أدار الكأس مترعة ً شرابا |
وأهداها لنا ذهباً مذابا |
وقد غارت نجوم الصبح لمّا |
رأته وهو قد كشف النقابا |
وقال لي الهوى فيه اصطبحها |
وطبْ نفساً بها فالوقت طابا |
ونحن بجنَّة ٍ لا خلد فيها |
ولا واش نخاف به العقابا |
ونارُ الحسن في وجنات أحوى |
من الغلمان تلتهب التهابا |
أدرها يا غلام عَليَّ صرفاً |
وأرشفني بريقتك الرضابا |
أدرها مُزَّة تحلو وَدَعني |
أقبل من ثناياك العذابا |
أراش سهامَ مقلته غريرُ |
إذا أرمى بها قلباً أصابا |
وطاف بها على الندمان يسعى |
كأنَ بكفهِ منها خضابا |
وشربٍ يشهدون الغيَ محصناً |
إذا الشيطان أبصرهم أنابا |
عكفت بهم على اللَّذات حتى |
قرعت بهم من الغايات بابا |
متى حجب الوقار اللّهو عنهم |
رأوا أنْ يرفعوا ذاك الحجابا |
وقاموا للتي لا عيبَ فيها |
يرَوْنَ بتركها للعاب عابا |
كأنَّ مجالس الأفراح منهم |
كؤوس الراح تنظمهم حبابا |
تريك مذاهباً للقوم شتّى |
وتذهب في عقولهم ذهابا |
تحرَّينا السرور وربَّ رأيٍ |
إذا وطىء التراب بأخمصيه |
وما زلنا نريق دم الحميّا |
ونشربها وقد ساغت شرابا |
إلى أن أقلعت ظلم الدياجي |
كما طيَّرت عن وكر غرابا |
وغنَّتنا على الأغصان ورقُ |
يطوّقني أياديه الرغابا |
وقد ضحك الأقاح الغضُّ منا |
وأبصر من خلاعتنا عجابا |
وظلّ البان يرقص والقمارى |
تغنّيه انخفاضاً وانتصابا |
وفينا كلُّ مبتهج خليعٍ |
طروب شبَّ عارضه وشابا |
إذا شرب المدام وأطرابته |
أعاد على المشيب بها الشبابا |
ألا بأبي من العشاق صبٌّ |
متى ذكر الغرام له تصابى |
بكُلّ مهفهفِ الأعطاف يعطو |
بجيد الظبي روع فاسترابا |
إذا وطئ التراب بأخمصيه |
تمنّى أن يكون له ترابا |
وأيم الله إنك مستهام |
إذا استعذبت في الحبّ العذابا |
أعدْ لي ذكر أقداح كبارٍ |
ملاءً من شرابك أو قرابا |
وخلّ اليوم عنك حديث سلمى |
فلا سلمى أريد ولا الربابا |
ومن قول الشجيّ سألت ربعاً |
خلا ممن أحبّ فما أجابا |
وخذ بحديث سليمان فإنّي |
أحبّ به الثناء المستطابا |
يهاب مع الجمال ولا يداري |
ويوصف بالجميل ولا يحابى |
فلو فاكهته لجنيت شهداً |
ولو عاديته لشهدت صابا |
ولم تر قبله عينٌ رأته |
جميلاً راح محبوباً مهابا |
ينوب عن الصبّاح إذا تجلى ّ |
وما ناب الصبّاح له منابا |
رغبت عن الأنام به فأضحى |
فكان ليَ الثناء عليه داراً |
وكان له الندى والجود دابا |
هم الرأس المقدَّمُ من قريش |
يريك الناس أجمعها ذنابا |
وهم خير خلق الله أصلاً |
وفرعاً واحتساباً وانتسابا |
ويرضى الله ما رضيت قريشٌ |
ويغضب إنْ هم راحوا غضابا |
ففيهم شيَّد الله المعالي |
وفيهم أنزل الله الكتابا |
أولئك آلُ بيتٍ أنزلوها |
تراثاً عن أبيهم واكتسابا |
شواهق من جبال المجد تسمو |
مفاخرها وأبنية رحابا |
وأخلاقاً مهذبة لداناً |
وإيماناً من الجدوى رطابا |
إليكم ننتمي وبكم نباهي |
من البحر الشرايع والعبابا |
وفي الدّارين ما زلنا لديكم |
نجوز الأجر منكم والثوابا |
وأبلغ ما يكون به التمني |
دنوّاً من جنابك واقترابا |
زماناً راعني بنواك شهراً |
فما لي لا أريع به الركابا |
فليس العيدُ ما أوفى بعيدٍ |
ولم أشهد به ذاك الجنابا |
وعاتبنا بفرقتك الليالي |
على ما كان حزناً واكتئابا |
فأما أقصر الأشراف اعاً |
فأطولهم مع الدنيا عتابا |
فيا قمراً عن الزوراء غابا |
زماناً للتنزه ثم آبا |
طلعت طلوع بدر التِّمِّ لمّا |
غَرَبْتَ فلا لقيت الاغترابا |
وجئت فجئتنا بالخير سيلاً |
تُسيلُ به الأباطح والهضابا |
فإنك كلّما استُسقيت وبلاً |
سقيت وكنت يومئذ سحابا |
فمن منح شرحتَ لنا صدوراً |
ومن مِنَنٍ تقلدها الرقابا |
ولمّا أنْ نظمتُ له القوافي |
ولجت بها على الضرغام غابا |
وقمتُ عليه أنشدُها وأهدي |
لحضرته الدعاء المستجابا |
إذا منع اللئيم ندى يديهِ |
أبى إلاّ انصباباً وانسكابا |