لم يعد في المحطة إلا الفوانيس خافتة
|
وخريف بعيد...بعيد
|
وتترك حزنك بين المقاعد ترجوه يسرق
|
تعطي لوجهك صمتا كعود ثقاب ندي
|
بإحدى الحدائق
|
إن فرشت وردة عينها يشتعل
|
وتجوز خط الحديد
|
كأنك كل الذين أرادوا الصعود ولم يستطيعوا
|
أو انتظروا
|
أو كهاو اكتظ دفتره بالدموع
|
دموعك صمت
|
ثيابك بدعة صمت مقلمة بالبنفسج
|
لم يبق زر بها
|
وحقيبة حزنك قد ضيعت قفلها
|
لم تزر قميصك... بنطالك الرخو
|
لم يبق شيء يزر
|
لا أنت
|
لا صوتها
|
لا المحطة
|
لا الأمس
|
آخر قاطرة سلمت نفسها لم تقاوم
|
على فكرة
|
صوتها طائر ينهل الصبح من لوزة
|
سلمت نفسها
|
آخر القاطرات انتهت...
|
سلمت نفسها لم تقوم
|
أخذت رجائي وصغرته سنتين
|
وأجلسته فوق مصطبة سكرت من أريج النساء
|
لا تقلب متاعي الحزين أمام الأجانب
|
فالثياب القديمة مثل البكاء
|
وأخذت الهوية منه
|
ووجه الهوية مما مسحت الإساءات
|
لم يبق فيها انتماء
|
لم يعد في المحطة إلا الفوانيس خافتة
|
وخريف يسير بعكاز ورد
|
وتترك حزنك بين التذاكر
|
ترجوه يذكر في منزل
|
في طريق بطيء التذاكر
|
قاطرة أصبحت مسكنا
|
وتقدم وجهك عود ثقاب
|
لكل الذين قد استهلكوا
|
وعلى علبة الأمس
|
تقتات
|
تسحب نفسك
|
أمسك
|
في نفس هادئ
|
ونساء ببهو الثلاثين ضاعت تذاكرهن الرخيصة
|
تدفع تذكرتيك وتبتاع لمسة نهد مصغرة
|
وعلى فكرة
|
أنت من أشد الحزن والصمت تقطع تذكرتين لنفسك
|
تقطع حزن... حزن
|
تقطع كل القطار تبيع دموعا وحلوى
|
لأن القطار بلا امرأة أو صديق أنت دخلت ليالي الشتاء
|
ساكنا كالصخور الحزينة في قمة الليل
|
تبك بكاء الصخور المنيعة
|
تجتازها الريح في آخر الليل
|
لم يبق من نجمتيك سوى ثؤلولتين وتبتسمان
|
تبتسمان كثيرا
|
ووجهك عرش من الشهوات تهدم
|
طال احترام النساء له
|
والسكارى حزينا
|
كأن حصانا من الشمع قبل الصهيل يذوب
|
كأنك طيب من الشمع لم تنطبق شفتاه ثلاثين عاما
|
وتهرب من قاعة الشمع
|
من خطب الشمع
|
والحاضرون يتيهون فوق الكراسي
|
تمنيت لو هذه الثلاثين عاما تنظف مغسلة
|
أو تبلط حجرة حزن
|
تمد الحديقة سكتها النرجسية صوبك
|
أنت مرايا تصير إذا لمستك الحديقة
|
أو غمزت تنام بزهرتها في المساء
|
كيف تستأجر الانتحار بدرب طويل
|
وتقطع تذكرة وتمزقها وتقدر ثانية
|
تستدين من الصحب جرعة خمر
|
وتذكرة ثقب مرتين
|
ورقعة ود
|
كأنك صندوق جمع الإعانات للحزن
|
تخدعهم في القطار
|
-تفضل
|
وتحني أمام المفتش رأسك ليس احتراما له
|
بل الثقوب البطاقة
|
- مثقوبة
|
- مرة...مرة سيدي
|
- مرتين
|
ويتلبث وجها من الشمع يأخذ منك إشتياقك
|
يأخذ منك البطاقة
|
يأخذ منك الهوية
|
- انزل....
|
- نزلنا
|
ويلقى الهوية قد مسحت مرتين
|
صحبك المدمنون على نفسهم غادروا مرتين
|
أغلقوا الحجارة و الصمت ولا مبالاة أبوابهم
|
والغبار بلون البنفسج يا سيدي
|
إنهم يكنسون السكارى
|
مناخ من الذكريات المطيرة
|
من عبروا الجسر لم يعبروا
|
والذين غنوا الأغنيات يرين السكوت عليهم
|
وهذي البطاقة قد عبرت أحدا مرتين
|
ريقها بارد... بارد مثل جرار قبر الحسين
|
كنت في حاجتين لها
|
تفتح الباب في كبكاء الحرير
|
وتفتح أفواهها وحكاياتها وبطاقتها النرجسية
|
في دفؤك العائلي الخطير
|
ثم ترفعها آخر الليل قارورة من عقيق
|
وتسكبها في ذكاء السرير
|
كنت في حاجة لكتابة شيء أخير
|
لم يعد أحد في المحطة
|
عادوا لأحزانهم أو هم اختطفوا مثلما يحصل الآن في كل يوم
|
أو استعملوا كالقناني الجميلة
|
أو بالقناني الجميلة
|
أو استهلكت نارهم
|
وغفوا بين رماد السنين
|
لم يعد سيدي...
|
ورجائي رجاء البنفسج أتلفت نفسك بالشرب
|
أي قطار بهذا المساء الحزين
|
انتظر... انتظر...
|
انتظر أيها الصاحي جدا
|
هنالك قاطرة للبكاء تقل المغنين والحالمين
|
ألغيت
|
خذ إذن جرعة
|
رغم أن الجمهور وغير الخمور بهذي المحطة مغشوشة
|
ربما تفهم اللغز
|
سوف أروي المحطة فاصبروا
|
تعطي دخانا بلون المناديل والقبعات
|
تهز قناديلها أكثر مما لنا
|
كتب اللّه فوق الجبين
|
إن تأخرت... أغلق برقية الحزن للصمت
|
قد أخرتني
|
وأغلق للياسمين
|
أغلقت بابها
|
ما طرقت احتراما لغفوتها ولعشقي
|
ولم تأخرت بالباب حزني طويلا
|
رأيت مفاتيح غرفتها
|
ومشابكها
|
ومشداتها
|
وانتظاري بأيدي سكارى المواني
|
بكيت البلاد التي تقتل العاشقين
|
أين كانت كلاب حراستها
|
أم تراها تهز الذيول لمن يعتليها
|
وترسل أنيابها بالشحارير
|
إن كان صوتي أقل الشحارير شأنا فلم يرتجف
|
والمخالب تقدح حولي
|
ولا غيرت وزناتي لغير الهوى والحنين
|
اغرب الأمر.... بعض الشحارير
|
لما رأتني لست أحط على الفضلات كأحوالها
|
نبحت كالكلاب
|
إلهي إني كفيل بتلك تكفل بهذي
|
فأنت خلقت لها جناحا لها لتغني
|
فصارت تهز
|
تعظ وأخشى تعضك أنت كما الآخرين
|
لم تعد بلدة لا تراني كلابا مدربة
|
ضد من يرفعون مزاميرهم للصباح
|
فأين البقاع...؟
|
أحذره من دخول الكلاب بكل انتماءاتها
|
ليظل بلاد البنادق والأغنيات
|
وكل الذين على دهرهم خارجين
|
سوف أوري المحطة
|
بيت لنا بالبقاع أمين...أمين
|
يعشي البساتين...
|
يملأ مخزنها بالرصاص
|
وبين حراساته
|
أغنيات عن القاعدين بحضن المنى في
|
أيبقون في حضنها قاعدين
|
ولدتنا البنادق يوم الكرامة
|
والأمهات لهن حقوق على البالغين
|
أنت يا مدفعا
|
يا إله يمد بقامته بين زيتونتين بقاعتين
|
وينشق خطين مما ارتفاعك في الجو
|
لون السماء وسرب الغمام وسرب الحمام
|
كأن حديدك يفقد وزن الحديد لسرعته خلف أسرابهم
|
ليت كل المدافع تقرأ ما أنت قارئه في الظلام
|
ارفع الكف بصيرة جرحت نفسها
|
لونت وجهها وردة
|
في الضباب المشاغب عشقا
|
وأترك خطوة حب
|
تغرد ما بيننا بالرضا والرؤى والسلام
|
باليدين الفدائيتين غدوت إله
|
إلا فإنك مما يكدس أهل الكلام
|
ثمل ليس عيب على ثمل السلاح
|
فان العراق قديم بهذا الغرام
|
أيها السكر كم قد سكرت بنا بالعراق
|
وأسكرتنا
|
نم بمرارة غربة العمر
|
فبعد العراق جهلنا ننام
|
وافترشنا لهيب الرمال
|
فواحاتها غازلتنا بجرعة ماء
|
رأينا الخناجر فيها
|
وما للغريب سوى واحة أن يكون الصيام
|
ارفع الكف تصبيرة جرحت نفسها
|
كذبوا ما انتميت لغير لهيب الدهور
|
كذب المنتمون لكل نظام
|
إنني شارة في طريق الجماهير ضد النظام
|
يتبارك هذا الضحى
|
مخملي يلمس الروح تبكي
|
فتى يرجم الشمس في غابة الصمت
|
والآخرون استقلوا فتوة أقدامهم
|
غازلتني البنادق زيتية النظرات
|
وضعت قميصي برحمة صفصافة
|
لم تسبح بغير رضا الشمس عنها
|
وأرجوحتان من القابرات تالف صوت الرصاص الفتي
|
تدغدغ خد البساتين
|
مرحى لهذي البيوت
|
مرحى لهذي القواعد
|
مرحى لهذي البساتين
|
تخرج للصبح عذراء
|
ماء اليافعة يكشف عن جسمها
|
تفرش للفرح الحلو سجادة
|
اجلسوا يا رفاق... خذوا قهوة الصبح
|
شق كشق الفواكه في القلب
|
من أنت....
|
يا أنت...
|
يا قاحلا ليس فيك سوى الحزن
|
يمسك رشاشة في الهجير
|
استرخ لحطة يا حبيبي هنا قهوة الصبح
|
أو تشتهي بالذخيرة تدخل في سورية الذاويات
|
تعانق قنطرة.....
|
ستمر مدرعة باتجاه الشمال عليها
|
اختفي....اقتربت
|
قبلت طرفا من حذائك
|
اتل فلسطين قبل الشهادة
|
اسحب أمانك....
|
اسحب أمانك....
|
اسحب أمان أمانك.... نار
|
حمل النهر شبه مدرعة
|
لا تزال بكفين مقطوعتين
|
تشد على صدرها
|
تقبض الروح منها
|
وترخي يديك قليلا وتفرح
|
ثم قليلا وتفرح
|
ثم قليلا وتفرح
|
زفوا جنازة ورد
|
وتذهب بين البساتين
|
بين القرى حقبا
|
وحكاياتنا حقبا
|
تختفي كالمصابيح ....
|
أعمدة الكهرباء
|
وجوه القرى في دخان القطار
|
خرجوا في أعالي الدجى
|
والقلوب بقبضاتهم تنشر النور
|
في غابة اللوز والعشق والذكريات
|
ولم يتركوا قربة ... فتشوا عنك ....
|
لم يلقوا البندقية
|
لم يعرفوا أنت للنهر سلمت
|
ونمت نعنى لا يقاوم إغراؤه
|
فرقة الليل عادت بثوبك
|
فالأغنيات تعسكر بين البساتين رافعة شارة الانتصار
|
يتبارك هذا الضحى ...لفظ الندي أنفا سه
|
قطعة قصب الحلو أدت نشيد الخلود
|
وجدنا الشظية الطروبة فاغرة فمها
|
تتملى النجوم تلتقط من كرمة في الجليل وتصعد
|
كان يراقبها وتركناه
|
كان يريد يظل وحيدا
|
أمام فلسطين يحكي هواه
|
تركناه كاللوز يعقد بين عيون دلال
|
وبين الشهادة في الخالصة
|
نحن جئنا إلى العرس من آخر المدن العربية
|
من زمن القمع والقهر والقتل والتركات الثقيلة
|
شق كشق الفواكه في القلب
|
لم يحمل السيد البندقية مثل اللصوص بغيا إلى بيته
|
بل عرسا
|
وقد عقد العرس في زهرة التين
|
كل الدفاتر جاءت بثوبين من خالص الفجر
|
بعض القرى قدمت بالهدايا البسيطة
|
كان المهم المجيء
|
بعلك جاءت... وعامل...
|
طيبها اللّه أما وشيخا وراغب حرب
|
فهم منذ خيبر لوالد البندقية أب
|
جد وأب
|
إيه أهل الحمية...
|
أنصار يجثو على صدره باب خيبر
|
فاقتلعوه لديكم بهذا نسب
|
وهو السيد الآن يمسح أنف العروس
|
مسافة حزينين بالورد
|
والسيد الآن شد على قهوة الليل والصبر
|
أعصابه قاذفات اللهيب
|
أمر النار فاستبسلت في نقاء الذهب
|
صدر الأمر للراجمات
|
توازي رضا اللّه عنها وعزته والغضب
|
مسح الجرح في قدم ثبتت
|
ليتها ثبتت مثلما قدميك جيوش العرب
|
أبعد اللّه عنك وجوه المشاريع
|
تجعل حتى البندقية تبكي
|
ولا تطلق النار
|
إلا كما تطلق النار بعض اللعب
|
رافق الصمت يحمل نعشا من القابرات الحزينة
|
في حدقتا البساتين
|
تأتي القواعد باقات ورد
|
ويأتي الرصاص دموعا وحلوى
|
وتخفق في الدرب أم كراية حرب
|
برغم التمزق راية حرب
|
وشق كشق الفواكه في القلب
|
أرجوك سيدتي
|
لا تزيحي نقاب القتيل
|
فلم يبق إلا أصابعه طوقت مخزن النار
|
واسترسلت بالطرب
|
وجدنا قريبا من الدم كسرة خبز تزغرد
|
لا بد أطعم بعض العصافير
|
غنى لها أغنيات الوحيد أما الدروع
|
و لا بد.... لا بد ضاجع هذي القناطر واحدة بعد أخرى
|
ولا بد عانق سطح مدرعة
|
حل خوذتها بهدوء
|
وألقى الفواكه تفاحتين من الصمت
|
تفاحتين من النار
|
تفاحتين من الجحيم...الجحيم
|
ولا تنتهي
|
أنت لا تنتهي
|
حزني يوم خرجك من بيروت
|
للملح... لليم كاليتيم
|
كاليتيم لا ينتهي كالقدر
|
أنتشر الآن جهتي راية عشق لديك
|
وصباره العمر تجمع عندك ماء لأسقامها
|
قطعوا الماء عنها فلم تنحن
|
هكذا كل صباره سيدي
|
إن رماها الظمأ أو رماها حجر
|
هكذا جئت كل المحطات صفا ورائي
|
فمن لا يجيء بقاطرة بالمحطات يأتي
|
فان لم يجدها يسافر يا سيدي بسفر
|
يا عريس البقاع تسج
|
فبعض الذين يحملون الزفاف يري العروس
|
وبعض الزغاريد يوجب أقصى الحذر
|
من زمان يبرح عشق البنادق غرنا قنا وغرا نقنا
|
ونسور العراق
|
وعشنا على جمرة الصمت
|
والوحل .... والبرد
|
من زرقة الشفتين كتبنا الأغاني الحزينة
|
كان البنفسج ينمو بأضلاعنا آخر الليل
|
انتظروا الشمس
|
لم ندر من أين في بادئ الأمر جاء الرصاص
|
تثقب ضلعي وضلع رفيقي
|
ولما يكن جاوز الوردتين و شهرا
|
ومن يكن يومها وضلوعي مزامير حزن يا سيدي والسهر
|
وزعت حقولا من الأسبرين المرير بجسمي
|
كأني صداع بهم ليس يشفى
|
انتظرت كياناتهم تنتهي فأعاتب شيئا يساوي عتابي
|
أعيد الدموع القديمة فوق الرفوف مع العلب الخزفية
|
إلا كما لا أصرح يا سيدي
|
دمعتين سأخفيهما تؤلماني
|
وفي مدخل البيت أسترجع الزنبقات
|
وعود أبي ينشر الفل في حجرة الشاي
|
علمني أتدرون قبل لقاء الضيوف
|
وقبل ارتفاعي إلى شرف البندقية
|
كان يقول الأغاني كشق الفواكه في القلب
|
كان يقول أهم المغنين من يشعلون الأغاني
|
ومن يمطرون المطر
|
قال والعد شارف آخر أحلامه
|
والمفاتيح لما تعد تستجيب له
|
أين أنت ....
|
لماذا تأخرت عن موعد النغمات الأخيرة والشاي
|
قلت أقبل كفيك في غربتي
|
لا أزال بأرصفة الليل يا ولدي
|
كل هذي البلاد بأرصفة الليل للشحن يا والدي
|
غير أني ما بعت وعودي
|
ولا مثل شيخ الغناء الرخيص
|
رقصت بها كلما جاء بغداد وال جديد
|
كثيرون باعوا
|
كثيرون ناموا هنالك واستغرقوا
|
وبقيت مغني المحطات والعربات التي لا مصابيح فيها
|
واسحب جفن الذين ينامون في الذل
|
أنظر ماذا بأعينهم
|
يا عيوني...لماذا تنامون؟
|
انو المغني يغني
|
عن الفجر بالدشت والرشت
|
والرشت هذا أمير المقامات قبل الصباح
|
أمير الشعر
|
فأعلن.... فأعلن
|
( ) قبضوا
|
أصبحوا الآن أرصدة وانتهوا كرجال
|
باعوا الحقل سادتي
|
والمغني بحبة قمح يهيم على وجهه
|
دفع العمر من أجلها وسقاها على البعد بالدمع
|
يا رب احفظ بلادي
|
وأطفاله والأزقة والأمهات
|
وعودي أبي
|
واجتماع رفاق السلاح غلى خطة للنضال
|
رب لم يبق في العمر شيء
|
سوى ساعتين صباحا على دجاه والعراق معافى
|
نزيل المنافي عن الروح نغسلها ونوافيك غير حزانى
|
وأنظف شيء بنا القلب والراحتان
|
وأغنية للوصال
|
وهو السيد الآن يعقد ...يدعو ...يدعو البساتين
|
والزمن العربي لشن قتال
|
وتأتي من النهر مقبرة خدها المرمري الشموع
|
وتفتح مثل المدارس في ساعة الانصراف
|
إلى البيت أبوابها
|
يخرج الشهداء الصغار إلى العرس
|
من كان منهم رضيعا بصبره
|
يبقى على حجرها ضاحكا
|
يترك السيد الآن خيمته ويجيء إليها....وينفردان
|
تسلمه إصبعا لم تجد غيره
|
من تراه يكون
|
تقرب من رأسها رأسه...
|
يبكيان....
|
وتخفي أساها ويفي أساه...
|
تقلبه وتعود إلى حزنها المرمري كما للسواقي تعود الظلال
|
وتعلو الزغاريد في خيمة العرس
|
يا شعب
|
عاد الوسيط الجديد إلى أمه فاتحا فخذه ويعرج
|
ماذا به يا رجال
|
ربما الاجتماع
|
ربما...ربما...
|
صوت رشاشة صار فتقا به واتساع
|
بيجين... ريجن....شولتزن.....
|
فهززن....سلطا نزن....
|
كتائزن...ك هذا نهايته في البقاع
|
صاحبي ليس يعطي المفاتيح
|
كل المزامير تجلس بين يديه
|
وكل الموازين تجمع ميزانه للصراع
|
صاحبي صاحب الدهر هذا البقاع
|
كلما ارتفعت راية عانق الارتفاع
|
فإذا راية أنفت من يد نكستها
|
تخطفها عاليا
|
تتمارى النجوم بها وتغار القلاع
|
علم البندقية عز الهجوم وجنبها الذل
|
فاستبسلت وكأن هجوما بها في الدفاع
|
في غد في البقاع أعانقهم
|
وارى قبة البيت مزهوة في وجوه السلاح
|
وادمع مثل الصنوبر يصعد الشمس أمر الصباح
|
ينادي الأصلاب الجميلين
|
أن يغسلوا ليلة الأمس
|
أن ينشروها على طولها
|
بين مشمشتين ورفوا جميع الجراح
|
وغدا في البقاع أقبل عزم السماء
|
وعزم الشباب
|
وعزم التراب
|
هو من كأمد اللوز عيناه عبارتان على الأولي
|
يحبهما
|
تعبران السماء المحلى كشاي ثقيل بعيد التوازن
|
أحصي الرصاصات في حجره
|
جلدا كالجدائل
|
حاول يحصي المرارة والحقد والشوق
|
هذي التي ليس تحصي
|
تلفت في قلبه...رائع كل شيء
|
سيسمع وكر الذئاب
|
ينوح النواح القديم
|
وطري خشونة كفيه بالرقراقات الحزينة
|
كان يغص كنهر من العشق
|
تنهل منه الذئاب
|
سحبت نفسها الشمس خلف الكواكب
|
ظل الرصاصات صار طويلا
|
ولولا البريق الفدائي في بؤبؤه بدا كرمة
|
صمت تفاحة
|
مشمشا....مشمشا...
|
أو غناء طيور يحير من أين يأتي
|
كهولة دهر بعينيه أو جبل بالشباب
|
ليس شيء يغرد مثل سلاح خفيف خاطف كالصقر زار
|
البيوت الصغيرة
|
قبلها عشبه...عشبه
|
وترقرق
|
باغت وجه العدو تثبت فيه مواقع الذل
|
وانساب في النهر مثل الهدوء
|
وأحصى الرصاصات
|
لم يبق إلا ثلاثة
|
واحدة للرجوع إلى كأمد اللوز
|
ألا خيران لهن بكل نظام حساب
|
هو من كأمد اللوز لكنه لم يعد
|
صار في كأمد اللّه
|
نام على كتف الأولي
|
لقد علم الكرم أن يطلق النار
|
نافذة أن تمد البنادق جسرا على الأولي
|
تعلم منه الشجاعة
|
حين يمر الشجاع بشيء سيصبح شيئا شجاع
|
في غد كأمد اللوز
|
تخرج تلقاه غطى ذوائبه بالندى السندسي
|
وفي صدغه المرمري كشاهدة
|
قمر عربي من الزعفران
|
يميل إلى الارتفاع
|
لم تتوج على الدهر وردة عشق
|
كانت كوجه الحزين البهيج الأمير اليافع
|
سيدي كأمد اللوز
|
خذ من غنائي الذي يمسح البندقية
|
واترك حروب الدموع
|
فهن العراق ينوح بنا في اللقاء ينوح بنا في الوداع
|
العراق طباع به عاشق مدمن شاعر
|
إنما البندقية أم الطباع
|
لم يعد في المحطة إلا غناء المغني
|
وسافر هذا إلى وجهة ليس يعلمها أحد
|
ترك العود في آخر المصطبة حزينا
|
وكراسة وللأغاني الجديدة
|
للقاطرات التي لا مصابيح فيها
|
لتذكرة ثقبت مرتين
|
لمن فضلوا أن يضيعوا على أن تضيع الأغاني
|
سلام عليكن أرصفة الليل
|
سلام على العربات التي احتملتني
|
أنام بها ساعة في أمان سلام
|
فإن الكلاب تحيط بقلبي
|
سادتي سيداتي وسادتي: أنتهن آخر الأغنيات التي يمكن
|
الآن إنشادها
|
ربما يقتلون المغني
|
ويخفون آثاره ربما سيذوب أو يختفي
|
مثلما يحصل الآن في كل يوم
|
ولكنها الأغنيات
|
ستبقى تذوبهم أبد الآبدين
|
********* |