باتتْ سعادُ وأمسى حبلها رابا، |
وَأَحْدَثَ النَّأيُ لي شَوْقًا وأَوْصَابَا
|
وَأجمَعتْ صُرْمَنا سُعدى وَهِجرَتَنا |
لمَا رَأتْ أنّ رَأسيِ اليَوْمَ قد شَابَا
|
أيّامَ تَجْلُو لَنَا عَنْ بارِدٍ رَتِلٍ، |
تخالُ نَكْهَتَهُ بالّليلِ سُيَّابَا
|
وجيدِ مغزلة ٍ تقرو نوجذاها، |
من يانعِ المردِ، ما احلولى وما طابا
|
وَعَيْنِ وَحشِيّة ٍ أغْفَتْ، فَأرّقَهَا |
صَوتُ الذِّئابِ فَأَوْفَتْ نَحوَه دَابَا
|
هركولة ٌ مثلُ دعصِ الرّملِ اًسفلها |
مكسوّة ً من جمالِ الحسنِ جلبابا
|
تُميلُ جَثْلاً عَلى المَتْنَينِ ذا خُصَلٍ |
يحبو مواشطهُ مسكاً وتطبابا
|
رُعبوبَة ٌ، فُنُقٌ، خُمصَانَة ٌ، رَدحٌ، |
قَد أُشرِبَتْ مثلَ ماءِ الدُّرّ إشْرَابَا
|
ومهمة ٍ نازحٍ، قفرٍ مساربهُ، |
كَلّفْتُ أعْيسَ تَحتِ الرّحلِ نَعّابَا
|
يُنْبي القُتُودَ بمِثْلِ البُرْجِ مُتّصِلاً |
مُؤيَّداً قَدْ أنَافُوا فَوْقَهُ بَابَا
|
كأنّ كوري وميسادي وميثرتي، |
كسوتها أسفعَ الخدّينِ عبعابا
|
ألجَاهُ قَطْرٌ، وَشَفّانٌ لِمُرْتَكِمٍ |
مِنَ الأمِيلِ، عَلَيهِ البَغْرُ إكْثَابَا
|
وَبَاتَ في دَفِّ أرْطَاةٍ يَلُوذُ بِها |
يجري الرّبابُ على متنيهِ تسكابا
|
تجلو البوارقُ عن طيانَ مضطمرٍ، |
تخالهُ كوكباً في الأفقِ ثقابا
|
حتى إذا ذَرّ قَرْنُ الشّمسِ أو كَرَبتْ |
أحَسّ مِنْ ثُعَلٍ بالفَجْرِ كَلاّبَا
|
يُشلي عِطافاً، وَمَجدولاً، وَسَلهبة ً، |
وَذا القِلادَة ِ، مَحْصُوفاً وَكَسّابَا
|
ذو صبية ٍ كسبُ تلكَ الضّرباتِ لهْ، |
قدْ حالفوا الفقرَ واللأواءَ أحقابا
|
فانصاعَ لا يأتلي شداً بخذرفة ٍ، |
إذا نَحَا لِكُلاهَا رَوْقَهُ صَابَا
|
وهنّ منتصلاتٌ، كلّها ثقفٌ، |
تخالهنّ، وقدْ أرهقنَ، نشّابا
|
لأياً يُجاهِدُها، لا يَأتَلي طَلَباً، |
حتى إذا عقلهُ، بعدَ الونى ، ثابا
|
فكرّ ذو حربة ٍ تحمي مقاتلهُ، |
إذا نحا لكلاهما روقهُ صابا
|
لمّا رأيتُ زماناً كالحاً شبماً، |
قَد صَارَ فيهِ رُؤوسُ النّاسِ أذْنَابَا
|
يَمّمْتُ خَيرَ فَتًى في النّاسِ كُلّهمُ، |
الشّاهِديِنَ بِهِ أعْني وَمَنْ غَابَا
|
لمّا رآني إيَاسٌ في مُرَجَّمَة ٍ، |
رَثَّ الشَّوَارِ قَلِيلَ المَالِ مُنْشَابَا
|
أثوى ثواءَ كريمٍ، ثمّ متعني |
يومَ العروبة ِ إذْ ودعتُ أصحابا
|
بعنتريسٍ كأنّ الحصّ ليطَ بها |
أدْمَاءَ لا بَكْرَة ً تُدْعَى وَلا نَابَا
|
والرِّجلُ كالرّوضة ِ المحلالِ زيّنها |
نبتُ الخريفِ وكانتْ قبلُ معشابا
|
جَزَى الإلَهُ إيَاساً خَيْرَ نِعْمَتِهِ، |
كمَا جَزَى المَرْءَ نُوحاً بعدَما شَابَا
|
في فلكهِ، إذْ تبدّاها ليصنعها، |
وظلَّ يَجْمَعُ أَلْوَاحًا وأَبْوَابَا |