أرَجُ النّسيمِ سرَى مِنَ الزّوراء، |
سحراً فأحيا ميِّتَ الأحياءِ
|
أهدى لَنا أرواحَ نَجْدِ عَرْفُهُ، |
فالجوُّ منهُ مُعَنْبَرُ الأرجاءِ
|
ورَوى أحاديثُ الأحِبّة ِ، مُسنداً، |
عنْ إذخرٍ بأذاخرٍ وسخاءِ
|
فسكرتُ منْ ريَّاحواشي بردهِ |
وسَرَتْ حُمَيّا البُرءِ في أدوائي
|
يا راكِبَ الوَجْناءِ، بُلُغتَ المنى ، |
عُجْ بالحِمى ، إنْ جُزتَ بالجَرعاءِ
|
متيمِّماً تلعاتِ وادي ضارجٍ |
مُتَيامِناً عَن قاعَة َ الوَعساءِ
|
وإذا وَصَلْتَ أُثَيْلَ سَلْعٍ، فالنّقا، |
فالرَّقمتينِ فلعلعٍِ فشظاءِ
|
وكذا عنْ العلمينِ منْ شرقيِّهِ |
ملْ عادلاً للحلّة ِ الفيحاءِ
|
واقرِ السَّلامَ عريبَ ذيَّاكَ الَّلوى |
مِن مُغرَمٍ، دَنِفٍ، كَئيبٍ، ناءِ
|
صبٍّ متى قفلَ الحجيجُ تصاعدتْ |
زفَراتُهٌ بتَنَفُّسِ الصّعَداءِ
|
كَلَمَ السّهادُ جُفونَهُ، فتَبادَرَتْ |
عَبراتُهُ، مَمْزوجَة ً بِدِماءِ
|
يا ساكني البَطحاء، هل مِن عَودَة ٍ |
أحيا بها يا ساكني البطحاءِ
|
إنْ ينقضي صبري فليسَ بمنقضٍ |
وجدي القَديمُ بكُمْ، ولابُرحائي
|
ولَئِنْ جَفا الوَسميُّ ماحِلَ تُرْبِكُم، |
فمدامعي تربي على الأنواءِ
|
واحسْرَتي، ضاعَ الزَّمانُ ولم أفُزْ |
منكمْ أهيلَ مودَّتي بلقاءِ
|
ومتى يؤمِّلُ راحة ً منْ عمرهُ |
يومانِ يومُ قلى ً ويومُ تناءِ
|
وحياتكمْ يا أهلَ مكَّة َ وهيَ لي |
قسمٌ لقدْ كلفتْ بكمْ أحشائي
|
حبَّيكمُ في النَّاسِ أضحى مذهبي |
وهواكُمُ ديني وعَقْدُ وَلائي
|
يا لائِمي في حُبّ مَنْ أجلِهِ |
قد جَدّ بي وَجدي، وعَزّ عَزائي
|
هَلاّ نَهاكَ نُهاكَ عن لَوْمِ امرِىء ٍ، |
لمْ يلفَ غيرَ منعَّمٍ بشقاءِ
|
لو تَدْرِ فيمَ عَذَلْتني لَعَذَرْتَني، |
خفض عليكَ وخلِّني وبلائي
|
فلنازلي سرحِ المربعِ فالشَّبيـ |
ـكة ِ فالثَّنيَّة ِ منْ شعابِ كداءِ
|
ولحاضِري البَيتِ الحَرامِ، وعامِري |
تِلكَ الخيامِ، وزائري الحَثْماءِ
|
ولِفِتيَة ِ الحَرَمِ المَريعِ، وجِيرَة ِ الـ |
ـحَيّ المَنيعِ، تَلَفُّتي وعَنائي
|
فهمُ همُ، صدُّوا دنوا، وصلوا جفوا |
غدروا، وفَوا، هجروا، رثوا لضنائي
|
وهُمُ عِياذي، حيثُ لم تُغنِ الرُّقى ، |
وهمْ ملاذي إنْ غدتْ أعدائي
|
وهُمُ بِقلْبي، إنْ تناءَتْ دارُهُمْ |
عنِّي وسخطي في الهوى ورضائي
|
وعلى محلِّي بينَ ظهرانيهمِ |
بالأخشَبينِ، أطوفُ حَولَ حِمائي
|
وعلى اعتِناقي للرّفاقِ، مُسَلِّماً، |
عِنْدَ استِلامِ الرّكنِ، بالإيماءِ
|
وتذكُّري أجيادَ وردي في الضُّحى |
وتهجُّدي في الَّليلة ِ الَّليلاءِ
|
وعلى مُقامي بالمَقامِ، أقامَ في |
جِسمي السّقامُ، ولاتَ حينَ شِفاءِ
|
عَمْري، ولو قُلِبَتْ بِطاحُ مَسيلِهِ |
قلباً لقلبي الرِّيُّ بالحصباءِ
|
أسْعِد أُخَيَّ، وغنّني بحَديثِ مَنْ |
حلَّ الأباطعَ إنْ رعيتَ إخائي
|
وأَعِدْهُ عِنْدَ مَسامِعي، فالرّوحُ، إن |
بَعُدَ المَدى ، تَرتاحُ للأنْباءِ
|
وإذا أذى أَلمٍ ألَمَّ بِمُهجَتي، |
فَشذا أُعَيشابِ الحِجازِ دَوائي
|
أأزادُ عنْ عذبِ الورودِ بأرضهِ |
وأُحادُ عنْهُ، وفي نَقاهُ بَقائي
|
ورُبوعُهُ أربي، أجَل، ورَبيعُهُ |
طربي وصارفُ أزمة ِ اللّأواءِ
|
وجِبالُهُ لَي مَرْبَعٌ، ورِمالُهُ |
ليَ مرتعٌ وظلالهُ أفيائي
|
وتُرابُهُ نَدّي الذّكيُّ، وماؤهُ |
وردى الرَّويُّ وفي ثراهُ ثرائي
|
وشعابهُ ليَ جنَّة ٌ وقبابهُ |
ليَ جنَّة ٌ وعلى صفاهُ صفائي
|
حيَّا الحيا تلكَ المنازلَ والرُّبى |
وسقى الوليُّ مواطنَ الآلاءِ
|
وسقى المشاعرِ والمحصَّبِ منْ منى |
سَحّاً، وجادَ مَواقِفَ الأنضاءِ
|
ورَعى الإلَهُ بها أصَيحابي، الأُلى |
سامرتهمْ بجامعِ الأهواءِ
|
ورَعى لَيالي الخَيْفِ، ماكانتْ سِوى |
حُلُمٍ مَضى ، مَعَ يَقظَة ِ الإغْفاءِ
|
واهاً على ذاكَ الزَّمانِ وما حوى |
طيبُ المكانِ بغفلة ِ الرُّقباءِ
|
أيّامَ أرْتَعُ في ميادينِ المُنى ، |
جَذِلاً، وأرْفُلُ في ذُيولِ حِباءِ
|
ما أعجبَ الأيَّامَ توجبُ للفتى |
مِنَحاً، وتَمْحَنُهُ بِسلبِ عَطاءِ
|
يا هلَّ لماضي عيشنا منْ عودة ٍ |
يوماً وأسمحُ يعدهُ ببقائي
|
هيهاتِ، خابَ السّعيُ وانفصَمتْ عُرى |
حبلِ المنى وانحلَّ عقدُ رجائي
|
وكفى غراماً أنْ أبيتَ متيَّماً |
شَوقي أماميَ، والقضاءُ ورائي |