عانقت بين جفونك الأزهارا
|
ورأيت ليل العمر فيك نهارا
|
ولطالما سلك الفؤاد مدائنا
|
وبقيت وحدك قبلة ومزارا
|
كم لاحت الأيام بعدك ظلمة
|
فرأيت أطياف المنى أسوارا
|
وظللت أسكب من رحيقك أدمعي
|
حتى غدت بعد النوى أنهارا
|
يا نيل ماؤك للوجود هداية
|
عاشت على درب السنين منارا
|
ما كان حبك في دمائي رغبة
|
محمومة ما جئته مختارا
|
قدر هواك وقد بقيت بسره
|
إن ضقت يوما لا أطيق فرارا
|
* * *
|
يا نيل فيك من الحياة خلودها
|
كل الورى يفنى وأنت الباقي
|
في ظل ثغرك كم تبسم عمرنا
|
وبقيت دوما واحة العشاق
|
وعلى ضفافك أمنيات عذبة
|
وبريق عمر لاح في الأعماق
|
همنا عليك وفي الجوارح خمرة
|
عصفت بها يوما شراع الساقي
|
وعلى جبينك داعبتنا أنجم
|
حتى أفاق العمر بالإشراق
|
وتنسمت خفقاتنا عهد اللقا
|
من راحتيك بلهفة المشتاق
|
* * *
|
وسمعت صوتك ذات يوم يشتكي
|
ودنوت منك تهزني أحزاني
|
وتلعثمت شفتاك في صمت اللقا
|
حتى تلاقى الماء بالشطآن
|
وسألتني كيف الحياة نعيشها؟
|
فأجبت: صار العمر طيف أماني
|
عشنا على أمل صغير مشرق
|
صلبوه من زمن على الجدران
|
الأرض تأكلها الهموم فأقسمت
|
ألا يعود الزهر للأغصان
|
صلبوا الربيع على المشانق فانزوت
|
أطياره وهوت مع الحرمان
|
* * *
|
ورأيت دمع النيل يجري في أسى
|
ودنا إلي وقال: أنت الجاني
|
علمتكم أن الحياة وديعة
|
فالحق عمر و الظلال ثواني
|
والناس ترحل كل يوم.. إنما
|
سيظل كل الخلد للأوطان |