يجيئون،
|
أبوابنا البحر، فاجأنا مطر. لا إله سوى الله. فاجأنا
|
مطر و رصاص. هنا الأرض سجادة، و الحقائب
|
غربة!
|
يجيئون،
|
فلتترجّل كواكب تأتي بلا موعد. و الظهور التي
|
استندت للخناجر مضطرة للسقوط
|
و ماذا حدث ؟
|
أنت لا تعرف اليوم. لا لون. لا صوت. لا طعم
|
لا شكل.. يولد سرحان، يكبر سرحان،
|
يشرب خمرا و يسكرّ. يرسم قاتله، و يمزق
|
صورته. ثم يقتله حين يأخذ شكلا أخيرا
|
و يرتاح سرحان:
|
سرحان! هل أنت قاتل ؟
|
و يكتب سرحان شيئا على كم معطفه، ثمّ تهرب
|
ذاكرة من ملف الجريمة.. تهرب.. تأخذ
|
منقار طائر.
|
و تأكل حبة قمح بمرج بن عامر
|
و سرحان متّهم بالسكوت، و سرحان قاتل
|
و ما كان حبّا
|
يدان تقولان شيئا، و تنطفئان
|
قيود تلد
|
سجون تلد
|
مناف تلد
|
و نلتف باسمك.
|
ما كان حبّا
|
يدان تقولان شيئا.. و تنطفئان
|
و نعرف، كنا شعوبا و صرنا حجارة
|
و نعرف كنت بلادا و صرت دخان
|
و نعرف أشياء أكثر
|
نعرف، لكنّ كل القيود القديمة
|
تصير أساور ورد
|
تصير بكارة
|
في المنافي الجديدة
|
و نلتف باسمك
|
ما كان حبّا
|
يدان تقولان شيئا و تنطفئان.
|
و سرحان يكذب حين يقول رضعت حليبك، سرحان
|
من نسل تذكرة، و تربى بمطبخ باخرة لم تلامس
|
مياهك. ما اسمك؟
|
_نسيت .
|
و ما اسم أبيك ؟
|
_نسيت
|
و أمك
|
_نسيت
|
و هل نمت ليلة أمس ؟
|
_لقد نمت دهرا
|
حلمت ؟
|
_كثيرا
|
بماذا
|
_بأشياء لم أرها في حياتي
|
و صاح بهم فجأة:
|
_لماذا أكلتم خضارا مهربة من حقول أريحا؟
|
_لماذا شربتم زيوتا مهربّة من جراح المسيح؟
|
و سرحان متّهم بالشذوذ عن القاعدة
|
رأينا أصابعه تستغيث. و كان يقيس السماء بأغلاله
|
زرقة البحر يزجرها الشرطيّ، يعاونه خادم آسيويّ،
|
بلاد تغّير سكانها، و النجوم حصى
|
و كان يغنّ:ي مضى جيلنا و انقضى.
|
مضى جيلنا و انقضى.
|
و تناسل فينا الغزاة تكاثر فينا الطغاة. دم كالمياه.
|
و ليس تجفّفه غير سورة عم و قبعة الشرطيّ
|
و خادمة الآسيوي. و كان يقيس الزمان بأغلاله
|
سألناه: سرحان عم تساءلت؟
|
قال: اذهبوا، فذهبنا
|
إلى الأمهات اللواتي تزوّجن أعداءنا.
|
و كنّ ينادين شيئا شبيها بأسمائنا.
|
فيأتي الصدى حرسا
|
ينادين قمحا
|
فيأتي الصدى حرسا
|
ينادين عدلا
|
فيأتي الصدى حرسا.
|
ينادين يافا
|
قيأتي الصدى حرسا
|
و من يومها، كفت الأمهات عن الصلوات و صرنا
|
نقيس السماء بأغلالنا
|
و سرحان يضحك في مطبخ الباخرة
|
يعانق سائحة، و الطريق بعيد عن القدس و الناصرة
|
و سرحان متّهم بالضياح و العدميّة
|
و كلّ البلاد بعيدة .
|
شوارع أخرى اختفت من مدينته ( أخبرته الأغاني
|
و عزلته ليلة العيد أن له غرفة في مكان)
|
ورائحة البن جغرافيا
|
و ما شرّدوك.. و ما قتلوك .
|
أبوك احتمى بالنصوص، و جاء اللصوص
|
و لست شريدا.. و لست شهيدا.. و أمك باعت
|
ضفائرها للسنابل و الأمنيات:( و فوق سواعدنا
|
فارس لا يسلم (وشم عميق ). و فوق أصابعنا
|
كرمة لا تهاجر ( وشم عميق (
|
خطى الشهداء تبيد الغزاة
|
(نشيد قديم)
|
و نافذتان على البحر يا وطني تحذفان المنافي..وأرجع
|
(حلم قديم –جديد)
|
شوارع أخرى اختفت من مدينته ( أخبرته الأغاني
|
و عزلته ليلة العيد أن له غرفة في مكان ).
|
و رائحة البن جغرافيا
|
و رائحة البن يد
|
و رائحة البن صوت ينادي.. و يأخذ
|
رائحة البن صوت و مئذنه (ذات يوم تعود).
|
و رائحة البن ناي تزغرد فيه مياه المزاريب ينكمش
|
الماء يوما و يبقى الصدى .
|
و سرحان يحمل أرصفة و نوادي و مكتب حجز التذاكر
|
سرحان يعرف أكثر من لغة و فتاه. و يحمل تأشيرة
|
لدخول المحيط و تأشيرة للخروج و لكنّ سرحان
|
قطرة دم تفتش عن جبهة نزفتها.. و سرحان
|
قطرة دم تفتّش عن جثة نسيتها.. و أين ؟
|
و لست شريدا.. و لست شهيدا
|
و رائحة البن جغرافيا.
|
و سرحان يشرب قهوته ..
|
و يضيع
|
هنا القدس .
|
يا امرأة من حليب البلابل كيف أعانق ظلي
|
و أبقى ؟
|
خلقت هنا.. و تنام هناك
|
مدينة لا تنام و أسماؤها لا تدوم. بيةت تغيّر
|
سكانها. و النجوم حصى .
|
و خمس نوافذ أخرى، و عشر نوافذ أخرى تغادر
|
حائط
|
و تسكن ذاكرة.. و السفينة تمضي .
|
و سرحان يرسم شكلا و يحذفه: طائرات وربّ قديم
|
و نابالم يحرق وجها و نافذة.. و يؤلف دوله .
|
هنا القدس .
|
يا امرأة من حليب البلابل كيف أعانق ظلي..
|
و أبقى؟
|
و لا ظلّ للغرباء.
|
مساء يرافقهم، و المساء بعيد عن الأمهات قريب من
|
الذكريات. و سرحان لا يقرأ الصحف العربية.
|
لا يعرف المهرجانات و التوصيات.فكيف إذن
|
جاءه الحزن.. كيف تقيّأ ؟
|
و ما القدس و المدن الضائعة
|
سوى ناقة تمتطيها البداوة
|
إلى السلطة الجائعة
|
و ما القدس و المدن الضائعة
|
سوى منبر للخطابه
|
و مستودع للكآبه
|
و ما القدس إلا زجاجة خمر و صندوق تبغ
|
..و لكنها وطني .
|
من الصعب أن تعزلوا
|
عصير الفواكة عن كريات دمي ..
|
و لكنها وطني
|
من الصعب أن تجدوا فارقا واحدا
|
بين حقل الذرة
|
و بين تجاعيد كفيّ
|
و لكنها وطني..
|
لا فوارق بين المساء الذي يسكن الذاكرة
|
و بين المساء الذي يسكن الكرملا
|
و لكنها وطني
|
في الحقيقة و الدم متسع للجميع
|
و خط الطباشير لا يكسر المطر المقبلا
|
هنا القدس ..
|
كيف تعانق حريتي_ في الأغاني_ عبوديتي ؟
|
و سرحان يرسم صدرا و يسكنه
|
و سرحان يبكي بلا ثمن ووسام
|
و يشرب قهوته.. و يضيع
|
يمزق غيما، و يرسله في اتجاه الرياح. و ماذا؟ هنالك
|
غيم شديد الخصوبة. لا بدّ من تربة صالحة
|
أتذهب صيحاتنا عبثا؟
|
أكلت.. شربت.. و نمت.. حلمت كثيرا. أفقت
|
تعلمت تصريف فعل جديد. هل الفعل معنى بآنية
|
الصوت.. أم حركة؟
|
و تكتب ض. ظ. ق. ص. ع. و تهرب منها، لأن
|
هدير المحيطات فيها و لا شيء فيها ضجيج الفراغ
|
حروف تميزنا عن سوانا_ طلعنا عليهم طلوع
|
المنون- فكانوا هباء و كانوا سدى. سدى نحن
|
هم يحرثون طفولتنا و يصكون أسلحة من أساطير
|
أعلامهم لا تغني و أعلامنا تجهض الرعد نقصفهم بالحروف
|
السمينة ض.ظ.ص.ق.ع ثم نقول انتصرنا و ما
|
الأرض؟ ما قيمة الأرض؟ أتربة ووحول نقاتل أو لا نقاتل ؟
|
ليس مهما سؤالك ما دامت الثورة العربية محفوظة في الأناشيد
|
و العيد و البنك و البرلمان
|
و تعرف أن الغزاة عصي بأيدي المماليك تكتب
|
ض.ظ.ق.ص.ع
|
تمزق غيما و ترسله في اتجاه الرياح و ماذا؟ هنالك
|
غيم شديد الخصوبة. لا بد من تربة صالحة
|
و تمضي السفينة. تبقى غريبا. جراحك مطبعة للبلاغات
|
و التوصيات. و باسك تنتصر الأبجدية. باسمك
|
يجلس عيسى إلى مكتب ويوقع صفقة خمر و أقمشة
|
و يحيى العساكر باسمك. تحفظ في خيمة
|
و تعلب في خيمة. لا هوية إلا الخيام. إذا
|
احترقت.. ضاع نمك الوطن
|
و باسمك تأتي و تذهب.باسمك حطّين تصبح مزرعة
|
للحشيش، و ثوارك السابقون سعاة بريد. و باسمك
|
لا شيء. يأتي القضاة، يقولون للطين كن جبلا
|
شامخا فيكون. يقولون للترعة انتفخي أنهرا فتكون
|
و تكتب ض.ظ.ص.ع.ق
|
تمزّق غيما و ترسله في اتجاه الرياح، و ماذا ؟
|
هنالك غيم شديد الخصوبة. لا بدّ من تربة صالحة
|
أتذهب صيحاتنا عبثا؟
|
و ليست خيامك ورد الرياح. و ليست مظلات شاطيء.
|
تدجج بأعمدة الخيمة. احترقي يا هويتنا_ صاح لاجيء
|
و سرحان يشرب قهوته. للجليل مزايا كثيرة
|
و يحلم، يحلم، يحلم.. آه_ الجليل!
|
و من كفّ يوما عن الاحتراق
|
أعار أصابعه للضماد
|
و صرح للصحفي و للعدسات
|
جريح أنا يا رفاق
|
و نال وساما.. و عاد
|
و سرحان ،
|
ما قال جرحي قنديل زيت و ما قال ..
|
صدري شباك بيت و ما قال..
|
جلدي سجّادة للوطن
|
و ما قال شيئا..
|
أتذهب صيحاتنا عبثا ؟
|
كل يوم نموت ،و تحترق الخطوات و تولد عنقاء
|
ناقصة ثم نحيا لنقتل ثانية
|
يا بلادي، نجيئك أسرى و قتلى.
|
و سرحان كان أسير الحروب، و كان أسير السلام
|
على حائط السبيّ يقرأ أنباء ثورته خلف ساق مغنّية
|
و الحياة طبيعية، و الخضار مهربّة من جباه العبيد
|
إلى الخطباء، و ما الفرق بين الحجارة و الشهداء؟
|
و سرحان كان طعام الحروب، و كان طعام السلام .
|
على حائط السبي تعرض جثته للمزاد. و في المجهر
|
العربي يقولون: ما الفرق بين الغزاة و بين الطغاة؟
|
و سرحان كان قتيل الحروب، و كان قتيل السلام.
|
سرحان! لا شيء يبقى، و لا شيء يمضي. اغتربت ..
|
لجأت.. عرفت. و لست شريدا و لست شهيدا
|
خيامك طارت شراره.
|
و في الريح متسع
|
هل قتلت؟
|
و يسكت سرحان يشرب قهوته و يضيع و يرسم
|
خارطة لا حدود لها و يقيس الحقول بأغلاله
|
هل قتلت
|
و سرحان لا يتكلم .يرسم صورة قاتله من جديد،
|
يمزّقها، ثم يقتلها حين تأخذ شكلا أخيرا..
|
_قتلت ؟
|
و يكتب سرحان شيئا على كمّ معطفه، ثم تهرب
|
ذاكرة من ملفّ الجريمة.. تهرب.. تأخذ منقار
|
طائر
|
و تزرع قطرة دم بمرج بن عامر. |