ثغور القوافي حينما تتبسم |
يرف لها قلب ويشدو بها فم
|
وتروي الليالي حديثها |
حديثاً به ريح الصبا تترنم
|
صداه ألا ما أجمل الشعر والهوى |
رفيقان للعشاق جرح وبلسم
|
فليس كمثل الحب للشعر رافدٌ |
إذا جف نبع الشعر واصفر برعم
|
وليس كمثل الشعر للحب واصفٌ |
دقائق ما يبدي المحب ويكتم
|
وما الشعر إلا كالنساء خليقة |
يرق ويستعصي ويقسو ويرحم
|
إذا جاد فالعذب الزلال نواله |
وإن شح فاللفظ الحلال محرم
|
تسابق معناه عذوبة لفظه |
فما دق عن أوصافه فهو مبهم
|
فتنت به ذاتاً وكنها وصورة |
وهمت كما بالحب هام المتيم
|
وتسكرني راح القوافي فأنتشي |
بها ثملاً والعقل بالوعي مفعم
|
تفيأتُ ظل الشعر بعد هجيره |
من بعد ما كاد الأسى يتحكم
|
ومن بعد أن شاطرته السهد والكرى |
وروضت منه جامحاً لا يقوم
|
تأملني نفسا عليه عزيزة |
فأكرمها يا حبّذا المتكرم
|
وأتحفها بالدّر من مفرداته |
فما ضيم موصوف ولا ضل ملهم
|
ولا عبثت كف الصراحة بالنّهى |
ولكن سهم الصدق للزيف مؤلم
|
ونزهت عرض الشعر عن شكر ناقصٍ |
وأكرمته عن هجو من لا يكرم
|
وأقسم لو كلفته الشكر مكرهاً |
ولبى لأنكرت الذي منه أعلم
|
فما عودتني مفردات بيانه |
نفاقاً ولو لم يبق في الكف درهم
|
يبوح على قدر المحبة مقولي |
وليس لغير الحب يشدو وينظم
|
وما قلته إلا لمن يستحقه |
حبيب فؤاد، أو جواد معظم
|
فلولا جياد الشعر ما خلّد الوغى |
مواقف من يلقى المنايا ويقدم
|
ولولا جياد الشعر ما خلّد الندى |
مكارم من يأسو الجراح وينعم
|
ولولا جياد الشعر ما خلّد الهوى |
أحاديث من هاموا وجنوا وتيموا
|
يظل وتفنى دولة الملك والغنى |
وكل بناء دونه يتهدم |