Je suis a malade أنا اشعر بالمرض
Jan 15, 2021 08:38 PM Jan 15, 2021 08:38 PM
أشعر بالكلمات عالقة بمنتصف حنجرتي، أسعلُ مرة و اثنتين، فتسقط من فمي كلمتين أو ثلاث، يشتد بي السعال، اشتد بي مرضي، الحُمى تفتكُ بي، الكلمات تجتمع معاََ، تختار ان تكون جُمل مترابطة، و جمل متفرقة، الكلمات تخبرني إنني إن لم أكتب، فالموت أشد عذاباتي، يأتي ثم يمضي، مرةً بي و مرةً دوني، مَرضتُ لإني لم امسح غبار الكتب، و لم اقرأ كفايتي، لم أرتب فوضى مكتبتي، لم امسك قلمي، لم أزر طيوف قصصي منذ مدة، لم أعمل على مكتبي أو في الحافلة أو على شاطى البحر أو بالمكتبة أو في أي مكان، لم أكتب. كل حواسي ترتبط بالكلمات، تشد وثاقي بها، أفلتُ حبال الوصل بيننا فأشعرُ بالتيه و الحيرة، الغربة تأخذ روحي، الطبيب يخبرني أن لا علاج للحمى هنا، مصابي جلل، و زائرتي شديدة البأس، أخبرني ان أحاول كتابة الوصية لعل الموت يداهمني على غفلة مني. أخبرت الطبيب بأني لم أكتب، لم اعتزل مهنتي، لكنني لا استطيع الكتابة، لا يزورني الوحي، لا يهبط عند داري، الليل طويل و وحدي أعتكف عند راسي، امسح على روحي، و أبلل قطعة القماش بالماء الفاتر، الماء ينساب للدفاتر و الأوراق من حولي، أنا أعيش في مكتبة قديمة، بعض الكلمات تُمحى، و تهرب الأخرى في محاولة للنجاة، من الغرق ببعض من قطرات الماء. الكلمات تخرج من جسدي، من روحي، من فمي، من كل ذاتي، تحاصرني، تخرج عبر النافذة و الباب و تعبر بين الشقوق الصغيرة، حتى تبعثر كل ما أمامها في منزلي، ثم تمضي نحو الشارع، كل الكلمات تعبر وسط المدينة، و تعلقُ على الأشجار، و تُزاحم الناس في موقف الحافلات، و داخل الحافلة، أمام الحديقة العامة، و المسرح، و متحف الفنون التشكيلية، تمضي نحو المكتبة و مجلس وسط المدينة، الكلمات تتسلل حتى لبيوت الجيران و كل سكان الحي، حتى أن الناس اختبئوا، رغم مزاحمة الكلمات لهم حتى في سرير النوم. لا شيء يمنع هذه الكلمات من أن تتوقف، تتحول لجمل كثيرة، عشوائية، تقرأ من حولك: "بساط، فكرة، مصباح، ضوء، في، عقل، داخل، على"، ثم تحتار في أمرك، و تبدأ في محاولة ترتيب جملة و ربط الكلمات ببعضها لتُكّون جملة، تُصاب بالدوران، و أنت تحاول ثم آخيراََ تجد الجملة الصحيحة تقول: " فكرة داخل عقل على بساط في ضوء مصباح ". لم يمضي الصبح دوني حتى كنت على وشك القبض على الكلمات الأخيرة و زجها في قاموس مسودة عملاقة، الحمى تذهب عني، و الكلمات وجدت طريقاََ لمحاولة البقاء، كل الكلمات تصبح نص طويل في كتاب، يتوقف السعال، و تخرج الكلمات العالقة بالحنجرة بحشرجة ريق، في جملة أخيرة: أنا أريد أن أكتب. لم أعد أشعر بالمرض، لقد شُفيت، الحمد لله.
الكاتب: معصومه إيليا
0المفضلة
56 المشاهدات
0 تعليقات