ظمأي دمي
|
وحجارةُ الوادي لساني
|
وأرى على زبد المغيب
|
هواءَ فاتنة يرنّ على حواف الكأسِ
|
منكسراً فتذهب كالوداعِ لشأنها
|
وأنا لشاني.
|
وحدي بلا أرقٍ يؤانسني،
|
بدون يدٍ تدلّ فمي على الذكرى
|
وتسأل عن مكاني.
|
ماذا أخبئ في دنان الوقت من أطيافها الأولى،
|
وماذا أستعيرُ لها من الأوصاف
|
إن عزّ المجازُ
|
وبلّل النسيانُ مرقدَها،
|
وهرولتِ المعاني؟
|
ظمأي دمي
|
وخيالُ مسراها لساني
|
لكأنما تتنزّل الأحلامُ عاريةً كصورتها،
|
وغامضةً كنصّ كتابة في الماءِ،
|
عنواناً يقود إلى فراغ العمرِ
|
أو "ذهبِ" الأماني،
|
أسميتُها أنثى فقام "أزيزُها"
|
من عتمة الأغصانِ،
|
يلمع مثلَ شكّي في وجود الشيء
|
أو ذكراهُ،
|
أذكر يوم قادتني لغرب النهرِ،
|
كان بريقها عيني
|
وكان رصاصُها دَيْني،
|
وحين سكنتُ في النسيانِ
|
ضاع طريقها مني، وغرّبني زماني.
|
ظمأي أنا وحصانُ هودجها حصاني
|
ها إنني أصفو،
|
فأخرجُها من التابوت،
|
أنحت نبضَها جرساً من الساعاتِ
|
نعناعاً و"مَنّا"
|
وأقول يقتلني هواكِ وأنتِ منّا
|
ولسوف أدعوها إلى وجعي
|
لنشربَ،
|
أو لنلعبَ،
|
أو لنكتبَ،
|
ما تَقدّم من رفاتِ زماننا العربيِّ
|
أو ما قد تأخّر من علامات التداني.
|
ظمأي فمي
|
وعلى سواد العين صورتُها،
|
أليفٌ وجهُها كفمٍ مسَسْتُ،
|
كلذعةٍ أُولى على طرف اللسانِ.
|
يا أيها النهرُ الوحيد
|
أكنتَ تعرفها لَوَ أن جناحَها
|
قد رفّ فوق الجسرِ،
|
لو أني أريتُكَ صورةً عنها،
|
أتذكر خفّةَ الأشياءِ
|
خربشةَ الصغار على النهارِ
|
ورسمَ ميسمِها رهيفاً، ناحلاً، كالشعرِ
|
كالقبلات في شرخ الصِّبا،
|
أو رعشة الصبوات
|
وهي تهلّ من مطر الأغاني؟
|
هي زهرةُ الكلماتِ،
|
أولُ ما تعلّمنا من الأسرار والأفكارِ
|
أولُ سورةٍ في الأبجديّه.
|
وهي الأساطيرُ التي ما خطَّها بشرٌ
|
ولا أسرى بها شجرٌ
|
وما برحتْ تسكّ على الشبابيك الندية.
|
لمعانَ ما يطفو من المعنى
|
على شفق القبابِ
|
وما يفيض عن الهوية.
|
أَسميتُها أنثى،
|
فمن ذا لا يرى أنثاه في دمهِ
|
ومن ذا لا يرى "راياتِ يحيى"
|
وهي تخرج من عباءتها البهية؟.
|
وهي الصبيّةُ والبقيّةُ،
|
والسحابةُ والكتابةُ،
|
وهي أُولانا وأخرانا
|
زهورُ "شقاوةِ" الأطفال إن جمحتْ،
|
وأجملُ ما تُسمّى "البندقية".
|
ظمأي يدي،
|
وحجارةُ الأطفال تفتح اسمها
|
قمراً على تعبي
|
وتعلن عن رهاني. |