أتهجَّدُ في صومعة الحلمِ
|
على ترتيل صلاة البوحِ
|
وأبحرُ في عينيْ سانحةٍ
|
ضلَّتْ في غدها الأنداءْ
|
كشراع في وَهَنِ اللحظاتِ
|
تسابق زورقَه الأنواءْ
|
مسكوناً.. لا بالهمِّ
|
ولكنْ
|
بسؤالٍ
|
ما زال يباغتني
|
كرياح الصدفةِ في الرمضاءْ
|
ماذا أودعتَ الريحَ
|
وأنتَ على غبش التذكارِ
|
قريبٌ من جُرُفٍ هارٍ
|
ينقضُّ.. ولا ينقضُّ
|
فيمسكهُ الإعصارُ
|
إذا طوَّحَهُ السيلُ
|
وأذرتْ برؤاه الأوداءْ..؟
|
ماذا أسكنتَ الشمسَ
|
وعينُ الشمسِ غَدَتْ نفقاً
|
تتوكأ في رؤياه عيونُكَ
|
لا تدري
|
هل أنتَ أسيرُ الليلِ
|
أم الأيامُ تسافر فيكَ
|
فترجعُ
|
لا صبحٌ يتبسَّمُ في رؤياكَ
|
ولا أهدابُ مساءْ..؟
|
يتقاضى فيك المَحْلُ
|
ويسكن فيكَ الخصبُ
|
وأنتَ غداةَ الحكمِ
|
تقاضي الحكمَ
|
تطوّحُ أشرعةَ الإذعانِ
|
وتوقظ عينَ الظَّعنِ
|
بلا وَطَرٍ
|
تختارُ مماتَكَ
|
أو أثمالَ حياتكَ
|
لا رُطَباً تسَّاقَطُ من أغصانِ مصيرِكَ
|
لكنْ..
|
والدربُ المسكونُ بهاجِسِ همِّكَ
|
إذْ يمتدُّ
|
تلوحُ وراءه عينا سانحةٍ
|
كالحلمِ
|
فترسمُ في رمل مداها-
|
رؤياكَ
|
وتُبقي في صمت رؤاها
|
آبادَ الوهمِ..
|
وتنسى
|
أن على عَصف ثراها
|
ينداحُ الشاطئُ
|
لا بالموج.. ولكنْ
|
بصراطٍ
|
لا تعبُرهُ
|
إلاّ لمحَاتٌ بكماءُ
|
ولا تسري
|
إلا كالقيظِ بأزمنةٍ عجفاءْ
|
وأنا
|
بل أنتَ
|
وراء الزمن اللاهثِ
|
نلهثُ..
|
نكتبُ..
|
نمحو
|
ثانيةً
|
من ثَبَجِ العمرِ
|
وندري
|
أن ثوانيه الرقطاءَ
|
كرفَّةِ أهدابٍ
|
كانت -مذ كانتْ-
|
آخرَ ما تسعى في زبد الغَمْرِ
|
فقد جَفَّتْ
|
وتشقَّقَ في أعطافِ هواها الشوقُ
|
فأغفَتْ كالذكرى
|
تجترُّ معانيها الخرساءْ
|
أتوحَّدُ فيكِ
|
وأنتِ القاتلةُ الآمالِِ
|
وأَنحتُ من ضوء عيوني
|
تمثالَ رؤاكِ
|
فيخدعني
|
وأظلُّ أصدِّقُ أنكِ آخرةُ الأحزانِ
|
فينهرني من لمِحكِ ضوءٌ
|
يشحبُ
|
إن رفَّتْ من رمشِكِ ثانيةٌ وطفاءْ
|
أتوحَّدُ فيكِ
|
وأنتِ الماثلةُ الأعطافِ
|
ولكنْ..
|
ينهارُ التكوينُ
|
فأسقطُ في أصقاعِ الحلمِ.
|
ألوِّنُ بالأفكارِ تضاريساً
|
لبقايا وهمٍ
|
يكتبني
|
سطرَ دخانٍ
|
أقرأهُ
|
وأعودُ كفيفَ اللمحِ
|
كفيفَ الخطوِ
|
فأدركُ
|
أن الجرحَ ينزُّ على ضوء عيوني
|
ويغشِّي ما أبصرتُ
|
فأنسى الحلمَ
|
وأنسى الموتَ
|
وأدركُ أني ذاكرةٌ
|
تمحو الأيامَ
|
وتكتبها
|
سطراً في الرملِ
|
تذرِّيهِ
|
أرياحُ الفتنة والخيلاءْ
|
لكنّي..
|
عبثاً أحضنهُ
|
فيغاويني
|
ويهدهدني
|
ويطوِّحُ عمري مغترباً
|
فأعود إليكِ
|
وقد ملكتْ كفَّايَ الريحَ
|
وعاجَلني
|
من صوتِكِ رجعٌ يحدوني
|
كالتائه في ظمأ الصحراءْ
|
أتفصَّدُ عنكِ
|
تمزّقني
|
أصدافُ هواكِ
|
فأمسكُ عن نفسي الرؤيا
|
وأسافر فيكِ
|
وأمعن في الترَّحالِ
|
فيفجأ خطوي القيظُ
|
ولكني..
|
أسري بعيونِكِ -قاتلتي-
|
لأعودَ
|
وخضرةُ أكواني
|
تنداحُ
|
تلوِّن ألواني
|
كالطيفِ
|
وحين تدورُ بيَ الرؤيا
|
أغدو وهواكِ -ولو ألماً-
|
لوناً كالماءِ بلا لونٍ
|
فقد امتزجتْ
|
ألوانُ الطيفِ بأعماقي
|
فغدوتُ بهِ
|
وهواك يضمِّخ وجداني
|
لوناً كبياض الصحوِ
|
يوحِّدني
|
فأشطُّ وإيّاكِ زماناً
|
وبرغم البعدِ يوحّدنا
|
لوناً
|
فأعودُ وإن أرهقني الطيفُ-
|
وأضواني
|
أتوحَّدُ فيكِ..
|
وأنسى
|
أن على شفقِ الرؤيا
|
شلالَ ضياءٍ
|
يدعوني
|
لأضمَّ بقايا أزمنتي
|
وألملمَ ذاتي فيكِ
|
وحيداً
|
إلاّ من زَمَنٍ
|
يسبقُني فيهِ إليكِ
|
وجيبٌ من ظمأٍ
|
يغتالُ البعدَ
|
ويزرعني
|
في قلبكِ خفقةَ أزمنةٍ
|
أتعمَّدُ فيها مؤتلقاً
|
ومداكِ يضمُّ سوانحها
|
ويوحِّدُها
|
في لحظةِ بوحٍ تدعوني
|
وتوحِّدني
|
إذ كنتُ بها
|
أتوهَّجُ في محراب هواكِ
|
لتعلنَنَا
|
زمناً ينأى بجوائِحِهِ
|
عن كلِّ تباريح الأنواءْ
|
فقفي في ردهةِ ذاكرتي
|
وأطلّي منها نحو غدٍ
|
لا بد سنعبره ألَقَاً
|
ليباركنَا
|
لا عبر الظلِّ
|
ولكنْ..
|
عبر مساحاتِ الأضواءْ؟ |