"باقةٌ من زخَّاتِ نافورةِ الماءِ في بيت أبي"
|
"والسؤالُ الذي أرَّقَ الشحارير"
|
ويأتي الصيفُ يلبسُ ثوبََهُ الأَحَمرْ .
|
ويرمي شََعْرَ غُرَّتِهِ على حرفي ...
|
فلا تدري من الأشقرْ .
|
ويضحكُ ضحكةً بيضاءَ في أَلَقٍ...
|
ويشهقُ فوق رابيتي...
|
فإذْ غصنُ الهوى زرَّرْ .
|
تميلُ بناتُ أفكاري...
|
تهزُّ الرأسَ مثلَ سنابلِ البيدَرْ .
|
فقمحٌ من هناكَ حكى...
|
ونبعٌ من هنا ... ثرثرْ .
|
وأشجارٌ من الدرّاقِ فيها الخوخُ...
|
طولَ الليل كَمْ عانى ... وكَمْ فَكَّرْ .
|
وصََعَّرََ خدَّهُ كَرَزٌ فما أحلى الذي صََعَّرْ .
|
جمالٌ لو أُصوِّرُهُ ... يدُوخُ الحبرُ والدفترْ .
|
***
|
يجئُ الصيفُ ينبعُ من يدِي "بردى".
|
ويسقي "غوطةً" أكبرْ .
|
مساحاتٌ من الرُّمانِ في قلبي...
|
يصافحُ لونَها بيدٍ...
|
ويلثمُ وجهَهَا بفمٍ...
|
على مَهَلٍ ... ولا يَضجَرْ .
|
"زقاقُ الصخرِ" ضمنَ دمي وشلاَّلٌ على "دُمَّرْ ."
|
لذاكَ "دمشقُ" قد سَكَنَتْ ....
|
"بربوتِها" على شريانيَ الأَبَهرْ .
|
***
|
يجيءُ الصيفُ من "كيوانَ" ...
|
حيثُ مشاتلُ العنبرْ .
|
وحيثُ "المزَّةُ" الحسناءُ في دَلٍّ...
|
تمُدُّ سريرَها الأخَضَرْ .
|
وحيثُ "المَرْجةُ" اغتسَلتْ ...
|
وَلَفَّتْ فُلَّها المنسوجَ من عطرٍ على الردفينِ كالمِئزرْ .
|
وحيثُ الياسمينُ مَشى...
|
من "الميدانِ" "للقصَّاعِ" يرقصُ "عرضةَ" الخَنجَرْ .
|
فينزفُ من هنا رَهَطٌ...
|
ويُذبحُ من هنا مَعشرْ .
|
وكلُّ الشامِ تعشقُهُ...
|
برغمِ الطعنِ في حبٍّ تسامحُهُ...
|
ولا تثأرْ .
|
يَمدُّ أصيصُ أزهارٍ عيونَ العطرِِ من شُرَفٍ...
|
ويرفعُ كفَّهُ المخضوبَ من عَبَقٍ ...
|
يُحيي سيَّدَ الأزهارِ....
|
يلقي فوقَهُ مِنديلَهُ المشغولَ بالمنثورِ إذْ أَزْهَرْ .
|
***
|
وإنَّ الصيفَ في وطني...
|
كما شاهدتُ ...
|
بستانٌ يُصلّي الصبحَ في الساحاتِ...
|
أنسامٌ تقيمُ الليلَ .. تتلو سورةَ الكوثرْ .
|
وأصواتٌ من "النعناعِِ"...
|
رائحةٌ من "النهاوندِ"...
|
لوحاتٌ ... ترى بيديكَ أو عينيك َ روعَتها...
|
فسبحانَ الذي صَوَّرْ .
|
قميصُ الحُسْنِ شَفَّافٌ على وطني...
|
وإنْ غطَّى وإنْ سَتَّرْ .
|
فَكُمٌّ ههنا أرخى بأزرارٍ من الفيروزِ لامعةٍ...
|
وَكُمٌّ ... ههنا شَمَّرْ .
|
***
|
مطاراتٌ شبابيكُ الدمشقياتِ للأطيارِ...
|
تهبطُ عندها عصراً...
|
تزوِّدُ نفسَها بالفستقِ الأخضرْ .
|
وترسمُ خطََّ خارطةٍٍ...
|
إلى الكحلِ الدمشقيِّ الذي في لُغزِهِ حَيَّرْ .
|
شبابيكُ الدِّمشقيَّاتِ آهاتٌ مُضَفَّرةٌ من الألوانِ...
|
حيثُ العشقُ للأهدابِ قد ضَفَّرْ .
|
فتأخذُ بعضَها سِنَةٌ ...
|
فتزجُرها ... التي تَسهَرْ .
|
وأسوارُ البيوتِ شذاً ...
|
من الليمونِ والنارنجِ منتصِبٌ...
|
فهذا من هنا وارى ...
|
وهذا من هنا سَوَّرْ .
|
***
|
تُمَشِّطُ شعرَها النَّسَماتُ ...
|
في حضنِ البيوتِ هناكَ...
|
إنَّ المشطَ بالأسرارِ قد خَبَّرْ :
|
تلعثمَ إذْ رأى نافورةً تبكي...
|
وتحني رأسَها خَفَراً على صَدْرٍ من المرمرْ .
|
وداليةً تُطيِلُ العُنْقَ...
|
فوقَ جدارِ أفياءٍ – يمينَ الدارِ-
|
ثم بلفتةِ الإغراءِ تمنحُ خدَّها للحائطِ الأيسرْ .
|
وعنقوداً شدا شِعْراً...
|
من الديوانِ يقرؤهُ...
|
وعنقوداً له استظَهرْ .
|
وأوراقاً على الأشجارِ ...
|
تشربُ سُؤرَ بَوْساتٍ...
|
من الطلِّ...
|
الذي في الفجرِ يغشاها على عَجَلٍ ولا يَظْهرْ .
|
تصابى الضوءُ ...
|
فوقَ وسائدِ البِلَّورِ في الشُباكِ مرتبكاً...
|
لِيفْضحَ ما رآهُ ...
|
ولكنْ ... عادَ واستغفرْ .
|
يُفَسِّرُ ما رأى مِِشطٌ ...
|
فيدهشُنا ...
|
وَرَغمَ براعةِ التأويلِ ... ما فَسَّرْ .
|
***
|
دِمشقُ الشامُ ... أغنيتي...
|
وحبي الخالدُ ... الأكبرْ .
|
أنا ما زلتُ مُكْتظَّاً...
|
بأفكارٍ من التفاحِ ...
|
يهمي دمعُها بدمي...
|
أنا التفاحُ ... ريشتُهُ إذا عَبَّرْ .
|
"بلودانُ" التي قد عَرَّشتْ في خَصرِ قافيتي...
|
نطاقاً من مواويلِ الهوى شوقاً...
|
وَشَدَّتْهُ ...
|
ورغمَ الشَّدِّ خَصْرُ الشِّعرِ لم يُكْسَرْ .
|
***
|
وحُجرةُ جَدَّتي ما زلتُ أذكرُها...
|
وخيطانُ الستائرِ...
|
عندما ترفو جبينَ الشمسِ وقتَ الظُّهرِ ...
|
في إِبَرٍ من الرَّيحانِ في رِفقٍ...
|
تداوي النزفَ، توقِفُهُ من المَصدَرْ .
|
أتوقُ لنقشةِ الجدرانِ ...
|
للأرضيَّةِ الذَهبيةِ الألوانِ ...
|
للسَّجادِ ...
|
للدِّيباجِ...
|
للثوبِ الحريريِّ...
|
وياللهِ ... كم قلبي به ادَّثَّرْ .
|
لسيفٍ عَلَّقتْهُ يدٌ من الأجدادِ...
|
في خجلٍ أُقَبِّلُهُ...
|
وأمسحُ حزنَهُ الأطْهَرْ .
|
لِمتَّكأٍٍ تهجَّيْتُ النجومَ بهِ...
|
وَدَوَّنتُ المجرَّاتِ ...
|
اللّواتي اسَّاقطتْ جُمَلاً على كُرّاستي الزرقاءِ...
|
هذي الزُّهرةُ الحسناءُ...
|
في كرسيِّها الذهبيِّ حالمةٌ...
|
وهذا المشتري يعلو على المنبرْ .
|
أذوبُ أنا لذاكَ السُّلَّمِ الخشبيِّ..
|
طَعَّمَهُ الزمانُ...
|
فَحنَّ حتى صارَ مثلَ العودِ...
|
أَنَّتُهُ ... مَقامُ "الشامِ"...
|
في فنِّ يعودُ لهُ ولو غَيَّرْ .
|
***
|
مساءَ الخيرِ يا حبلَ الغسيل غفا...
|
على سقفٍ لهُ بالغيم آصِرةٌ ....
|
وصاهَرَ بعضَ أفخاذٍ ...
|
قبائلُها من الغيم الذي أَمْطَرْ .
|
أقامَ علاقةً بالبدرِ ...
|
يدعوهُ إذا أَقمرْ .
|
ويُولِمُ في العشايا البيضِ مأدبةً ...
|
لآلافِ السنونواتِ...
|
يُطعِمُها (مناقيشَ الهوى) قد زانها السُّماقُ والزَّعترْ .
|
***
|
مساءَ الخيرِ ... يا وطني...
|
وتسألُني شحاريري...
|
تصاحبُني على المَهجَرْ .
|
لماذا أنتَ في (تمّوزَ)...
|
حيثُ الصيفُ والأفراحُ ...
|
تبدو بائسَ المَظهَرْ .
|
لماذا الناسُ في (تمّوزَ) ...
|
تحملُها حقائبُها ..
|
لأوطانٍ بها تَفخَرْ .
|
وأنتَ الهائمُ المفتونُ في وطنٍ..
|
تًصوِّرُهُ وتفتنُنا به أكثرْ .
|
تَظلُّ هنا ...
|
حقيبةُ دمعكِ امتلأتْ ...
|
وجرحُكِ شاخَ بلْ عَمَّرْ .
|
ومُتَّكِئٌ على عكّازِ غربتِهِ...
|
وأحنى ظَهرَهُ كِبَرٌ ...
|
ومن عَجَبٍ بَرغمِ الشيبِ...
|
تصهلُ خيلُ أحرفِهِ ... إذا أَشْعَرْ .
|
عجيبٌ جرحُكَ المفتوحُ ...
|
في نُبْلٍ يَشِيخُ وقلبُهُ أخضرْ .
|
***
|
وتسألُني شحاريري مُكرِّرةً...
|
ولا حَرَجٌ على الشُّحرورِ لو كَرَّرْ .
|
لماذا أنتَ في (تموزَ) تبكي ثم تُبكينا...
|
على الوطنِ الذي ما مثَلَه الإبداعُ قد قَدَّرْ .
|
***
|
شحاريري ...
|
رفاقَ الجرحِ ...
|
لا سِرٌّ بأعماقي ولا مُضمَرْ .
|
فإني في مراهقتي...
|
كَتبتُ قصيدةً لَمْ تُعجبِ "القيصرْ ."
|
كَتبتُ قصيدةً لَمْ تُعجبِ "القيصرْ ."
|
*** |