• ثَرْثَرَةُ الصَّمْت

    رَبَّاهُ مَا فِي يَدِي،ضَيَّعْتُهُ بِيَدِي مَا بَيْنَ شَوْقِي لأَمْسِي، وَانْتِظَارِ غَدِي! ‏نَادَيْتُ نَادَيْتُ، صَوْتِي عَادَ مُنْكَسِراً ‏يَحْسُو صَدَاهُ، وَيُوْهِي ضَعْفُهُ جَلَدِي ‏نَثَرْتُ أَسْئِلَتِي كَالطِّفْلِ، مُنْتَظِراً ‏جَـوَابَ مَنْ رَاحَ، حَتَّى الآنَ لَمْ يَعُدِ! ‏فَلُذْتُ بِالصَّمْتِ، بَعْضُ الصَّمْتِ ثَرْثَرَةٌ تُقِضُّ مَضْـجَعَ رُوْحِي فِي ثَرَى جَسَدِي ‏رَبَّاهُ رَبَّاهُ مَا لِي حِيْلَةٌ، رَكَضَتْ بِيَ السِّنِيْنُ، فَمَا أَوْفَتْ، وَلَمْ تَعِدِ! ‏طَالَ السُّرَى رِيْشَتِي مِنْ أَضْلُعِي وَدَمِي حِبْرِي، أُسَطِّرُ أَنَّاتِي عَلَى كَبِدِي ‏مَرَاكِبِي فِي خِضَمِّ الـمَوْجِ مَا هَدَأَتْ هَوَى الشِّرَاعُ، وَمِجْدَافِي بِغَيْرِ يَدِي ‏وَالرِّيْحُ فِي مَسْمَعِي تَنْصَبُّ دَمْدَمَةً ‏تَهُزُّ قَلْبِي، وَتُذْكِي جَذْوَةَ الكَمَدِ ‏أَمْضِي؟! إِلَى أَيْنَ؟! لَيْلُ التِّيْهِ يُزْعِجُهُ وَقْعُ الخُطَى، وَحُدَاءٌ كَالصَّبَاحِ نَدِي ‏الأَرْبَعُوْنَ تَمَامُ الرُّشْدِ، قُلْتُ كَفَى مَازِلْتُ أَبْحَثُ، لَكِنْ لَمْ أَجِدْ رَشَدِي ‏تَلُفُّنِي غُرْبَةٌ، رَبَّاهُ كَيْفَ، وَمَا فَارَقْتُ أَهْلِي، وَلا هَاجَرْتُ عَنْ بَلَدِي؟! ‏أَنَا هُنَا خَفْقَةٌ أَسْيَا، وَجَانِحَةٌ ثَكْلَى، وَحَظٌّ تُغَذِّيْهِ الهُمُوْمُ، رَدِي ‏حَتَّى مَتَى؟! لَمْ يَعُدْ فِي مُهْجَتِي رَمَقٌ ‏أَشْكُو، وَلا أَحَدٌ يُصْغِي إِلَى أَحَدِ! ‏فَصِيْحَةٌ لُغَةُ الأَقْدَارِ، أَحْرُفُهَا تَنْقَضُّ كَالبَرْقِ، أَوْ تَفْتَرُّ كَالبَرَدِ! ‏رَبَّاهُ إِنْ ضَاقَ دَرْبِي، وَاسْتَبَاحَ فَمِي ‏لَيْلٌ، فَإِنِّي إِلَى نُوْرِ اليَقِيْنِ صَدِي! وَغُرْبَةُ الرُّوْحِ، فِي أَعْمَاقِ مُنْتَظِرٍ أَقْسَى عَلَى قَلْبِهِ مِنْ غُرْبَةِ الجَسَدِ! . ٢٢/ ٦/ ١٤٢٨هـ

    الكاتب: عيسى جرابا

    0المفضلة

    880 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ
التعليقات معطلة من قبل المؤلف أو الإدارة

التعليقات (0)

المزيد من عيسى جرابا

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • ثَرْثَرَةُ الصَّمْت

    المزيد من عيسى جرابا

    عرض جميع الأعمال

    مواضيع ذات صلة