1-
|
سنا قطرة لم تجد في السّماء ملاذا،
|
فأحجمت قبل أن
|
تفتح القلب... كانت نجومي
|
تهيم وتصنع من قلقي
|
الدّائريّ كرات ثلج في
|
مدن لا تطيق السّحاب؛
|
كانت اللّعبة تعجبني أحيانا،
|
ومن قطرة لم تجد في السّماء
|
ملاذا، ومن نجماتي الجميلات،
|
أعتق عشرين عبدا سبيّا،
|
وأصنع من قلقي الدّائريّ
|
عشرين قصرا،
|
لتلك الأميرات يعجبهنّ
|
العبيد، فينصبن عشرين
|
تختا، ويبدأ حفل البكاء
|
الغريب... سيصحبنني في
|
مماتي، ويبكينني بعض حين،
|
شريدا تعدّد في معضلات
|
الأمور... تعدّد في كلّ شيء
|
بلا قيمة؛ سوف تأتي الفصول
|
تباعا، ومن حرقة في الفصول
|
يراوحني الشّوق بين دندنة
|
الاكتئاب وشيء شبيه بطعم
|
العذاب... ألفت كثيرا بنات
|
حروفي... بناتي اللّواتي تخفّين
|
منّي إذا ما تمنّعت في الحزن،
|
أرهقتهنّ، وكنّ نشيدي فغيّرن
|
ظنّي في السّفسطات، في
|
المثنويّة... في الوحدة، في
|
الشّكل... في غمرات التّواجد،
|
والاتّحاد... ومازت أبحث عن
|
صورتي الحائره، وشكلي المضمّخ
|
بالماء... عن آية صنعت جبلا،
|
وعن كلّ شيء تبعثر حولي، فأوصدت
|
باب التّشرّد، لأبحث في حيرتي...
|
في متاهي، وفي رؤيتي القاصره،
|
عن حروف أجمّع أطرافها، كي
|
أوازن بين انشداهي لرؤية ذاك
|
الإله الجديد...
|
2-
|
سنا قطرة لم تجد في سمائي
|
الرّحيبة أدمعها، فظلّت
|
تحاصر شيئين من غربتي: ركوة
|
وعصا... وكنت أهرّب عن قطرتي
|
سحبي، خطوتي والطّريق المؤدّي
|
إلى النّاصره... آه، يا قطرتي
|
الحائره! لو يتأتّى البكاء، فنبكي
|
معا، وننسى السّماء قليلا،
|
وننسى الأماكن والمدن الضّائعه؛
|
ونحيا كظلّين، في كلّ شيء نلوّن
|
أحزاننا... في كلّ رسم، نحاور
|
أوطاننا، نستلذّ النّشيد الّذي
|
كتبته الدّماء... رأيت المنافي،
|
شتاتا تبعثر في رئة الحزن، أحجمت
|
خلف المدى... والصّدى! جبال
|
الجنوب، وتلك القرى: من يقول
|
بأنّ الزّمان لم يتوقّف؟ وأنّ
|
القوافل، من ألف عام شريد،
|
تحاول أن تملأ البوصلات تباعا
|
لتعرف أشهرها القمريّة، تعرف
|
أوصاف جدّ تشرّد في التّيه مثل
|
الحمام الغريب. [أنا مثنويّ الرّوئ،
|
مثنويّ الغرام، مثنويّ التّعثّر
|
خلف الحروف العصيّة... أحاديّتي
|
لا تفيد؛ ونبضي المعفّر بالصّمت،
|
أرديتي الملصقات على القلب، في
|
كلّ عام جديد، وموتي المعلّق في
|
خانتين من السّفر ا لمترقّب،
|
أسئلتي... كلّ شيء تقمّصت
|
فيه، يراني أعيد المسافات؛
|
نفس المسافات من ألف عام،
|
ومن ألف وجه فقيد!!] أنا...
|
يا مرايا السّماء، حبيب السّنا
|
والدّموع الّتي أحرقت رئتي؛
|
حبيب الشّوارع يلقين ظلاّ فأنسى
|
التّوحّد... أنسى المحارات...
|
أنسى الشّراع الممزّق يحتلّ
|
أبواب قلبي جميعا، ويوصدها
|
ساعة للنّشيد... ستأتي الحمائم
|
من دمعتين، هناك... هناك،
|
شبيهات ذكرى من التّين
|
والياسمين... شبيهات
|
أشيائي الفاتنات جميعا: قناديلي
|
المشرعات اللّواتي أضأن بحاري...
|
مناديلي البيض في دمعهنّ المسافر
|
بين الظّلال وبين الشّواطئ... حبيباتي
|
الهاربات... وقلبي المصفّد بالحزن
|
والصّمت... تأتي السّفائن من دون
|
ربّانهنّ! "قداموس": يا سيّد البحر! يا
|
من زرعت المحيطات شوقا! أراك
|
استعدت المجاذيف، في مقلتيك تجوب
|
القلوع سماء المدائن، وفي راحيتك
|
رأيت الخليج يودّع أسوار "صور"...
|
سترحل! أين الدّموع؟... أين المناديل،
|
يا سيّد البحر؟ أين البخور المعطّر؟
|
أين المذابح؟ والأغنيات؟... سترحل؛
|
دع ساعة للبكاء المسهّد – أعطيك
|
فيها انتمائي إليك... أعطيك عهدي،
|
وأشياء تبقى، لأنّ الرّحيل يفكّك ما لا
|
يفكّك... لأنّ الرّحيل تعلّمت منه الحصار
|
المروّع... تعلّمت منه العزاء لموت
|
فقيد!!... سلاما إذن، فترجّل أعانق
|
خطاك – أقبّل يدين تدلّهتا من سفور
|
البحار الجميلة؛ يا سيّدي، كم حلمت بأن
|
تفتح القلب يوما، وتأتي خفيفا
|
فتمتدّ بين الشّغاف لتمنح نجم
|
الفؤاد ترانيم أسفارك، تعطي
|
المحار لشمع تهدّل في شرفة
|
البوح؛ يا سيّدي، كم بكيت عليّ،
|
وقد كنت شوقي المرنّق بالتّوت،
|
كنت المساء المفاجئ – بيتا تفاجأ
|
بالشّعر يلهو على وتر في جراح القصيدة؛
|
يا سيّدي، رحلة الموت لا تستردّ الشّواطئ،
|
لا تستعيد التئامي إليك، فاقبل يدي
|
زورقا، وافتح القلب ثانية، ثمّ جذّف
|
بعيدا... بعيدا، بلا ساريه!!
|
*
|
العين في: 28 تشرين الأوّل 2007 |