قمري الحزينْ
|
البحر مات وغيّبت أمواجُهُ السوداء قلع السندبادْ
|
ولم يعد أبناؤه يتصايحون مع النوارس والصدى
|
المبحوح عاد
|
والأفق كَفَّنَهُ الرمادْ
|
فَلِمَنْ تغنّي الساحراتْ ؟
|
والعشب فوق جبينه يطفو وتطفو دنيوات
|
كانت لنا فيها ، إذا غنى المغنّي ، ذكريات
|
غرقت جزيرتنا وما عاد الغناء
|
إلا بكاءْ
|
والقُبَّرَاتْ
|
طارت ، فيا قمري الحزين
|
الكنز في المجرى دفين
|
في آخر البستان ، تحت شجيرة الليمون ، خبأهُ هناك السندبادْ
|
لكنه خاوٍ ، وها أنَّ الرماد
|
والثلجَ والظلمات والأوراق تطمره وتطمر بالضباب الكائنات
|
أكذا نموت بهذه الأرض الخراب ؟
|
ويجفّ قنديلُ الطفولةِ في التراب ؟
|
أهكذا شمس النهار
|
تخبو وليس بموقد الفقراءِ نارْ ؟
|
-2-
|
مُدنٌ بلا فجرٍ تنامْ
|
ناديتُ باسمكَ في شوارعِها ، فجاوبني الظلام
|
وسألتُ عنكَ الريحَ وهي تَئِنّ في قلبِ السكون
|
ورأيتُ وجهَكَ في المرايا والعيون
|
وفي زجاجِ نوافذِ الفجرِ البعيدْ
|
وفي بطاقاتِ البريدْ
|
مُدُنٌ بلا فجرٍ يُغطّيها الجليد
|
هجرتْ كنائسَهَا عصافيرُ الربيعْ
|
فَلِمَنْ تُغَنِّي ؟ والمقاهي أوصدتْ أبوابَهَا
|
وَلِمَنْ تُصَلِّي ؟ أيها القلبُ الصَّدِيع
|
والليلُ ماتْ
|
والمركبات
|
عادتْ بلا خيلٍ يُغَطِّيهَا الصَّقِيع
|
وسائقوها ميتون
|
أهكذا تمضي السنون ؟
|
ونحنُ مِنْ مَنْفَى إلى مَنْفَى ومن بابٍ لبابْ
|
نَذْوِي كَمَا تَذْوِي الزَّنَابِقُ في التُّرَابْ
|
فُقَرَاء ، يا قَمَرِي ، نَمُوت
|
وقطارُنا أبداً يَفُوت |