يهدِّدني الماضي بِأَشْباحِ أغوالِ |
فأشْقى بِسيَّاف . وأشْقى بِنَبَّالِ!
|
وأَنْظُر للماضِيَ فأطْوِي على القَذى |
ضُلوعي وأَخْزى من غُدُوِّي وآصالي!
|
مَضَتْ كلُّها بالمُخْزياتِ . وخَلَّفَتْ |
على غَيْرِ ما أَهْوى.. غَرِيقاً بأَوْحالِ!
|
لقد كنْتُ أَيَّامَ الشَّبابِ مُغامِراً |
أَتِيهُ بأقْوالٍ سُكارى. وأَفْعالِ!
|
وما زِلْتُ حتَّى اليَوْم أُصْغي لِصَبْوَتي |
وإِن كنْتُ لا أَلْقى لَدَيْها سوى الآلِ!
|
ولو جَرَفَتْني لِلْحَضيض لما ارْعَوَتْ |
ولو كبَّلَتْني مِن قَذاها بِأَغلالِ!
|
فحّتَّى متى أنْساقُ للإثْمِ خَلْفها |
ولِلْعارِ يُشْفيني لَدى الصَّحْبِ والألِ؟!
|
أَبِيتُ بِهَمٍّ في لَيالِيَّ مُعْضِلٍ |
وأَصْحُو على خِزْيٍ يُجَلِّلُ سِربالي!
|
ويَحْسَبُني صَحْبي النَّقِيَّ من الخنى |
فَأَبْكي بِسِرِّي مِن حَقارَة أَعمالي!
|
أَأَبْدُو أنا المِفْضال في أَعْيُنِ الورى |
وما كنْتُ يَوْماً في الخَفاءِ بِمِفْضالِ؟!
|
يعَفُّ السَّراةُ النَّابِهُونَ وَأنْطَوِي |
على نَفسِ مَوْتُورٍ مِن الطُّهْرِ مُغْتالٍ؟!
|
ويُسْدُونَ آياتٍ من الخَيْرِ والنَّدى |
إلى النَّاسِ تَطْوِي كُلَّ ضِيقٍ وإقْلالِ!
|
وأُسْدِي . وما أُغْضِي إِليْهِمْ جَوارِحاً |
تُخَدِّشُ مِن شَوْكٍ عَتِيٍّ ومن ضالِ!
|
تباركْتَ رَبِّي إنَّني مَتَطَلِّعٌ |
إلى مَجْدِكَ، السَّامي.. إلى عَطْفِكَ الغالي!
|
لعلِّي أنالُ الصَّفْحَ منك واسْتوِي |
على الدرب لا المُسْتَرِيبِ. ولا القالي!
|
أسِيرُ به مُسْتَيْقِناً غَيْرَ صادِفٍ |
عن الرُّشْدِ في حِلِّي الأمين.. وتَرْحالي!
|
وقال أُصَيْحابي وقد شَفَّني السُّرى |
إِلى غايةٍ شمَّاءَ في الأُفُقِ العالي!
|
إلى غايةٍ لم تَحْلُ يوماُ لخاطري |
ولم يَسْتَطِبْها لا ضَميري ولا بالي!
|
ولم يَسْتَطِيبُوها – كَمِثْلي – فَعَطْعَطُوا |
عَلَيَّ. وقالوا هل تَهيمُ بأَطْلالِ؟!
|
وكُنْتَ وكُنَّا من الفَرادِيسِ نَجْتَني |
بها الزَّهَرَ المِعْطارَ.. والثَّمَرَ الحالي!
|
لقد كُنْتَ في الدِّيباج تَخْطُرُ في الحِمى |
فكيف تَبَدَّلْتَ الحَرِيرَ بأَسمال ؟!
|
فقلت لهم كُفُّوا الملام فإنَّني.. |
تَباعَدْتُ عن نارِي فَلَسْتُ بها الصَّالي!
|
تَحَوَّلْتُ عن تلكَ الحفائِر للذُّرى |
فطابت بكوري بالمُقامِ وآصالي..!
|
وما عُدْتُ بالدَّنِّ المُعتَق لاهِجاً |
ولا بفتاةٍ بَضَّةٍ ذاتِ خِلْخالِ!
|
فَما مِنْهما جَدْوى ولا بِهِما غِنًى |
وما اخْتَلَبا إلاَّ مَعاشِرَ جُهَّالِ!
|
ولكنَّني أصبو لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ |
على قِمَمٍ لا تَصْطَفي غَيْرَ رِئْبالِ!
|
وغَادَرْتُهُمْ مُسْتَوْحِياً من زَهادَتي |
بِما كانَ وحْياً فيه طبِّي وإبْلالي!
|
وكم من ضَلالٍ في الحياةِ يُذيِقُنا |
أُجاجاً.. فَيخْلُو في اللَّهاةِ كسَلْسالِ!
|
ولكنَّه يُذْوِي النُّهى ويُذيبُها |
فيا رُبَّ مَعْسولٍ مِن العَيْشِ. قَتَّالِ!
|
وقد ينتهي بالنَّهْرِ جاش نَمِيرُهُ |
وأَرْوى. فما يُبْقِي به غَيْرَ أَوْشالِ!
|
***
|
أَرى من حَياتي عِبْرَةً أَسْتَعِيدُها |
فأُجْفِلُ من سَوْءاتِها شَرَّ إِجْفالِ!
|
وأَطْوِي على جَمْرٍ ضُلُوعاً مَهِيضةً |
تَئِنُّ بآلامٍ . وتَشْقى بآمالِ!
|
وأَعْقُدُ عَزْمي أَنَّني لن أُثيرَها |
فَحَسْبي رَزايايَ الجِسام وبَلْبالي!
|
ولكنَّها السَّوْطُ الذي يُلْهبُ الحَشا |
ويَجْلِدُني جَلْداً يُمَزِّقُ أَوْصالي!
|
ويُلْهِمُني رُشْدي وقد عِشْتُ طائِشاً |
ويصرفني عن حَمأَةِ الزَّمَنِ الخالي!
|
لقد عاد إِيلامي عَلَيَّ بِلَذَّةٍ |
وأَخْصَبَني – يا للغرابةِ – إِمْحالي!
|
تَمَجَّدْتَ كم مِن نِعْمَةٍ بَعْد نِقْمَةٍ |
أَطَلَّتْ. وكم من عِزةٍ بَعْدَ إِذْلالِ! |