة ِ
|
وما فيّ ما يُفضي للَبسِ بقيّة ٍ، |
ولا فئَ لي يقضي عليَّ بفيئة ِ
|
وماذا عسَى يلقَى جَنانٌ وما بهِ |
يفوهُ لسانٌ بينَ وحيٍ وصيغة ِ
|
تَعانَقَتِ الأطرافُ عنديَ، وانطوى |
بِساطُ السِّوى ، عدلاً، بحُكمِ السوِيّة ِ
|
وعادَ وُجودي، في فَنا ثَنَوِيّة ِ الـ |
وُجودِ، شُهوداً في بَقَا أحَديّة ِ
|
فما فَوْقَ طَوْرِ العَقلِ أوّلُ فَيضَة ٍ، |
كما تحتَ طورِ النَّقلِ آخرُ قبضة ِ
|
لذلك عَن تفضيلِهِ، وهوَ أهْلُهُ، |
نهانا على ذي النُّون خيرُ البريَّة ِ
|
أشَرْتُ بما تُعطي العِبارَة ُ، والذّي |
تغطَّى فقدْ أوضحتُهُ بلطيفة ِ
|
ولَيسَ ألَستُ الأمسِ غيراً لمنْ غدا، |
وجُنحي غدا صُبحي ويومي ليلتي
|
وسرُّ بلَى للّهِ مرآة ُ كشفها |
وإثباتُ معنى الجمعِ نفيُ المعيَّة ِ
|
فلا ظُلمٌ تَغشَى ، ولاظُلمَ يُخـتَشَى ، |
ونعمة ُ نوري أطفأتْ نار نِقمتي
|
ولا وَقتَ، إلاّ حيثُ لاوقتَ حاسِبٌ |
وجودَو وجودي من حسابِ الأهلَّة ِ
|
ومَسجونُ حَصْرِ العَصرِ لم يَرَ ما وَرا |
ء سِجّينِهِ، في الجَنّة ِ الأبدِيّة ِ
|
فبي دارَتِ الأفلاكُ، فاعجَبْ لقُطبِها الـ |
ـمُحيطِ بها، والقُطبُ مرْكَزُ نُقطَة ِ
|
ولا قطبَ قبلي عن ثلاثٍ خلفتهُ |
وقُطبِيّة ُ الأوتادِعن بَدَلِيّة ِ
|
فلا تَعدُ خَطّي المُستقيمَ، فإنّ في الـ |
زَّوايا خبايا فانتهزْ خيرَ فرصة ِ
|
فعَنّي بّدا في الذّرّ فيّ الوَلا، وَلي |
لبانُ ثُدى ِّ الجمعِ منّي درَّتِ
|
وأعجبُ ما فيها شهدتُ فراعني |
ومنْ نفثِ روحِ القدسِ في الرَّوعِ ورعتي
|
وقدْ أشهدتني حُسنها فشدهتُ عنْ |
حجايَ ولمْ أُثبتْ حلايَ لدهشتي
|
ذَهلتُ بها عنِّي بحيثُ ظننتُني |
سِوايَ، ولم أقصِدْ سَواء مَظِنّتي
|
ودِّلني فيها ذهولي فلمْ أُفقْ |
عَليّ ولم أقْفُ التِماسي بظِنّتي
|
فأصبحتُ فيها والها لاهياً بها |
ومنْ ولَّهتْ شُغلاً بها عنهُ ألهَتِ
|
وعن شُغُلي عنَّي شُغِلْتُ، فلو ْ بها |
قضيتُ ردًى ما كنتُ أدري بُنقلتي
|
ومِن مُلَحِ الوَجِدِ المُدَلَّهِ في الهَوى الـ |
ـمُولَّهِ عَقلي، سَبيُ سَلبٍ كَغَفْلَتي
|
أُسائلُها عنّي، إذا ما لَقيتُها، |
ومِن حيثُ أهدَت لي هدايَ أضلَّتِ
|
وأَطْلُبُها منّي، وعِنديَ لم تزل |
عجبتُ لها بي كيفَ عني استجنَّتِ
|
وما زِلْتُ في نَفسي بها مُتَرَدِّداً |
لِنَشْوَة ِ حِسّي، والمَحاسِنُ خَمرَتي
|
أسافرُ عن علمِ اليقينِ لعينهِ |
إلى حقِّهِ حيثُ الحقيقة ُ وحلتي
|
وأنْشُدُني عنّي، لأُرْشدني، على |
لساني إلى مسترْشدي عندَ نشدتي
|
وأسألني رفعي الحجابَ بكشفي الـ |
ـنقابَ، وبي كانَتْ إليَّ وسيلَتي
|
وأنظرُ في مرآة ِ حسنيَ كي أرى |
جَمالَ وُجودي، في شُهوديَ طَلْعتي
|
فإنْ فُهتُ باسمي أُصغِ نحوي تشوُّقاً |
إلى مُسْمِعي ذِكري بِنُطقي، وأُنصِتِ
|
وألصقُ بالأحشاءِ كفِّي عسايَ أنْ |
أُعانِقَها في وَضْعِها، عِندَ ضَمّتي
|
وأهْفُو لأنفاسي لَعلّيَ واجِدي |
بِها مُستَجيزاً أنّها بيَ مَرّتِ
|
إلى أنْ بَدا منّي، لِعَينيَ، بارِقٌ، |
وبانَ سنَى فجرى وبانتْ دُجنَّتي
|
هناكَ، إلى ما أحجَمَ العقلُ دونَهُ |
وَصَلْتُ، وبي مِنّي اتّصالي ووُصْلتي
|
فأسفَرْتُ بِشرَاً، إذ بَلَغْتُ إليّ عن |
يقينِ يقيني شدَّ رحلٍ لسفرتي
|
وأرشدتُني إذْ كنتُ عنِّي ناشدي |
إليَّ ونفسي بي عليَّ دليلتي
|
وأستارُ لَبْسِ الحِسّ، لما كَشَفَتُها، |
وكانتْ لها أسرارُ حُكمي أرخَت
|
رفعتُ حجابَ النَّفسِ عنها بكشفيَ الـ |
ـنّقابَ، فكانتْ عن سُؤالي مُجيبتي
|
وكنتُ جلِا مرآة ِ ذاتي مِن صدا |
صفاتي ومنِّي أحدقَتْ بأشعَّة ِ
|
وأشهَدْتُني إيايّ، إذ لا سِوايَ، في |
شُهوديَ، موجودٌ، فيَقضِي بِزَحمة ِ
|
وأسمعُني في ذكريَ اسميَ ذاكري، |
ونفسي بِنَفيِ الحسّ أصغَتْ وأسمَتِ
|
وعانقتُني لا بالتزامِ جوارحي الـ |
جوانِحَ، لكِنّي اعتَنَقْتُ هُوْيّتي
|
وأوجَدْتني روحي، وروحُ تَنَفّسي |
بعطِّرُ أنفاسَ العبير المفتَّتِ
|
وعن شِرْكِ وَصْفِ الحسّ كُلّي مُنَزَّه، |
وفيَّ وقدْ وحدتُ ذاتيَ نُزهتي
|
ومدحُ صفاتي في يوفِّقُ مادحي |
لحمدي ومدحي بالصِّفاتِ مذمّتي
|
فشاهدُ وصفي بي جليسي وشاهدي |
بهِ لاحتجابي لن يحلَّ بحلَّتي
|
وبي ذكر أسمائي تيَقّظ رُؤيَة |
وذِكرِي بها رُؤيا تَوَسُّنِ هجْعتي
|
كذاكَ بِفِعلي عارِفي بيَ جاهِلٌ، |
وعارفهُ بي عارفٌ بالحقيقة ِ
|
فخذْ علمَ أعلامِ الصِّفاتِ بظاهرِ الـ |
معالمِ من نفسٍ بذاكَ عليمة ِ
|
وفَهمُ أسامي الذَّاتِ عنها بباطنِ الـ |
ـعَوالم، من روحٍ بذاكَ مُشيرَة ِ
|
ظهورُ صفاتي عن أسامي جوارحي |
مَجازاً بها للحكمِ نفسي تسمَّتِ
|
رُقُومُ عُلُومٍ في سُتُورِ هياكِلٍ، |
على ماوراءَ الحسِّ في النَّفسِ ورَّتِ
|
وأسماءُ ذاتي عن صفاتِ جوانحي |
جَوازاً لأسرارٍ بها، الرّوحُ، سُرّتِ
|
رموزُ كُنُوزٍ عن مَعاني إشارَة ٍ، |
أتحسبُ مَن جاراكَ، في سِنة ِ الكَرى ،
|
وآثارُها في العالمين بِعِلْمِها، |
وعنها بها الأكوانُ غيرُ غنيَّة ِ
|
وُجودُ اقتِنا ذِكْرٍ، بأيْدِ تَحكّمٍ، |
شهودُ اجتنا شُكرٍ بأيدٍ عميمة ِ
|
مظاهِرُ لي فيها بَدَوْتُ، ولم أكُنْ |
عليّ بخافٍ قبلَ موطنِ بَرزتي
|
فلفظٌ، وكُلّي بي لِسانٌ مُحَدِّثٌ، |
ولحظٌ وكلِّي فيَّ عينٌ لعبرتي
|
وسمعٌ وكلِّي بالنَّدى أسمعُ النِّدا |
وكُلّيَ في رَدّ الرّدى يَدُ قُوّة ِ
|
معاني صفاتٍ ماورا اللَّبسِ أثبتتْ |
وأسماءُ ذاتٍ ماروى الحسُّ بثَّتِ
|
فتَصْرِفُها مِنْ حافِظِ العَهْدِ أوّلاً، |
بنفسٍ عليها بالولاءِ حفيظة ِ
|
شوادي مُباهاة ٍ، هوادي تَنَبّهٍ، |
بوادي فُكاهاتٍ، غوادي رَجِيّة ِ
|
وتوقيفُها من مَوثِقِ العَهدِ آخراً، |
بنفسٍ على عزِّ الإباءِ أبيَّة ِ
|
جواهرُ أنباء، زواهرُ وُصْلة ٍ، |
طواهِرُ أبناء، قواهرُ صَولَة ِ
|
وتَعرِفُها من قاصدِ الحَزْمِ، ظاهِراً، |
سجيَّة ُ نفسٍ بالوجودِ سخيَّة ِ
|
مثاني مناجاة ٍ معاني نباهة ً |
مَغاني مُحاجاة ٍ، مَباني قضيّة ِ
|
وتشريفها منْ صادقِ العزمِ باطناً |
إنابَة ُ نَفْسٍ، بالشُّهودِ، رضيَّة ِ
|
نجائبُ آياتٍ غرائبُ نزهة ٍ |
رغائبُ غاياتٍ كتائبُ نجدة ِ
|
فلّلبس منها بالتَّعلُّقِ في مقا |
مِ الإسلامِ عنْ أحكامهِ الحكميَّة ِ
|
عقائقُ إحكامٍ دقائقُ حكمة ٍ |
حقائقُ إحكامٍ، رقائقُ بَسْطَة ِ
|
وللحسِّ منها بالتّحقُّقِ في مقا |
مِ الإيمانِ عنْ أعلامهِ العمليّة ِ
|
صوامعُ أذكارٍ لوامعُ فكرة ٍ |
جَوامِعُ آثارٍ، قَوامِعُ عِزّة ِ
|
وللنَّفسِ منها بالتَّخلُّقِ في مقا |
مِ الاحسانِ عنْ أنبائهِ النبويَّة ِ
|
لطائفُ أخْبارٍ، وظائفُ مِنْحَة ٍ، |
صحائِفُ أحْبارٍ، خلائفُ حِسْبَة ِ
|
ولِلْجَمْعِ مِن مَبدَا، كأنّكَ وانتَهى ، |
فإن لَمْ تَكُنْ عن آيَة ِ النّظرية ِ
|
غيوثُ انفعالاتٍ بعوثُ تنزُّهٍ |
حدوثُ اتِّصالاتٍ ليوثُ كتيبة ِ
|
فَمَرْجِعُها للحِسّ، في عالِمِ الشَّها |
دة ِ المجتدى ماالنَّفسُ منِّي أحسَّتِ
|
فُصُولُ عِباراتٍ، وُصولُ تحيَّة ٍ، |
حصولُ إشاراتٍ أصولُ عطيَّة ِ
|
ومَطْلِعُها في عالَمِ الغيبِ ما وجَدْ |
تُ منْ نعمٍ منِّي عليّ استجدَّتِ
|
بشائرُ إقرارٍ بصائرُ عبرة ٍ |
سرَائرُ آثارٍ، ذخائِرُ دعوتي
|
وموضعها في عالمِ الملكوتِ ما |
خُصِصْتُ منَ الإسْرا بهِ، دونَ أُسْرَتي
|
مدارِسُ تنزيلٍ، مَحارِسُ غِبْطَة ٍ، |
مَغارِسُ تأويلٍ، فوارِسُ مِنْعَة ِ
|
وموقعها في عالمِ الجبروتِ منْ |
مشارقِ فتحٍ للبصائر مبهتِ
|
أرائِكُ تَوحيدٍ، مَدارِكُ زُلْفَة ٍ، |
مسالكُ تمجيدٍ ملائكُ نصرة ٍ
|
ومنبعها بالفيضِ في كلِّ عالمٍ |
لفافة ِ نفسٍ بالإفاقة ِ أثرتِ
|
فوائِدُ إلْهامٍ، روائِدُ نِعمَة ٍ، |
عوائدُ إنعامٍ موائدُ نعمة ِ
|
ويجْري بما تُعْطي الطّريقة ُ سائِري، |
على نَهْجِ ما مِنّي، الحَقيقَة ُ أعطَتِ
|
ولما شعبتُ الصَّدعَ والتأمتْ فطو |
رُ شَمْلٍ بِفرْقِ الوَصْفِ، غيرِ مُشَتّتِ
|
ولم يَبقَ ما بيني وبينَ توَثقي |
بإيناسِ وُدّي، ما يُؤدّي لِوَحْشة ِ
|
تحقّقتُ أنّا، في الحقيقة ِ، واحِدٌ |
وأثبَتَ صَحْوُ الجمعِ محوَالتّشتّتِ
|
وكُلّي لِسانٌ ناظِرٌ، مِسمَعٌ، يدٌ |
لنُطقٍ، وإدراكٍ، وَسَمعٍ، وبَطشَة ِ
|
فعَينيَ ناجَتْ، واللّسانُ مُشاهِدٌ، |
وينطقُ منِّي السَّمعُ واليدُ أصغتِ
|
وسمعيَ عينُ تجتلي كلَّ ما بدا |
وعَينيَ سَمعٌ، إن شدا القومُ تُنصِتِ
|
ومنيَ، عن أيدٍ، لِساني يَدٌ، كما |
يدي لي لسانٌ في خطابي وخطبتي
|
كذاكَ يدي عينٌ ترى كلَّ ما بدا |
وعيني يَدٌ مَبسوطَة ٌ عِندَ بَسطَتي
|
وسمعي لسانٌ في مخاطبتي كذا |
لسانيَ في إصغائهِ سمعُ منصتِ
|
وللشَّمِ أحكامُ اطّرادِ القياس في اتِّـ |
حادِ صفاتي أوْ بعكسِ القضيَّة ِ
|
وما فيّ عَضْوٌ خُصّ، من دونِ غَيرِهِ، |
بتَعيينِ وَصْفٍ مِثلَ عَينِ البَصيرَة ِ
|
ومِني، على أفرادِها، كُلُّ ذَرّة ٍ، |
جوامِعُ أفعالِ الجوارحِ أحصَتِ
|
يُناجي ويُصغي عن شُهودِ مُصرِّفٍ، |
بمجموعهِ في الحالِ عنْ يد قدرة ِ
|
فأتلُو عُلومَ العالِمينَ بِلَفْظَة ٍ؛ |
وأجلو على َّ العالمينَ بلحظة ِ
|
وأسْمَعُ أصواتَ الدّعاة ِ وسائِرَ الـ |
لُّغاتِ بوقتٍ دونَ مقدارِ لمحة ِ
|
وأحضرُ ما قدْ عزَّ للبعدِ حملهُ |
ولمْ يرتددْ طرفي إليَّ بغمضة ِ
|
وأنشَقُ أرواحَ الجِنانِ، وعَرْفَ ما |
يُصافحُ أذيالَ الرّياحِ بنَسمَة ِ
|
وأستَعرِضُ الآفاقَ نحوي بخَطْرَة ٍ، |
وأختَرِقُ السّبعَ الطّباقَ بخَطوَة ِ
|
وأشباحُ منْ لمْ تبقَ فيهمْ بقيَّة ٌ |
لجمعيَ كالأرواحِ حفَّتْ فخفَّتِ
|
فَمن قالَ، أو مَن طال، أو صالَ، إنما |
يمُتّ بإمدادي لهُ برَقيقَة ِ
|
وماسارَ فوقَ الماءِ أوْ طارَ في الهوا |
أو اقتحمَ النِّيرانَ إلاَّ بهمّتي
|
وعنِّي منْ أمددتهُ برقيقة ٍ |
تصرَّفَ عنْ مجموعهِ في دقيقة ِ
|
وفي ساعة ٍ أوْ دونَ ذلكَ عنْ تلا |
بمجموعهِ جمعي تلا ألفَ ختمة ِ
|
ومنِّي لوْ قامتْ بميتٍ لطيفة ٌ |
لَرُدّتْ إليهِ نفسُهُ، وأعيدَتِ
|
هيَ النَّفسُ إنْ ألقتْ هواها تضاعفتْ |
قُواها، وأعطَتْ فِعلَها كُلَّ ذرّة ِ
|
وناهيكَ جَمعاً، لابفَرْقِ مساحَتي |
مكانٍ مقيسٍ أوْزمانٍ موقتِ
|
بذاكَ علا الطوفانُ نوحٌ وقدْ نجا |
به مَن نجا من قَومِهِ في السّفينَة ِ
|
وغاضَ لهُ ما فاضَ عنهُ، استِجادَة ً، |
وجدّ إلى الجُودي بها واستَقَرّتِ
|
وسارتْ ومتنُ الرِّيحِ تحتَ بساطهِ |
سُلَيمانُ بالجَيْشَينِ، فَوْقَ البسيطة َ
|
وقَبلَ ارتِدادِ الطّرْفِ أُحضِرَ من سبا |
لهُ عرشُ بلقيسٍ بغيرِ مشقَّة ِ
|
وأخمَد إبراهيمُ نارَ عدُوّهِ، |
وعنْ ورهِ عادتْ لهُ روضَ جنّة ِ
|
ولمَّا دعا الأطيارَ منْ كلِّ شاهقٍ |
وقد ذُبِحَتْ، جاءَتْهُ غيرَعَصِيّة ِ
|
ومنْ يدهِ موسى عصاهُ تلقَّفتْ |
منَ السِّحرِ أهوالاً على النَّفسِ شقَّتِ
|
ومِن حَجَرٍ أجرى عيوناً بضَرْبَة ٍ |
بهادِ يماً سقَّتْ وللبحرِ شقَّتِ
|
ويُوسُفُ، إذ ألقى البَشيرُ قَميصَهُ |
على وجهِ يعقوبٍ إليهِ بأوبة ِ
|
رآهُ بعينٍ قبلَ مقدمهِ بكى |
عليهِ بها شوقاً إليهِ فكفَّتِ
|
وفي آلِ إسْرائيلَ مائِدَة ٌ مِنَ الـ |
سّماءِ لعيسَى ، أُنْزِلَتْ ثمّ مُدّتِ
|
ومنْ أكمهٍ أبرا ومنْ وضحٍ عدا |
شفى وأعادَ الطِّينَ طيراً بنفخة ِ
|
وسرُّ انفعالاتِ الظّواهرِ باطناً |
عنِ الإذْنِ، ماألْقَتْ بِأُذْنِكَ صيغَتي
|
وجاءَ بِأسْرارِ الجميعِ مُفيضُها |
علينا لهمْ ختماً على حينِ فترة ِ
|
وما مِنْهُم، إلاَّ وقدْ كانَ داعِياً |
بهِ قومهُ للحقِّ عنْ تبعيَّة ِ
|
فعالمنا منهمْ نبيٌّ ومنْ دعا |
إلى الحَقِّ مِنّا قامَ بالرُّسُليَّة ِ
|
وعارفنا في وقتنا الأجدى َّ منْ |
أُولي العَزمِ مِنْهُم، آخِذٌ بالعَزيمَة ِ
|
وما كانَ مِنْهمْ مُعجِزاً، صارَ بعدَهُ، |
كرامة َ صدِّيقٍ لهُ أوْ خليفة ِ
|
بعترتهِ استغنتْ عنِ الرُّسلِ الورى |
وأصحابِهِ والتَّابِعينَ الأَئِمَّة ِ
|
كراماتهمْ منْ بعضِ ما خصَّهمْ بهِ |
بما خصَّهُمْ مِن إرْثِ كُلِّ فَضيلَة ِ
|
فمنْ نصرة ِ الدِّينِ الحنيفيِّ بعدهُ |
قتالُ أبي بكرٍ لآلِ حنيفة
|
وسارِيَة ٌ، ألْجاهُ لِلْجَبَلِ النّدا |
ءُ منْ عمرٍ والدَّارُ غيرُ قريبة ِ
|
ولمْ يشتغلْ عثمانُ عنْ وردهِ وقدْ |
أدارَ عليهِ القَوْمُ كأسَ المَنيَّة ِ
|
وأوضَحَ بالتّأويلِ ما كانَ مُشْكِلاً |
عليَّ، بِعِلمٍ نالَهُ بالوَصِيّة ِ
|
وسائرُهُمْ مِثلُ النُّجومِ، مَن اقتَدى |
بأيِّهمِ منهُ اهتدى بالنَّصيحة ِ
|
وللأولياءِ المُؤمِنينَ بهِ، ولَم |
يَرَوهُ اجتَنا قُرْبٍ لقُربِ الأخُوّة ِ
|
وَقُرْبُهُمُ معنى ً لهُ كاشتِياقِهِ |
لهمْ صورة ً فاعجبْ لحضرة ِ غيبة ِ
|
وأهلٌ تلقّى الرُّوحَ باسْمي، دعَوا إلى |
سَبيلي، وحَجُّوا المُلْحِدينَ بِحُجّتي
|
وكلهمُ عنْ سبقِ معنايَ دائرٌ |
بِدائِرَتي، أو وارِدٌ مِن شرِيعَتي
|
إنّي، وإن كُنْتُ ابنَ آدَمَ، صُورَة ً، |
فَلي فيهِ مَعنى ً شاهِدٌ باُبوّتي
|
ونَفسي على حَجْرِالتّجَلّي، بِرُشْدِها، |
تجلَّتْ وفي حجرِ التَّجلِّي تربَّتِ
|
وفي المَهْدِ حِزْبي الأنبياءُ، وفي عنا |
صرلوحيَ المحفوظُ والفتحُ سورتي
|
وقبلَ فصالي دونَ تكليفِ ظاهري |
خَتَمْتُ بِشرْعي المُوَضحي كلّ شِرْعَة ِ
|
فهمْ والألى قالوا بقولهمِ على |
صراطيَ لمْ يعدُّوا مواطئَ مشيتي
|
ولا تحسبنَّ الأمرَ عنِّي خارجاً |
فما سَادَ إلاّ داخِلٌ في عُبُودَتي
|
ولولايَ لم يُوجدْ وُجودٌ، ولم يَكُنْ |
شُهُودٌ، ولم تُعهَدْ عُهُودٌ بذِمّة ِ
|
فلا حيَّ إلا من حياتي حياتُهُ |
وَطَوْعُ مُرادي كُلّ نَفسٍ مُريدَة ِ
|
ولا قائِلٌ، إلاّ بلَفظي مُحدِّثٌ؛ |
ولا ناظِرٌ إلاّ بناظِرِ مُقلَتي
|
ولا منصتٌ إلابسمعيَ سامعٌ |
ولا باطشٌ إلاَّ بأزلي وشدَّتي
|
ولا ناطِقٌ غَيري، ولا ناظِرٌ، ولا |
سميعٌ سِوائي مِن جميعِ الخليقَة ِ
|
وفي عالم التَّركيبِ في كلِّ صورة ٍ |
ظهرتُ بمعنى ً عنهُ بالحسنِ زينتي
|
وفي كلِّ معنى ً لمْ تبنهُ مظاهري |
تصوَّرتُ لا في صورة ِ هيكليَّة ِ
|
وفيما تراهُ الرُّوحُ كَشْفَ فَراسة ِ، |
خفيتُ عنِ المعنى المعنَّى بدقَّة ِ
|
وفي رحموتِ القبضِ كليَ رغبة ٌ |
بها انبَسطتْ آمالُ أهلِ بَسيطتي
|
وفي رهبوتِ القبضِ كليَ هيبة ُ |
ففيما أجلتُ العينَ منِّي أجلتِ
|
وفي الجَمعِ بالوَصفَينِ، كُلّيَ قُرْبة ٌ، |
فحيَّ على قربي خلالي الجميلة ِ
|
وفي منتهى في لمْ أزلْ بي واجداً |
جلال شهودي عنْ كمالِ سجيَّتي
|
وفي حيثُ لا في، لم أزَلْ فيّ شاهِداً |
جَمالَ وُجودي، لا بناظِرِ مُقلتي
|
فإنْ كنتِ منِّي فانحُ جمعي وامحُ فر |
قَ صدعي ولا تجنحْ لجنحِ الطبيعة ِ
|
فدونَكَها آياتِ إلهامِ حِكمَة ٍ، |
لأوهامِ حَدسِ الحسّ، عنكَ، مزيلة ِ
|
ومِنْ قائِلٍ بالنّسخِ، والمَسخُ واقِع ٌ |
بهِ أبرأْ وكنْ عمَّا يراهُ بعزلة ِ
|
ودعهُ ودعوى الفسخِ والرَّسخِ لائقٌ |
بهِ أبداً لوصحَّ في كلِّ دورة ِ
|
وضَرْبي لكَ الأمثالَ، مِنّيَ مِنّة ٌ |
عليكَ بشأني مرة ً بعدَ مرة ِ
|
تأمّلْ مقاماتِ السَّرُوجِّي، واعتَبِرْ |
بتَلوينِهِ تَحْمَدْ قَبولَ مَشورَتي
|
وتَدرِ التباسَ النّفسِ بالحسّ، باطناً، |
بمظهرها في كلِّ شكلِ وصورة ِ
|
وفي قولِهِ إنْ مانَ فالحَقّ ضارِبٌ |
بهِ مثلاً والنفسُ غيرَ مجدَّة ِ
|
فكُنْ فَطِناً، وانظُرْ بحِسّكَ، مُنصِفاً |
لنفسكَ في أفعالكَ الأثرية ِ
|
وشاهدْ إذا استجليتَ نفسكَ ما ترى |
بغيرِ ِمراءِ في المرائي الصقيلة ِ
|
أغَيرُكَ فيها لاحَ، أمْ أنتَ ناظِرٌ |
إليكَ بها عندَ انعكاسِ الأشعة ِ
|
وأصغِ لرجعِ الصوتِ عندَ انقطاعهِ |
إليكَ بأكنافِ القصور المشيدة ِ
|
أَهَلْ كانَ منْ ناجاكَ ثمَّ سواكَ أمْ |
سَمِعتَ خِطاباً عن صَداكَ المُصَوّتِ
|
وقُل ليَ :مَن ألقى إليكَ عُلُومَهُ، |
وقد رَكدتْ منكَ الحواسُ بغَفوَة ِ
|
وما كنتَ تَدري، قبل يومكَ، ما جرَى |
بأمسِكَ، أوما سوْفَ يجري بغُدوَة ِ
|
فأصبحتَ ذا علمٍ بأخبارِ منْ مضى |
وأسرارِ منْ يأتي مدلاً بِخبرَة ِ
|
أَتحسبُ ما جاراكَ في سنة ِ الكرى |
سِواكَ بأنواعِ العُلُومِ الجليلَة ِ
|
وما هيَ إلاّ النّفسُ، عندَاشتِغالها، |
بِعَاَلِمهَا عن مظهرِ البشرية ِ
|
تجلَّت لها بالغيبِ في شكلِ عالمٍ |
هَدَاها إلى فَهْم المعاني الغريبة ِ
|
وقد طُبِعَتْ فيها العُلُومُ، وأُعلِنَتْ |
بأسمائِها، قدِماً، بوَحْيِ الأُبوّة ِ
|
وبالعلمِ مِنْ فوقِ السِّوى ما تنعَّمَتْ |
ولكنْ بما أملَتْ عَلَيها تَمَلّتِ
|
ولو أنّها، قبلَ المنامِ، تَجرّدَتْ |
لشاهدتَها مثلي بعينٍ صحيحة ِ
|
وتجريدُها العاديُّ، أثبَتَ، أوّلاً، |
تجرُّدَها الثَّاني الَمعَادِي فأثبتِ
|
ولا تكُ ِممَّن طيَّشَتْهُ دُرُوسُهُ |
بحَيثُ اسْتَقَلّتْ عَقْلَهُ، واستقرّتِ
|
فثمَّ وراءَ النقلِ علمٌ يدقُّ عنْ |
مَداركِ غاياتِ العُقُولِ السّليمَة ِ
|
تلقَّيتهُ منّي وعَني أخْذتهُ |
ونفسيَ كانتْ، من عطَائي، مُمِدّتي
|
ولاتكُ بالّلاهي عنْ اللهوِ جُملة ً |
فَهَزْلُ المَلاهي جِدُّ نَفْسٍ مُجدّة ِ
|
وإيّاكَ الإعراضَ عنْ كلِّ صورة ٍ |
مُموَّهة ٍ أو حالة ٍ مستحيلة ِ
|
فطيفُ خيالِ الظّلِّ يُهدي إليكَ في |
كَرَى اللّهوِ، ما عنهُ السَّتائِرُ شُقّتِ
|
ترى َ صورة َ الأشياءِ تُجلي عليكَ ِمن |
وراءِ حجابِ الَّلبسِ في كلِّ خِلعة ِ
|
تجمَّعتِ الأضدادُ فيها لِحكمة ٍ |
فأشكالهَا تبدُو على كلِّ هيئة ِ
|
صوامتُ ُتبدي النطقَ وهيَ سواكنٌ |
تحرّكُ، تُهدي النّورَ، غيرَ ضَوِيَّة ِ
|
وتَضْحَكُ إعجاباً، كَأجْذلِ فارِحٍ؛ |
وتبكي انتِحاباً، مثلَ ثَكلى حزينَة ِ
|
وتندبُ إن أنّت على سلبِ ِنعمة ِ |
وتطرَبُ إنْ غنَّتْ على طيب نغمة ِ
|
يرى الطّيرَ في الأغصانِ يُطْرِبُ سَجعُها، |
بِتَغريدِ ألحانٍ، لديكَ، شَجِيَّة ِ
|
وتعجَبُ من أصواتِها بِلغَاتِها |
وقَدْ أعرَبَتْ عن ألْسُنٍ أعجَمِيَّة ِ
|
وفي البرِّ تسرِي العيسُ، تخْتَرِقُ الفلا، |
وفي البحرِ تَجري الفُلكُ في وسطِ لُجّة ِ
|
وتَنْظُرُ لِلجَيْشَينِ في البرِّ، مَرّة ً، |
وفي البحرِ أُخرى في جُموعٍ كثيرة ِ
|
لِباسُهُمُ نَسْجُ الحَديدِ لِبأسِهِمْ، |
وهُم في حمَى حدَّي ظُبى ً وأسنِة ِ
|
فأجنادُ جيشِ البرِّ ما بينَ فارسٍ |
على فَرَسٍ، أو راجِلٍ ربِّ رِجْلَة ِ
|
وأكنادُ جيشِ البحرِ ما بينَ راكبٍ |
مَطَا مركبٍ أو صاعِدٍ مِثلَ صَعْدة ِ
|
فمِن ضارِبٍ بالبيضِ، فتكاً، وطاعِنٍ |
بسُمرِ القَنا العَسَّالة ِ السَّمهريِّة ِ
|
ومنْ مغرقٍ في النَّارِ رشقاً بأسهمٍ |
ومنْ محرقٍ بالماءِ زرقاً بشعلة ِ
|
تَرَى ذا مُغيْراً، باذِلاً نَفْسَهُ، وذا |
يولّي كسيراً تحتَ ذلِّ الهزيمة ِ
|
وتَشْهَدُ رَميَ المَنجَنيقِ، ونَصْبَهُ |
لهدمِ الصَّياصي والحصونِ المنيعة ِ
|
وتلحظُ أشباحاً تراءي بأنفسٍ |
مُجَرَّدَة ٍ، في أرضِها، مُستَجِنَّة ِ
|
تُباينُ أنْسَ الإنسِ صُورَة ُ لَبسِها، |
لِوحشِتِها، والجِنُّ غيرُ أنيسَة ِ
|
وتطرحُ في النّهرِ الشِّباكَ فتخرجُ الـ |
ـسّماكَ يَدُ الصّيّادِ منها، بِسُرْعة ِ
|
ويحتالُ بالأشراكِ ناصبها على |
وُقوعِ خِماصِ الطّيرِ فيها بِحبّة ِ
|
ويكسرُ سفنَ اليمِّ ضاري دوابهِ |
وتظفرُ آسادُ الشَّرى بالفريسة ِ
|
ويصطادُ بعضُ الطَّيرِ بعضاًمنَ الفضا |
ويقنصُ بعضُ الوحشِ بعضاً بقفرة ِ
|
وتَلْمَحُ مِنها ما تَخطَّيتُ ذِكْرَهُ، |
ولم أعتَمِد إلاّ على خيرِ مُلْحَة ِ
|
وفي الزّمنِ الفردِ اعتبرْ تلقَ كُلّ ما |
بدا لَكَ، لا في مُدّة ٍ مُستَطيلَة ِ
|
وكلَّ الَّذي شاهدتهُ فعلُ واحدٍ |
بِمُفْرَدِهِ، لكِن بِحُجْبِ الأكِنّة ِ
|
إذا ما أزال السِّترَ لمْ ترَ غيرهُ |
ولم يبقَ، بالأشْكالِ، أشكالُ رِيبَة ِ
|
وحقَّقتُ عندَ الكشفِ أنَّ بنورهِ اهْـ |
ـتَديْتَ، إلى أفْعالَهِ، بالدُّجُنة ِ
|
كذا كنتُ ما بيني وبيني مسبلاً |
حجابَ التباسِ النّفسِ في نورِ ظلمة ِ
|
لأظهَرَ بالتّدريجِ، للحِسّ مؤنِساً |
لها، في ابتداعِ، دُفعَة ً بَعدَ دُفعَة ِ
|
قرنتُ بجدِّي لهوَ ذاكَ مقرّباً |
لفهمكَ غاياتِ المرامي البعيدة ِ
|
وتجمعنا في المظهرينِ تشابهٌ |
وليستْ لحالي حالهُ بشبيهة ِ
|
فأشكالهُ كانتْ مظاهرَ فعلهِ |
بسترٍ تلاشَتْ، إذ تجَلّى ، ووَلّتِ
|
وكانتْ لهُ بالفعلِ نفسي شبيهة ً |
وحِسّيَ كالإشكالِ، واللَّبْسُ سُترَتي
|
فلمَّا رفعتُ السِّترَ عنِّي كرفعهِ |
بحيثُ بدتْ لي النَّفسُ منْ غيرِ حجة ِ
|
وقد طَلَعَتْ شَمسُ الشُّهودِ، فأشرَقَ الـ |
وجودُ وحلَّتْ بي عقودُ أخيَّة ِ
|
قَتَلتُ غُلامَ النَّفسِ بينَ إقامتي الـ |
جَدارَ لأحكامي، وخَرْقِ سفينتي
|
وعدتُ بامدادي على كلِّ عالمٍ |
حسبِ الأفعالِ في كلِّ مدَّة ِ
|
ولوْ لااحتجابي بالصِّفاتِ لأحرقتْ |
مظاهَرُ ذاتي، مِنْ سناءِ سجيّتي
|
وألسنة ُ الأكوانِ إنْ كنتُ واعياً |
شُهودٌ بتَوحيدي، بحالٍ فصيحَة ِ
|
وجاءَ حديثٌ في اتِّحاديَ ثابتٌ |
روايتُهُ في النّقلِ غيرُ ضعيفَة ِ
|
يشيرُ بحبِّ الحقِّ بعدَ تقرَّبٍ |
إليهٍ بنفلٍ أوْ أداءِ فريضة ِ
|
وموضِعُ تنبيهِ الإشارَة ِ ظاهِرٌ: |
بِكُنْتُ لهُ سَمعاً، كنورِالظّهيرَة ِ
|
تسبَّبتُ في التَّوحيدِ حتَّى وجدتهُ |
وواسِطَة ُ الأسبابِ إحدى أدِلّتي
|
ووحّدْتُ في الأسبابِ، حتى فَقدتُها، |
ورابطَة ُ التّوحِيدِ أجدى وسيلة ِ
|
وجرّدتُ نفسي عنهما، فتجَرّدتُ، |
ولم تَكُ يوماً قَطّ غيرَ وحيدة ِ
|
وغصتُ بحارَ الجمعِ بلْ خضتها على |
انفرادي فاستخرجتُ كلَّ يتيمة ِ
|
لأسمعَ أفعالي بسمعِ بصيرة ٍ |
وأشهَدَ أقوالي بعينٍ سَميعة ِ
|
فإنْ ناحَ في الأيكِ الهزارُوغرَّدتْ |
جواباً لهُ، الأطيارُ في كلّ دَوحَة ِ
|
وأطربَ بالمزمارِ مصلحهُ على |
مناسَبَة ِ الأوتارِ من يَدِ قَيْنَة ِ
|
وغنَّتْ منَ الأشعارِ مارقَّ فارتقتْ |
لسدرتها الأسرارُ في كلِّ شدوة ِ
|
تنزّهتُ في آثارِ صنعي منزَّهاً |
عنِ الشّركِ، بالأغيارِ جَمعيوأُلفتي
|
في مجلسُ الأذكارِ سمعُ مطالعٍ |
ولي حانَة ُ الخمّارِ عَينُ طليعَة ِ
|
وما عقدَ الزِّنَّارَ حكماً سوى يدى |
وإنْ حُلّ بالإقرارِ بي، فهْيَ حَلّتِ
|
وإنْ نارَ بالتَّنزيلِ محرابُ مسجدٍ |
فما بارَ بالإنجيلِ هيكلُ بيعة ِ
|
ووأسفارُ تَوراة ِ الكَليمِ لِقَومِهِ، |
يُناجي بها الأحْبارِ في كُلّ ليلَة ِ
|
وإن خَرَّ للأحجارِ، في البُدّ، عاكِفٌ، |
فلا وجهُ للإنكارِ بالعصبيَّة ِ
|
فقدْ عبدَ الدِّينارَ معنى ً منزّهٌ |
عَنْ العارِ بالإشراكِ بالوَثنية ِ
|
وقدْ بلغَ الإنذارَ عنِّيَ منْ بغى |
وقامَتْ بيَ الأعذارُفي كلّ فِرقَة ِ
|
وما زاغتِ الأبصارُ منْ كلِّ ملَّة ٍ |
وما راغتِ الأفكارَ في كلِّ نحلة ِ
|
وما اختارَ مَن للشمسِ عن غِرّة ٍ صَبا، |
وإشرافها منْ نورِ إسفارِ غرَّتي
|
وإنْ عبدَ النَّارَ المجوسُ وما انطفتْ |
كما جاءَ في الأخبارِ في ألفِ حجة ِ
|
فما قصدوا غيري وإنْ كانَ قصدهمْ |
سِوايَ، وإن لم يُظهروا عَقدَ نِيّة ِ
|
رأوا ضوءَ نوري مرًّة ً فتوهَّمو |
هُ ناراً، فصَلّوا في الهُدى بالأشعة ِ
|
ولولا حجابُ الكونِ قلتُ وإنَّما |
قِيامي بأحكامِ المظاهِرِ مُسْكِتي
|
فلا عَبثٌ والخَلقُ لم يُخلقوا سُدًى ، |
وإن لم تكُن أفعالُهُمْ بالسّديدة ِ
|
على سمة ِ الأسماءِ تجري أمورهمْ |
وحِكمة ُ وصفِ الذاتِ، للحكمِ، أجرَتِ
|
يُصَرّفُهُمْ في القَبضَتَينِ، ولا ولا، |
فقَبضَة ُ تَنعيمٍ، وقَبْضَة ُ شِقْوَة ٍ
|
ألا هكذا فلتعرفِ النَّفسُ أوفلا |
ويُتلَ بها الفُرقانُ كُلَّ صَبيحَة ِ
|
وعرفانها منْ نفسها وهيَ الَّتي |
على الحسِّ ما أمَّلتْ منِّي أملتِ
|
ولوْ أنَّني وحَّدتُ ألحدتُ وانسلخْـ |
تُ منْ آي جمعي مشركاً بيَ صنعتي
|
ولستُ ملوماً أنْ أبثَّ مواهبي |
وأمنَحَ أتْبَاعي جَزيلَ عَطِيّتي
|
ولي مِن مُفيض الجَمعِ، عندَسلامِه |
عليَّ بأوْ أدنى إشارة ُ نسبة ِ
|
ومنْ نورهِ مشكاة ُ ذاتي أشرقتْ |
عليّ فنارَتْ بي عِشائي، كَضَحَوتي
|
فأشهدتني كوني هناكَ فكنتهُ |
وشاهدتهُ إيَّايَ والنُّورُ بهجتي
|
فَبي قُدّسَ الوادي، وفيه خلعتُ خَلْـ |
ع نعلي على النّادي وجدتُ بخلعتي
|
وآنَستُ أنواري، فكُنتُ لها هُدًى ، |
وناهيكَ من نَفسٍ علَيها مُضيئَة
|
وأسّستُ أطواري، فناجَيتُني بها، |
وقضّيْتُ أوْطاري، وذاتي كَليمَتي
|
وبدريَ لمْ يأفلْ وشمسيَ لمْ تغبْ |
وبي تَهتَدي كُلّ الدّراري المُنيرَة ِ
|
وأنجُمُ أفلاكي جرَتْ عن تَصَرّفي |
بمِلكي، وأملاكي، لمُلكيَ، خَرّتِ
|
وفي عالمِ التَّذكارِ للنّفسِ علمها الْـ |
ـمُقَدَّمُ، تَستَهديه منيَ فِتيَتي
|
فحيَّ على جمعي القديمِ الَّذي بهِ |
وجَدْتُ كُهُولَ الحَيّ أطفالَ صِبيَة ِ
|
ومن فضْلِ ما أسأرْتُ شُربُ مُعاصري، |
ومَن كانَ قَبْلي، فالفَضائلُ فَضْلَتي |