26/ حزيران/1993
|
كوكبُ الأرض منشغلٌ بمرايا الدّخانِ
|
صباحاتُهُ احتشدتْ في ثقوبِ تسرّبُ أسماءَهُ
|
الشَّجرية نحو جموع الجرادْ
|
تستفيقُ الطبيعة من وطأة النَّومِ
|
تدفعُ عن صدرها ثوب كارثةٍ
|
وتردّ- بكفّيّ نباتٍ- ركامَ الحديدْ.
|
غير أني أرى رئتيها تعومان في بركة سرطانيّةٍ
|
يتقدمُ وحشُ النّحاسِ من القلب والقلبُ يبتكرُ الماءَ.
|
للماء عرشٌ قديمٌ يسلِّمُهُ الوقتُ للهذيان المقيمِ
|
على كتفٍ من مآتم.
|
للماء سيرتُه الوثنيَّةُ
|
للأرض قِبلتها البشريةُ
|
والأرضُ: كوكبها المتهالكُ تسندُهُ عرباتُ التَّلوث والانشطارْ
|
وأنا أرصدُ الرّيح كيف تهبُّ
|
وتحملُ من كل جنس براعمَ طافحةً بالرَّحيقْ
|
لكِ يا ريح ذاكرةٌ ليس من حجرٍ نبضُها
|
فاذكري جنّةَ القمح تُكسرُ فيها المناجلْ
|
اذكري مهدَ من يتمته المواويلُ بعد غياب النَّشيدْ
|
نحن من غابة الفحم نحشو شراييننا
|
نتدفأ من خشب يتفسَّخُ
|
ثم نصلِّي على لحظة الخصبِ
|
تتبُعنا حشراتُ الهواءِ، كنوزُ البحارِ،
|
مدارُ النبات، وعرس البناتْ
|
ثمَّ تتبعنا الأرض قاطبةً لتضيف إلى قبرنا
|
حجراً تتفتتُ فيه عظامُ الحياةْ .
|
... ... ...
|
كوكب الأرضُ يُدْعى إلى حفلةٍ سيفاخرُ فيها
|
اليتيمُ بجثّة والده عندما يمزج البيدرُ الأبويُّ
|
قبابَ السَّنابلِ بالَّلهبِ المتطاير من حَجَرِ الشَّمسِ...
|
يا شمسُ رفقاً بأطفالنا اليابسينْ
|
يلعبون على ساحة الثلج،
|
يتخذُ الثَّلجْ شكلَ الصّفيح المحمَّى
|
وتنكسرُ الكريات الخصيبةُ عقما...
|
لأيةِ أنثى تزفون هذا اليباسَ يجادلُ شطآننا؟
|
أيّ حقلٍ ستبقى يداه تضيئانِ بالسّنبلِ العاطفيّْ؟
|
أيها الساهرون على جسدِ الأرضِ
|
هل تبصرون الشّروخَ الجديدة فيها؟
|
تبصرون الجحيمَ يحاورُ جنَّتها
|
وترفُّ النسورُ على وجهها الغضِّ
|
هل أنهكتُهُ الحروبُ؟
|
تعالوا لنسبرَ جرحَ البرايا
|
تسيلُ العصافيرُ منه بلا أجنحهْ
|
لغة الأفقِ منسيةٌ في كتابِ العصافيرِ،
|
كيف نحلقُ والعضلاتُ سباها النّعاسُ
|
وأودى بها معدن المذبحهْ
|
كيف تعبُرُ ضاحيةَ الحُبِّ
|
هذي الجماجمُ أَسكرها أنها عشقَتْ
|
ثم كسَّرَها أنَّها امتلأتْ بصديد الكلامْ.
|
لن نتابعَ رحلتنا فالخُطا جارحَهْ
|
والمسافاتُ تجمَحُ بالبُعدِ،
|
والرَّاحلون استقالوا
|
ومنْ سوف يأتون جاؤوا نيامْ
|
هل نغادرُ نحو فضاءٍ من الشجر البكرِ؟
|
نخلق من رمل صحرائنا موجةً تتوسَّمُ فيها القوافلُ عيداً،
|
هنا يكمنُ الغد فينا ضمائرُهُ عائداتٌ إلينا
|
أننسى ليالي التكلّس والانبهار بناطحة للسَّحابِ
|
ونَمضي خِفافاً إلى شفق الماء والعشبِ
|
والزهر والعاشقاتِ الخجولاتِ في مهدهنَّ
|
المبطَّن بالرُّوحِ
|
هل نستعيدُ لكوكبنا المتصدِّعِ آيتَهُ
|
إنني كاشفٌ في رياح الشّمال ملائكةً من معادنَ...
|
هل تتوثبُ ريح الجنوبْ؟
|
إنَّني أنَّةٌ في ضمير الغرائزِ يصبو النَحاسِ إليها.
|
ويشلّ شفافيةَ الطَّيران الملَوَّن.
|
يا قزحيَّ الجهات أغثنا
|
سيغمرنا مطرُ الفَحْمِ في ليلةٍ يتحجرُ فيها القمرْ
|
يا قزحيَّ الجهاتِ
|
أغثنا فنحنُ هنا: بشرٌ من كلامٍ يطوفونَ
|
حول مدار السَّديم المجوَّفِ،
|
يتلونَ بضعَ وصايا توارثَها الجدُّ عن جدِّه
|
يشكرون الحدائقَ تصمد في وجه صبَّارهم
|
يُسْلمُونَ بصائرهم لتعودَ إلى أيِّ أفقٍ جديدٍ
|
يرنّ بأجراسهِ المطريَّهْ
|
بشرٌ من لهاثٍ سيطوي البداياتِ فوق النِّهاياتِ
|
في بيئةٍ من بحارٍ يضاجعُها الكائنُ النَّوويُّ
|
فينتحرُ الماء من شرفةِ الموج تنزاحُ شطآنُهُ،
|
وتحت الرياحُ ممالكَهُ اللؤلؤيّة
|
... ... ...
|
كوكبُ الأرض يُقْطَفُ من شاهقِ الأفق تفّاحةً نوويَّهْ
|
تتقاسمها البشريهْ |