قريتي قريتي الوديعةُ يا عشّ |
فؤادي ويا مقرّ جناحي
|
طبعَ الله حبك العذب في قلبي |
ولم يمحهِ سوى الله ماحي
|
يا ربىً لج بي هواها فما ينفكّ |
نشوان من هوىً ملحاحِ
|
كم ترشّفت من جمال لياليك |
فتوناً من الصبا والمراحِ
|
وتنشّقت من جلال مجاليك |
فتوناً من الشذى الفواحِ
|
في الدجى والنجوم تغزلُ أحلام |
العذارى على صدور البطاحِ
|
والضحى والغيوم ترسم في الوادي |
ظلالاً نديةَ الأدواحِ
|
والنسيم النشوانُ يحتضن الزهرَ |
رقيقاً كطيبةِ الفلاحِ
|
الذي قلبه أرقُّ من الطلِّ |
وأصفى من الزلال القراحِ
|
والذي يزرع الحقول بذوراً |
وزهوراً بهمة وكفاحِ
|
والذي يملأ القلوب شعوراً |
بجمال الطبيعة الممراحِ
|
والذي يغرس النواة بكفٍّ |
طبعت من بسالة وسماحِ
|
والذي إن أضافَ أخجلَ حتى |
يحسب الضيف أنه غير صاحِ
|
والذي إن أخاف أَوْجلَ حتى |
لتراه كالمارد السفاحِ
|
قريتي قريتي الوديعة يا عش |
فؤادي ويا مقر جناحي
|
كلما ضمني دجاكِ ورقّتْ |
نفحاتُ الصبا على الأدواحِ
|
وانتشى الكون بالعبير وراح السيلُ |
يختال في السهول الفساحِ
|
يغمر الأرض بالنعيم غزيراً |
ويهز القلوب بالأفراحِ
|
نَعِمَتْ روحيَ الكئيبة بالصفو |
وصحّت من الأسى والجراحِ
|
ربَّ كوخٍ يضمّ زوجين كالطفلين |
طُهراً ورقةً كالأقداحِ
|
يملآن الحياة شدواً ويختالانِ |
زهواً في غبطةٍ وارتياحِ
|
ويعيشان في هدوءٍ بريءٍ |
من فُضولِ الغنى وكدّ الشّحاحِ
|
نَعِما بالحياة في ظلِّ عيشٍ |
أخضرٍ من قناعةٍ وانشراحِ
|
فيلسوفان ينظران إلى الدنيا |
كما تنظر الذرى للرياحِ
|
يتمنى عيشيهما صاحبُ القصر |
المعلى وذو الظُّبى والرماحِ |