فلفظٌ، وكُلّي بي لِسانٌ مُحَدِّثٌ، |
ولحظٌ وكلِّي فيَّ عينٌ لعبرتي
|
وسمعٌ وكلِّي بالنَّدى أسمعُ النِّدا |
وكُلّيَ في رَدّ الرّدى يَدُ قُوّة ِ
|
معاني صفاتٍ ماورا اللَّبسِ أثبتتْ |
وأسماءُ ذاتٍ ماروى الحسُّ بثَّتِ
|
فتَصْرِفُها مِنْ حافِظِ العَهْدِ أوّلاً، |
بنفسٍ عليها بالولاءِ حفيظة ِ
|
شوادي مُباهاة ٍ، هوادي تَنَبّهٍ، |
بوادي فُكاهاتٍ، غوادي رَجِيّة ِ
|
وتوقيفُها من مَوثِقِ العَهدِ آخراً، |
بنفسٍ على عزِّ الإباءِ أبيَّة ِ
|
جواهرُ أنباء، زواهرُ وُصْلة ٍ، |
طواهِرُ أبناء، قواهرُ صَولَة ِ
|
وتَعرِفُها من قاصدِ الحَزْمِ، ظاهِراً، |
سجيَّة ُ نفسٍ بالوجودِ سخيَّة ِ
|
مثاني مناجاة ٍ معاني نباهة ً |
مَغاني مُحاجاة ٍ، مَباني قضيّة ِ
|
وتشريفها منْ صادقِ العزمِ باطناً |
إنابَة ُ نَفْسٍ، بالشُّهودِ، رضيَّة ِ
|
نجائبُ آياتٍ غرائبُ نزهة ٍ |
رغائبُ غاياتٍ كتائبُ نجدة ِ
|
فلّلبس منها بالتَّعلُّقِ في مقا |
مِ الإسلامِ عنْ أحكامهِ الحكميَّة ِ
|
عقائقُ إحكامٍ دقائقُ حكمة ٍ |
حقائقُ إحكامٍ، رقائقُ بَسْطَة ِ
|
وللحسِّ منها بالتّحقُّقِ في مقا |
مِ الإيمانِ عنْ أعلامهِ العمليّة ِ
|
صوامعُ أذكارٍ لوامعُ فكرة ٍ |
جَوامِعُ آثارٍ، قَوامِعُ عِزّة ِ
|
وللنَّفسِ منها بالتَّخلُّقِ في مقا |
مِ الاحسانِ عنْ أنبائهِ النبويَّة ِ
|
لطائفُ أخْبارٍ، وظائفُ مِنْحَة ٍ، |
صحائِفُ أحْبارٍ، خلائفُ حِسْبَة ِ
|
ولِلْجَمْعِ مِن مَبدَا، كأنّكَ وانتَهى ، |
فإن لَمْ تَكُنْ عن آيَة ِ النّظرية ِ
|
غيوثُ انفعالاتٍ بعوثُ تنزُّهٍ |
حدوثُ اتِّصالاتٍ ليوثُ كتيبة ِ
|
فَمَرْجِعُها للحِسّ، في عالِمِ الشَّها |
دة ِ المجتدى ماالنَّفسُ منِّي أحسَّتِ
|
فُصُولُ عِباراتٍ، وُصولُ تحيَّة ٍ، |
حصولُ إشاراتٍ أصولُ عطيَّة ِ
|
ومَطْلِعُها في عالَمِ الغيبِ ما وجَدْ |
تُ منْ نعمٍ منِّي عليّ استجدَّتِ
|
بشائرُ إقرارٍ بصائرُ عبرة ٍ |
سرَائرُ آثارٍ، ذخائِرُ دعوتي
|
وموضعها في عالمِ الملكوتِ ما |
خُصِصْتُ منَ الإسْرا بهِ، دونَ أُسْرَتي
|
مدارِسُ تنزيلٍ، مَحارِسُ غِبْطَة ٍ، |
مَغارِسُ تأويلٍ، فوارِسُ مِنْعَة ِ
|
وموقعها في عالمِ الجبروتِ منْ |
مشارقِ فتحٍ للبصائر مبهتِ
|
أرائِكُ تَوحيدٍ، مَدارِكُ زُلْفَة ٍ، |
مسالكُ تمجيدٍ ملائكُ نصرة ٍ
|
ومنبعها بالفيضِ في كلِّ عالمٍ |
لفافة ِ نفسٍ بالإفاقة ِ أثرتِ
|
فوائِدُ إلْهامٍ، روائِدُ نِعمَة ٍ، |
عوائدُ إنعامٍ موائدُ نعمة ِ
|
ويجْري بما تُعْطي الطّريقة ُ سائِري، |
على نَهْجِ ما مِنّي، الحَقيقَة ُ أعطَتِ
|
ولما شعبتُ الصَّدعَ والتأمتْ فطو |
رُ شَمْلٍ بِفرْقِ الوَصْفِ، غيرِ مُشَتّتِ
|
ولم يَبقَ ما بيني وبينَ توَثقي |
بإيناسِ وُدّي، ما يُؤدّي لِوَحْشة ِ
|
تحقّقتُ أنّا، في الحقيقة ِ، واحِدٌ |
وأثبَتَ صَحْوُ الجمعِ محوَالتّشتّتِ
|
وكُلّي لِسانٌ ناظِرٌ، مِسمَعٌ، يدٌ |
لنُطقٍ، وإدراكٍ، وَسَمعٍ، وبَطشَة ِ
|
فعَينيَ ناجَتْ، واللّسانُ مُشاهِدٌ، |
وينطقُ منِّي السَّمعُ واليدُ أصغتِ
|
وسمعيَ عينُ تجتلي كلَّ ما بدا |
وعَينيَ سَمعٌ، إن شدا القومُ تُنصِتِ
|
ومنيَ، عن أيدٍ، لِساني يَدٌ، كما |
يدي لي لسانٌ في خطابي وخطبتي
|
كذاكَ يدي عينٌ ترى كلَّ ما بدا |
وعيني يَدٌ مَبسوطَة ٌ عِندَ بَسطَتي
|
وسمعي لسانٌ في مخاطبتي كذا |
لسانيَ في إصغائهِ سمعُ منصتِ
|
وللشَّمِ أحكامُ اطّرادِ القياس في اتِّـ |
حادِ صفاتي أوْ بعكسِ القضيَّة ِ
|
وما فيّ عَضْوٌ خُصّ، من دونِ غَيرِهِ، |
بتَعيينِ وَصْفٍ مِثلَ عَينِ البَصيرَة ِ
|
ومِني، على أفرادِها، كُلُّ ذَرّة ٍ، |
جوامِعُ أفعالِ الجوارحِ أحصَتِ
|
يُناجي ويُصغي عن شُهودِ مُصرِّفٍ، |
بمجموعهِ في الحالِ عنْ يد قدرة ِ
|
فأتلُو عُلومَ العالِمينَ بِلَفْظَة ٍ؛ |
وأجلو على َّ العالمينَ بلحظة ِ
|
وأسْمَعُ أصواتَ الدّعاة ِ وسائِرَ الـ |
لُّغاتِ بوقتٍ دونَ مقدارِ لمحة ِ
|
وأحضرُ ما قدْ عزَّ للبعدِ حملهُ |
ولمْ يرتددْ طرفي إليَّ بغمضة ِ
|
وأنشَقُ أرواحَ الجِنانِ، وعَرْفَ ما |
يُصافحُ أذيالَ الرّياحِ بنَسمَة ِ
|
وأستَعرِضُ الآفاقَ نحوي بخَطْرَة ٍ، |
وأختَرِقُ السّبعَ الطّباقَ بخَطوَة ِ
|
وأشباحُ منْ لمْ تبقَ فيهمْ بقيَّة ٌ |
لجمعيَ كالأرواحِ حفَّتْ فخفَّتِ
|
فَمن قالَ، أو مَن طال، أو صالَ، إنما |
يمُتّ بإمدادي لهُ برَقيقَة ِ
|
وماسارَ فوقَ الماءِ أوْ طارَ في الهوا |
أو اقتحمَ النِّيرانَ إلاَّ بهمّتي
|
وعنِّي منْ أمددتهُ برقيقة ٍ |
تصرَّفَ عنْ مجموعهِ في دقيقة ِ
|
وفي ساعة ٍ أوْ دونَ ذلكَ عنْ تلا |
بمجموعهِ جمعي تلا ألفَ ختمة ِ
|
ومنِّي لوْ قامتْ بميتٍ لطيفة ٌ |
لَرُدّتْ إليهِ نفسُهُ، وأعيدَتِ
|
هيَ النَّفسُ إنْ ألقتْ هواها تضاعفتْ |
قُواها، وأعطَتْ فِعلَها كُلَّ ذرّة ِ
|
وناهيكَ جَمعاً، لابفَرْقِ مساحَتي |
مكانٍ مقيسٍ أوْزمانٍ موقتِ
|
بذاكَ علا الطوفانُ نوحٌ وقدْ نجا |
به مَن نجا من قَومِهِ في السّفينَة ِ
|
وغاضَ لهُ ما فاضَ عنهُ، استِجادَة ً، |
وجدّ إلى الجُودي بها واستَقَرّتِ
|
وسارتْ ومتنُ الرِّيحِ تحتَ بساطهِ |
سُلَيمانُ بالجَيْشَينِ، فَوْقَ البسيطة َ
|
وقَبلَ ارتِدادِ الطّرْفِ أُحضِرَ من سبا |
لهُ عرشُ بلقيسٍ بغيرِ مشقَّة ِ
|
وأخمَد إبراهيمُ نارَ عدُوّهِ، |
وعنْ ورهِ عادتْ لهُ روضَ جنّة ِ
|
ولمَّا دعا الأطيارَ منْ كلِّ شاهقٍ |
وقد ذُبِحَتْ، جاءَتْهُ غيرَعَصِيّة ِ
|
ومنْ يدهِ موسى عصاهُ تلقَّفتْ |
منَ السِّحرِ أهوالاً على النَّفسِ شقَّتِ
|
ومِن حَجَرٍ أجرى عيوناً بضَرْبَة ٍ |
بهادِ يماً سقَّتْ وللبحرِ شقَّتِ
|
ويُوسُفُ، إذ ألقى البَشيرُ قَميصَهُ |
على وجهِ يعقوبٍ إليهِ بأوبة ِ
|
رآهُ بعينٍ قبلَ مقدمهِ بكى |
عليهِ بها شوقاً إليهِ فكفَّتِ
|
وفي آلِ إسْرائيلَ مائِدَة ٌ مِنَ الـ |
سّماءِ لعيسَى ، أُنْزِلَتْ ثمّ مُدّتِ
|
ومنْ أكمهٍ أبرا ومنْ وضحٍ عدا |
شفى وأعادَ الطِّينَ طيراً بنفخة ِ
|
وسرُّ انفعالاتِ الظّواهرِ باطناً |
عنِ الإذْنِ، ماألْقَتْ بِأُذْنِكَ صيغَتي
|
وجاءَ بِأسْرارِ الجميعِ مُفيضُها |
علينا لهمْ ختماً على حينِ فترة ِ
|
وما مِنْهُم، إلاَّ وقدْ كانَ داعِياً |
بهِ قومهُ للحقِّ عنْ تبعيَّة ِ
|
فعالمنا منهمْ نبيٌّ ومنْ دعا |
إلى الحَقِّ مِنّا قامَ بالرُّسُليَّة ِ
|
وعارفنا في وقتنا الأجدى َّ منْ |
أُولي العَزمِ مِنْهُم، آخِذٌ بالعَزيمَة ِ
|
وما كانَ مِنْهمْ مُعجِزاً، صارَ بعدَهُ، |
كرامة َ صدِّيقٍ لهُ أوْ خليفة ِ
|
بعترتهِ استغنتْ عنِ الرُّسلِ الورى |
وأصحابِهِ والتَّابِعينَ الأَئِمَّة ِ
|
كراماتهمْ منْ بعضِ ما خصَّهمْ بهِ |
بما خصَّهُمْ مِن إرْثِ كُلِّ فَضيلَة ِ
|
فمنْ نصرة ِ الدِّينِ الحنيفيِّ بعدهُ |
قتالُ أبي بكرٍ لآلِ حنيفة
|
وسارِيَة ٌ، ألْجاهُ لِلْجَبَلِ النّدا |
ءُ منْ عمرٍ والدَّارُ غيرُ قريبة ِ
|
ولمْ يشتغلْ عثمانُ عنْ وردهِ وقدْ |
أدارَ عليهِ القَوْمُ كأسَ المَنيَّة ِ
|
وأوضَحَ بالتّأويلِ ما كانَ مُشْكِلاً |
عليَّ، بِعِلمٍ نالَهُ بالوَصِيّة ِ
|
وسائرُهُمْ مِثلُ النُّجومِ، مَن اقتَدى |
بأيِّهمِ منهُ اهتدى بالنَّصيحة ِ
|
وللأولياءِ المُؤمِنينَ بهِ، ولَم |
يَرَوهُ اجتَنا قُرْبٍ لقُربِ الأخُوّة ِ
|
وَقُرْبُهُمُ معنى ً لهُ كاشتِياقِهِ |
لهمْ صورة ً فاعجبْ لحضرة ِ غيبة ِ
|
وأهلٌ تلقّى الرُّوحَ باسْمي، دعَوا إلى |
سَبيلي، وحَجُّوا المُلْحِدينَ بِحُجّتي
|
وكلهمُ عنْ سبقِ معنايَ دائرٌ |
بِدائِرَتي، أو وارِدٌ مِن شرِيعَتي
|
إنّي، وإن كُنْتُ ابنَ آدَمَ، صُورَة ً، |
فَلي فيهِ مَعنى ً شاهِدٌ باُبوّتي
|
ونَفسي على حَجْرِالتّجَلّي، بِرُشْدِها، |
تجلَّتْ وفي حجرِ التَّجلِّي تربَّتِ
|
وفي المَهْدِ حِزْبي الأنبياءُ، وفي عنا |
صرلوحيَ المحفوظُ والفتحُ سورتي
|
وقبلَ فصالي دونَ تكليفِ ظاهري |
خَتَمْتُ بِشرْعي المُوَضحي كلّ شِرْعَة ِ
|
فهمْ والألى قالوا بقولهمِ على |
صراطيَ لمْ يعدُّوا مواطئَ مشيتي
|
ولا تحسبنَّ الأمرَ عنِّي خارجاً |
فما سَادَ إلاّ داخِلٌ في عُبُودَتي
|
ولولايَ لم يُوجدْ وُجودٌ، ولم يَكُنْ |
شُهُودٌ، ولم تُعهَدْ عُهُودٌ بذِمّة ِ
|
|
وَطَوْعُ مُرادي كُلّ نَفسٍ مُريدَة ِ
|
ولا قائِلٌ، إلاّ بلَفظي مُحدِّثٌ؛ |
ولا ناظِرٌ إلاّ بناظِرِ مُقلَتي
|
ولا منصتٌ إلابسمعيَ سامعٌ |
ولا باطشٌ إلاَّ بأزلي وشدَّتي
|
ولا ناطِقٌ غَيري، ولا ناظِرٌ، ولا |
سميعٌ سِوائي مِن جميعِ الخليقَة ِ
|
وفي عالم التَّركيبِ في كلِّ صورة ٍ |
ظهرتُ بمعنى ً عنهُ بالحسنِ زينتي
|
وفي كلِّ معنى ً لمْ تبنهُ مظاهري |
تصوَّرتُ لا في صورة ِ هيكليَّة ِ
|
وفيما تراهُ الرُّوحُ كَشْفَ فَراسة ِ، |
خفيتُ عنِ المعنى المعنَّى بدقَّة ِ
|
وفي رحموتِ القبضِ كليَ رغبة ٌ |
بها انبَسطتْ آمالُ أهلِ بَسيطتي
|
وفي رهبوتِ القبضِ كليَ هيبة ُ |
ففيما أجلتُ العينَ منِّي أجلتِ
|
وفي الجَمعِ بالوَصفَينِ، كُلّيَ قُرْبة ٌ، |
فحيَّ على قربي خلالي الجميلة ِ
|
وفي منتهى في لمْ أزلْ بي واجداً |
جلال شهودي عنْ كمالِ سجيَّتي
|
وفي حيثُ لا في، لم أزَلْ فيّ شاهِداً |
جَمالَ وُجودي، لا بناظِرِ مُقلتي
|
فإنْ كنتِ منِّي فانحُ جمعي وامحُ فر |
قَ صدعي ولا تجنحْ لجنحِ الطبيعة ِ
|
فدونَكَها آياتِ إلهامِ حِكمَة ٍ، |
لأوهامِ حَدسِ الحسّ، عنكَ، مزيلة ِ
|
ومِنْ قائِلٍ بالنّسخِ، والمَسخُ واقِع ٌ |
بهِ أبرأْ وكنْ عمَّا يراهُ بعزلة ِ
|
ودعهُ ودعوى الفسخِ والرَّسخِ لائقٌ |
بهِ أبداً لوصحَّ في كلِّ دورة ِ
|
وضَرْبي لكَ الأمثالَ، مِنّيَ مِنّة ٌ |
عليكَ بشأني مرة ً بعدَ مرة ِ
|
تأمّلْ مقاماتِ السَّرُوجِّي، واعتَبِرْ |
بتَلوينِهِ تَحْمَدْ قَبولَ مَشورَتي
|
وتَدرِ التباسَ النّفسِ بالحسّ، باطناً، |
بمظهرها في كلِّ شكلِ وصورة ِ
|
وفي قولِهِ إنْ مانَ فالحَقّ ضارِبٌ |
بهِ مثلاً والنفسُ غيرَ مجدَّة ِ
|
فكُنْ فَطِناً، وانظُرْ بحِسّكَ، مُنصِفاً |
لنفسكَ في أفعالكَ الأثرية ِ
|
وشاهدْ إذا استجليتَ نفسكَ ما ترى |
بغيرِ ِمراءِ في المرائي الصقيلة ِ
|
أغَيرُكَ فيها لاحَ، أمْ أنتَ ناظِرٌ |
إليكَ بها عندَ انعكاسِ الأشعة ِ
|
وأصغِ لرجعِ الصوتِ عندَ انقطاعهِ |
إليكَ بأكنافِ القصور المشيدة ِ
|
أَهَلْ كانَ منْ ناجاكَ ثمَّ سواكَ أمْ |
سَمِعتَ خِطاباً عن صَداكَ المُصَوّتِ
|
وقُل ليَ :مَن ألقى إليكَ عُلُومَهُ، |
وقد رَكدتْ منكَ الحواسُ بغَفوَة ِ
|
وما كنتَ تَدري، قبل يومكَ، ما جرَى |
بأمسِكَ، أوما سوْفَ يجري بغُدوَة ِ
|
فأصبحتَ ذا علمٍ بأخبارِ منْ مضى |
وأسرارِ منْ يأتي مدلاً بِخبرَة ِ
|
أَتحسبُ ما جاراكَ في سنة ِ الكرى |
سِواكَ بأنواعِ العُلُومِ الجليلَة ِ
|
وما هيَ إلاّ النّفسُ، عندَاشتِغالها، |
بِعَاَلِمهَا عن مظهرِ البشرية ِ
|
تجلَّت لها بالغيبِ في شكلِ عالمٍ |
هَدَاها إلى فَهْم المعاني الغريبة ِ
|
وقد طُبِعَتْ فيها العُلُومُ، وأُعلِنَتْ |
بأسمائِها، قدِماً، بوَحْيِ الأُبوّة ِ
|
وبالعلمِ مِنْ فوقِ السِّوى ما تنعَّمَتْ |
ولكنْ بما أملَتْ عَلَيها تَمَلّتِ
|
ولو أنّها، قبلَ المنامِ، تَجرّدَتْ |
لشاهدتَها مثلي بعينٍ صحيحة ِ
|
وتجريدُها العاديُّ، أثبَتَ، أوّلاً، |
تجرُّدَها الثَّاني الَمعَادِي فأثبتِ
|
ولا تكُ ِممَّن طيَّشَتْهُ دُرُوسُهُ |
بحَيثُ اسْتَقَلّتْ عَقْلَهُ، واستقرّتِ
|
فثمَّ وراءَ النقلِ علمٌ يدقُّ عنْ |
مَداركِ غاياتِ العُقُولِ السّليمَة ِ
|
تلقَّيتهُ منّي وعَني أخْذتهُ |
ونفسيَ كانتْ، من عطَائي، مُمِدّتي
|
ولاتكُ بالّلاهي عنْ اللهوِ جُملة ً |
فَهَزْلُ المَلاهي جِدُّ نَفْسٍ مُجدّة ِ
|
وإيّاكَ الإعراضَ عنْ كلِّ صورة ٍ |
مُموَّهة ٍ أو حالة ٍ مستحيلة ِ
|
فطيفُ خيالِ الظّلِّ يُهدي إليكَ في |
كَرَى اللّهوِ، ما عنهُ السَّتائِرُ شُقّتِ
|
ترى َ صورة َ الأشياءِ تُجلي عليكَ ِمن |
وراءِ حجابِ الَّلبسِ في كلِّ خِلعة ِ
|
تجمَّعتِ الأضدادُ فيها لِحكمة ٍ |
فأشكالهَا تبدُو على كلِّ هيئة ِ
|
صوامتُ ُتبدي النطقَ وهيَ سواكنٌ |
تحرّكُ، تُهدي النّورَ، غيرَ ضَوِيَّة ِ
|
وتَضْحَكُ إعجاباً، كَأجْذلِ فارِحٍ؛ |
وتبكي انتِحاباً، مثلَ ثَكلى حزينَة ِ
|
وتندبُ إن أنّت على سلبِ ِنعمة ِ |
وتطرَبُ إنْ غنَّتْ على طيب نغمة ِ
|
يرى الطّيرَ في الأغصانِ يُطْرِبُ سَجعُها، |
بِتَغريدِ ألحانٍ، لديكَ، شَجِيَّة ِ
|
وتعجَبُ من أصواتِها بِلغَاتِها |
وقَدْ أعرَبَتْ عن ألْسُنٍ أعجَمِيَّة ِ
|
وفي البرِّ تسرِي العيسُ، تخْتَرِقُ الفلا، |
وفي البحرِ تَجري الفُلكُ في وسطِ لُجّة ِ
|
وتَنْظُرُ لِلجَيْشَينِ في البرِّ، مَرّة ً، |
وفي البحرِ أُخرى في جُموعٍ كثيرة ِ
|
لِباسُهُمُ نَسْجُ الحَديدِ لِبأسِهِمْ، |
وهُم في حمَى حدَّي ظُبى ً وأسنِة ِ
|
فأجنادُ جيشِ البرِّ ما بينَ فارسٍ |
على فَرَسٍ، أو راجِلٍ ربِّ رِجْلَة ِ
|
وأكنادُ جيشِ البحرِ ما بينَ راكبٍ |
مَطَا مركبٍ أو صاعِدٍ مِثلَ صَعْدة ِ
|
فمِن ضارِبٍ بالبيضِ، فتكاً، وطاعِنٍ |
بسُمرِ القَنا العَسَّالة ِ السَّمهريِّة ِ
|
ومنْ مغرقٍ في النَّارِ رشقاً بأسهمٍ |
ومنْ محرقٍ بالماءِ زرقاً بشعلة ِ
|
تَرَى ذا مُغيْراً، باذِلاً نَفْسَهُ، وذا |
يولّي كسيراً تحتَ ذلِّ الهزيمة ِ
|
وتَشْهَدُ رَميَ المَنجَنيقِ، ونَصْبَهُ |
لهدمِ الصَّياصي والحصونِ المنيعة ِ
|
وتلحظُ أشباحاً تراءي بأنفسٍ |
مُجَرَّدَة ٍ، في أرضِها، مُستَجِنَّة ِ
|
تُباينُ أنْسَ الإنسِ صُورَة ُ لَبسِها، |
لِوحشِتِها، والجِنُّ غيرُ أنيسَة ِ
|
وتطرحُ في النّهرِ الشِّباكَ فتخرجُ الـ |
ـسّماكَ يَدُ الصّيّادِ منها، بِسُرْعة ِ
|
ويحتالُ بالأشراكِ ناصبها على |
وُقوعِ خِماصِ الطّيرِ فيها بِحبّة ِ
|
ويكسرُ سفنَ اليمِّ ضاري دوابهِ |
وتظفرُ آسادُ الشَّرى بالفريسة ِ
|
ويصطادُ بعضُ الطَّيرِ بعضاًمنَ الفضا |
ويقنصُ بعضُ الوحشِ بعضاً بقفرة ِ
|
وتَلْمَحُ مِنها ما تَخطَّيتُ ذِكْرَهُ، |
ولم أعتَمِد إلاّ على خيرِ مُلْحَة ِ
|
|
بدا لَكَ، لا في مُدّة ٍ مُستَطيلَة ِ
|
وكلَّ الَّذي شاهدتهُ فعلُ واحدٍ |
بِمُفْرَدِهِ، لكِن بِحُجْبِ الأكِنّة ِ
|
إذا ما أزال السِّترَ لمْ ترَ غيرهُ |
ولم يبقَ، بالأشْكالِ، أشكالُ رِيبَة ِ
|
وحقَّقتُ عندَ الكشفِ أنَّ بنورهِ اهْـ |
ـتَديْتَ، إلى أفْعالَهِ، بالدُّجُنة ِ
|
كذا كنتُ ما بيني وبيني مسبلاً |
حجابَ التباسِ النّفسِ في نورِ ظلمة ِ
|
لأظهَرَ بالتّدريجِ، للحِسّ مؤنِساً |
لها، في ابتداعِ، دُفعَة ً بَعدَ دُفعَة ِ
|
قرنتُ بجدِّي لهوَ ذاكَ مقرّباً |
لفهمكَ غاياتِ المرامي البعيدة ِ
|
وتجمعنا في المظهرينِ تشابهٌ |
وليستْ لحالي حالهُ بشبيهة ِ
|
فأشكالهُ كانتْ مظاهرَ فعلهِ |
بسترٍ تلاشَتْ، إذ تجَلّى ، ووَلّتِ
|
وكانتْ لهُ بالفعلِ نفسي شبيهة ً |
وحِسّيَ كالإشكالِ، واللَّبْسُ سُترَتي
|
فلمَّا رفعتُ السِّترَ عنِّي كرفعهِ |
بحيثُ بدتْ لي النَّفسُ منْ غيرِ حجة ِ
|
وقد طَلَعَتْ شَمسُ الشُّهودِ، فأشرَقَ الـ |
وجودُ وحلَّتْ بي عقودُ أخيَّة ِ
|
قَتَلتُ غُلامَ النَّفسِ بينَ إقامتي الـ |
جَدارَ لأحكامي، وخَرْقِ سفينتي
|
وعدتُ بامدادي على كلِّ عالمٍ |
حسبِ الأفعالِ في كلِّ مدَّة ِ
|
ولوْ لااحتجابي بالصِّفاتِ لأحرقتْ |
مظاهَرُ ذاتي، مِنْ سناءِ سجيّتي
|
وألسنة ُ الأكوانِ إنْ كنتُ واعياً |
شُهودٌ بتَوحيدي، بحالٍ فصيحَة ِ
|
وجاءَ حديثٌ في اتِّحاديَ ثابتٌ |
روايتُهُ في النّقلِ غيرُ ضعيفَة ِ
|
يشيرُ بحبِّ الحقِّ بعدَ تقرَّبٍ |
إليهٍ بنفلٍ أوْ أداءِ فريضة ِ
|
وموضِعُ تنبيهِ الإشارَة ِ ظاهِرٌ: |
بِكُنْتُ لهُ سَمعاً، كنورِالظّهيرَة ِ
|
تسبَّبتُ في التَّوحيدِ حتَّى وجدتهُ |
وواسِطَة ُ الأسبابِ إحدى أدِلّتي
|
ووحّدْتُ في الأسبابِ، حتى فَقدتُها، |
ورابطَة ُ التّوحِيدِ أجدى وسيلة ِ
|
وجرّدتُ نفسي عنهما، فتجَرّدتُ، |
ولم تَكُ يوماً قَطّ غيرَ وحيدة ِ
|
وغصتُ بحارَ الجمعِ بلْ خضتها على |
انفرادي فاستخرجتُ كلَّ يتيمة ِ
|
لأسمعَ أفعالي بسمعِ بصيرة ٍ |
وأشهَدَ أقوالي بعينٍ سَميعة ِ
|
فإنْ ناحَ في الأيكِ الهزارُوغرَّدتْ |
جواباً لهُ، الأطيارُ في كلّ دَوحَة ِ
|
وأطربَ بالمزمارِ مصلحهُ على |
مناسَبَة ِ الأوتارِ من يَدِ قَيْنَة ِ
|
وغنَّتْ منَ الأشعارِ مارقَّ فارتقتْ |
لسدرتها الأسرارُ في كلِّ شدوة ِ
|
تنزّهتُ في آثارِ صنعي منزَّهاً |
عنِ الشّركِ، بالأغيارِ جَمعيوأُلفتي
|
في مجلسُ الأذكارِ سمعُ مطالعٍ |
ولي حانَة ُ الخمّارِ عَينُ طليعَة ِ
|
وما عقدَ الزِّنَّارَ حكماً سوى يدى |
وإنْ حُلّ بالإقرارِ بي، فهْيَ حَلّتِ
|
وإنْ نارَ بالتَّنزيلِ محرابُ مسجدٍ |
فما بارَ بالإنجيلِ هيكلُ بيعة ِ
|
ووأسفارُ تَوراة ِ الكَليمِ لِقَومِهِ، |
يُناجي بها الأحْبارِ في كُلّ ليلَة ِ
|
وإن خَرَّ للأحجارِ، في البُدّ، عاكِفٌ، |
فلا وجهُ للإنكارِ بالعصبيَّة ِ
|
فقدْ عبدَ الدِّينارَ معنى ً منزّهٌ |
عَنْ العارِ بالإشراكِ بالوَثنية ِ
|
وقدْ بلغَ الإنذارَ عنِّيَ منْ بغى |
وقامَتْ بيَ الأعذارُفي كلّ فِرقَة ِ
|
وما زاغتِ الأبصارُ منْ كلِّ ملَّة ٍ |
وما راغتِ الأفكارَ في كلِّ نحلة ِ
|
وما اختارَ مَن للشمسِ عن غِرّة ٍ صَبا، |
وإشرافها منْ نورِ إسفارِ غرَّتي
|
وإنْ عبدَ النَّارَ المجوسُ وما انطفتْ |
كما جاءَ في الأخبارِ في ألفِ حجة ِ
|
فما قصدوا غيري وإنْ كانَ قصدهمْ |
سِوايَ، وإن لم يُظهروا عَقدَ نِيّة ِ
|
رأوا ضوءَ نوري مرًّة ً فتوهَّمو |
هُ ناراً، فصَلّوا في الهُدى بالأشعة ِ
|
ولولا حجابُ الكونِ قلتُ وإنَّما |
قِيامي بأحكامِ المظاهِرِ مُسْكِتي
|
فلا عَبثٌ والخَلقُ لم يُخلقوا سُدًى ، |
وإن لم تكُن أفعالُهُمْ بالسّديدة ِ
|
على سمة ِ الأسماءِ تجري أمورهمْ |
وحِكمة ُ وصفِ الذاتِ، للحكمِ، أجرَتِ
|
يُصَرّفُهُمْ في القَبضَتَينِ، ولا ولا، |
فقَبضَة ُ تَنعيمٍ، وقَبْضَة ُ شِقْوَة ٍ
|
ألا هكذا فلتعرفِ النَّفسُ أوفلا |
ويُتلَ بها الفُرقانُ كُلَّ صَبيحَة ِ
|
وعرفانها منْ نفسها وهيَ الَّتي |
على الحسِّ ما أمَّلتْ منِّي أملتِ
|
ولوْ أنَّني وحَّدتُ ألحدتُ وانسلخْـ |
تُ منْ آي جمعي مشركاً بيَ صنعتي
|
ولستُ ملوماً أنْ أبثَّ مواهبي |
وأمنَحَ أتْبَاعي جَزيلَ عَطِيّتي
|
ولي مِن مُفيض الجَمعِ، عندَسلامِه |
عليَّ بأوْ أدنى إشارة ُ نسبة ِ
|
ومنْ نورهِ مشكاة ُ ذاتي أشرقتْ |
عليّ فنارَتْ بي عِشائي، كَضَحَوتي
|
فأشهدتني كوني هناكَ فكنتهُ |
وشاهدتهُ إيَّايَ والنُّورُ بهجتي
|
فَبي قُدّسَ الوادي، وفيه خلعتُ خَلْـ |
ع نعلي على النّادي وجدتُ بخلعتي
|
وآنَستُ أنواري، فكُنتُ لها هُدًى ، |
وناهيكَ من نَفسٍ علَيها مُضيئَة
|
وأسّستُ أطواري، فناجَيتُني بها، |
وقضّيْتُ أوْطاري، وذاتي كَليمَتي
|
وبدريَ لمْ يأفلْ وشمسيَ لمْ تغبْ |
وبي تَهتَدي كُلّ الدّراري المُنيرَة ِ
|
وأنجُمُ أفلاكي جرَتْ عن تَصَرّفي |
بمِلكي، وأملاكي، لمُلكيَ، خَرّتِ
|
وفي عالمِ التَّذكارِ للنّفسِ علمها الْـ |
ـمُقَدَّمُ، تَستَهديه منيَ فِتيَتي
|
فحيَّ على جمعي القديمِ الَّذي بهِ |
وجَدْتُ كُهُولَ الحَيّ أطفالَ صِبيَة ِ
|
ومن فضْلِ ما أسأرْتُ شُربُ مُعاصري، |
ومَن كانَ قَبْلي، فالفَضائلُ فَضْلَتي |