عنوان القصيدة : أَهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُللشاعر :محمد بن عثيمينالقسم : السعودية تستطيع مشاهدة القصيدة في موقعنا على العنوان التالي : http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=71157
|
أَهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُ | وَيُفقَدُ العِلمُ لا عَينٌ وَلا أَثَرُ |
خَبَت مَصابيحُ كُنّا نَستَضيءُ بها | وَطَوَّحَت لِلمَغيبِ الأَنجمُ الزُهُر |
وَاِستَحكَمَت غُربَةُ الإِسلامِ وَاِنكَسَفَت | شَمسُ العُلومِ التي يُهدى بها البَشرُ |
تُخُرِّمَ الصالحونَ المُقتَدى بهمُ | وَقامَ منهُم مقامَ المُبتَدا الخَبَرُ |
فَلَستَ تَسمَعُ إِلّا كان ثمَّ مَضى | وَيَلحَقُ الفارِطُ الباقي كما غَبَروا |
وَالناسُ في سَكرَةٍ من خَمرِ جَهلِهِمُ | وَالصَحوُ في عَسكَرِ الأَمواتِ لَو شَعَروا |
نَلهو بِزُخرُفِ هذا العَيشِ من سَفهٍ | لَهوَ المُنَبِّتِ عوداً ما لهُ ثَمَرُ |
وَنَستَحثُّ منايانا رَواحِلُنا | لِمَوقِفٍ ما لنا عَن دونهِ صَدَرُ |
إِلّا إِلى مَوقِفٍ تَبدو سَرائِرُنا | فيهِ وَيَظهَرُ لِلعاصينَ ما سَتَروا |
فَيا لهُ مَصدراً ما كانَ أَعظَمَهُ | الناسُ مِن هو لهِ سكرى وَما سَكِروا |
فكُن أخي عابِراً لا عامِراً فَلَقد | رَأَيتَ مَصرَعَ من شادوا وَمن عَمَروا |
اِستُنزِلوا بَعد عزٍّ عن مَعاقِلِهم | كَأَنَّهُم ما نَهَوى فيها وَلا أَمَروا |
تُغَلُّ أَيديهِمُ يومَ القِيامةِ إن | بَرّوا تُفَكُّ وفي الأَغلالِ إن فَجروا |
وَنُح على العِلمِ نوحَ الثاكلاتِ وَقُل | وَالهفَ نفسي على أَهلٍ لهُ قُبِروا |
الثابتينَ على الإيمانِ جُهدَهُمُ | وَالصادِقينَ فما مانوا وَلا خَتَروا |
الصادِعينَ بِأَمرِ اللَهِ لَو سَخطوا | أَهلُ البَسيطَةِ ما بالوا وَلو كثُروا |
وَالسالِكينَ على نَهجِ الرَسولِ على | ما قَرَّرَت مُحكَمُ الآياتِ وَالسوَرُ |
وَالعادِلينَ عن الدُنيا وَزَهرَتِها | وَالآمرينَ بخيرٍ بعدَ ما اِئتُمِروا |
لَم يَجعَلوا سُلَّما لِلمالِ عِلمَهُم | بَل نَزَّهوهُ فَلَم يَعلُق بهِ وَضَرُ |
فَحيَّ أَهلاً بهِم أَهلاً بِذِكرهِمُ | الطَيّبينَ ثَناءً أَينَما ذُكِروا |
أَشخاصهُم تَحتَ أَطباقِ الثَرى وَهُمُ | كَأَنَّهُم بَينَ أَهلِ العِلمِ قَد نُشِروا |
هذي المَكارمُ لا تَزويقُ أَبنِيَةٍ | وَلا الشُفوفُ التي تُكسى بها الجدُرُ |
وابك على العَلَمِ الفَرد الذي حَسُنَت | بِذِكرِ أَفعالِهِ الأَخبارُ وَالسِيَرُ |
مَن لم يُبالِ بحقِّ اللَهِ لائِمَةً | وَلا يُحابي امراءً في خدِّهِ صَعَرُ |
بَحرٌ من العِلمِ قد فاضَت جداوِلهُ | أَضحى وَقد ضَمَّهُ في بَطنهِ المَدرُ |
فَلَيتَ شِعريَ مَن لِلمُشكِلات إِذا | حارَت بِغامِضِها الأَفهامُ وَالفِكَرُ |
مَن لِلمَدارس بِالتَعليمِ يَعمُرُها | يَنتابُها زُمرٌ من بَعدِها زُمَرُ |
هذي رُسومُ عُلومِ الدينِ تَندبهُ | ثَكلى عَليهِ وَلكن عَزَّها القَدرُ |
طَوَتكَ يا سَعدُ أَيّامٌ طَوت أُمَماً | كانوا فَبانوا وَفي الماضينَ مُعتَبَرُ |
إِن كان شَخصُكَ قد واراهُ مُلحِدهُ | فَعِلمُكَ الجَمُّ في الآفاقِ مُنتَشِر |
وَالأُسوَةُ المُصطَفى نَفسي الفِداءُ لهُ | بِمَوتهِ يَتَأَسّى البَدرُ وَالحَضَرُ |
بَنى لكُم حمدٌ يا لِلعَتيقِ عُلا | لم يَبنِها لكمُ مالٌ وَلا خَطَرُ |
لكنَّهُ العِلمُ يَسمو من يَسودُ بهِ | عَلى الجهولِ وَلو من جدُّهُ مُضرُ |
وَالعِلمُ إن كان أَقوالاً بلا عملٍ | فَلَيتَ صاحبهُ بِالجَهل مُنغَمِرُ |
يا حامِلَ العِلمِ وَالقُرآنِ إِنَّ لَنا | يَوماً تُضَمُّ بهِ الماضونُ وَالأُخرُ |
فَيَسأَلُ اللَهُ كلّاً عَن وَظيفَتهِ | فَلَيتَ شِعري بماذا منهُ تَعتَذِرُ |
وَما الجَوابُ إِذا قالَ العَليمُ أَذا | قالَ الرَسولُ أَو الصَدّيقُ أَو عُمَرُ |
وَالكُلُّ يَأتيهِ مَغلولَ اليَدينِ فمن | ناجٍ وَمن هالكٍ قَد لَوَّحَت سَقَرُ |
فَجَدِّدوا نِيَّةً لِلَّهِ خالِصَةً | قوموا فُرادى وَمَثنى وَاِصبِروا وَمُروا |
وَناصِحوا وَاِنصَحوا مَن وَليَ أَمرَكمُ | فَالصَفوُ لا بُدَّ يَأتي بَعدهُ كَدرُ |
وَاللَهُ يَلطُفُ في الدُنيا بِنا وَبكُم | وَيومَ يَشخَصُ مِن أَهوالهِ البَصَرُ |
وَصَفِّ رَبِّ على المُختارِ سَيِّدِنا | شَفيعِنا يَومَ نارُ الكَربِ تَستَعِرُ |
محمدٍ خيرِ مَبعوثٍ وَشيعَتِهِ | وَصَحبِهِ ما بَدا من أُفقِهِ قَمَرُ |