العُمْرُ يَهرُبُ والدقائقُ تَنْتَحِرْ
|
يمضى بنا رَكْبُ الزَّمانِ يَشُدّنا
|
وتَحُثُّنا أقدامنا
|
نحو الطريقِ المُندَثِرْ
|
أحلامُنا شَبَحٌ مُخيفٌ هاربٌ
|
وَسْطَ الظلامِ وقابِعٌ خَلْفَ الشَّجَرْ
|
والحُبّ مذعورٌ على الطرقاتِ
|
هلَّلَ صارخاً
|
مَنْ يُنْقِذ العُشَّاقَ مِن أيدى القَدَرْ
|
مَنْ يمنح العُشَّاقَ صَدْراً
|
دافِئاً
|
مَنْ يمنع العُمْرَ الجميلَ من السَّفَرْ
|
مَنْ يمنح الأزهارَ عِطْراً
|
دافِقاً
|
ويُُشيعُ فى أوصالِها
|
لَوْنَ الحياةِ المُنْتَصِرْ
|
مَنْ يُقْرِض العُصْفورَ عُشَّاً هادِئاً
|
ويُكَبِّل اللحنَ الحزينَ
|
على جناحات الوتَرْ
|
تلكَ المدينةُ قَدْ مللتُ دروبَها
|
ومللتُ فى جَنَباتِها
|
شبحَ الفراقِِ المُنتَظَرْ
|
تلكَ المدينةُ سَفَّهتْ أحلامَنا
|
فَتَكَتْ بنا
|
جَعَلَت بقايانا طعاماً
|
للكلابِ
|
ولَطَّخَت بدمائِنا وَجْهَ القمَرْ
|
فالحبُّ فى مِحرابِها
|
طِفْلٌ لَقيطٌ .. عابَهُ كلُّ البَشَرْ
|
مَنَعوا بنوَّتَهُ .. أبَواْ إطعامَهُ
|
تركوه يطعمُ مِنْ ثَرَى الأرضِ القَذِرْ
|
سَبّوا أباهُ وعيَّروهُ بأمِّهِ
|
تركوه وانصرفوا ..
|
رموهُ ليَحْتَضِرْ
|
والحُبُّ فى محرابِها.. ذنبٌ لعينٌ
|
ما لَهُ أن يُغْتَفَرْ
|
وجهٌ عبوسٌ شاحِبٌ
|
فى ظُلْمَةِ الليلِ العَسِرْ
|
والحبُّ فى مِحْرابها
|
شيخٌ عجوزٌ قَد تَدَرَكَهُ الكِبَرْ
|
عارٌ عليهِ إذا أَحَبَّ الفجرَ
|
أو عَشِقَ السَّهَرْ
|
عارٌ عليهِ إذا تَأمَّلَ فى المَرايا
|
أو تَزضيَّنَ للصَّبايا
|
أو هَوى ضوءَ القَمَرْ
|
عارٌ عليه إذا دَعَتهُ الذِّكريات
|
أو طوتهُ الأمنيات
|
أو إذا استجدى العُمُرْ
|
العمرُ يَهْرُبُ والدقائِقُ تَنْتَحِرْ
|
***
|
العمرُ يَهْرُبُ والدقائِقُ تَنْتَحِرْ
|
وأنا أُغافِلُ كُلَّ مَنْ بمدينتى
|
وأزورُ طَيْفَ حبيبَتى
|
وَقْتَ السَّحَرْ
|
أتَلَحَّفُ الليلَ البَهيمَ وأخْتَفِى
|
خَلْفَ الضَّبابِ
|
وأقتَفيكِ
|
تَمُرُّ فى عَيْنىَّ أشباحُ الصوَرْ
|
يهفو لعينى أن أراكِ
|
ولا أرى
|
إلا النجومَ تجاذَبَتْ أثوابَها
|
أخَذَتْ تضيعُ
|
تدقّ أبواقَ السَّفَرْ
|
وكتائبُ اللوامِ تزحفُ نحونا
|
تغزو الدروبَ ومِلْ أعينها الشَّرَرْ
|
هُمْ مُدرِكونا حيثُ قد ظفروا بنا
|
هُم قاتِلونا يا حبيبةُ لا مَفَرّ
|
أنا يا حبيبةُ لم أَكُنْ لأبيعَكِ
|
هم قاتَلونا ... قَتَّلونا
|
موكبُ الظلم انتصرْ
|
العمر يهرب والدقائقُ تنهمِرْ
|
وأنا سأبقى للنهايةِ عاشِقاً
|
رغمَ ارتفاع الموجِ
|
رَغمَ الخوفِ
|
رغمَ مدينتى
|
رَغمَ الدَّمِ المسفوح من صَدْر القمَرْ |