• قراءة نص قصة (السكرتيرة الجديدة) للمؤلف: احمد شفي

    قراءة نص قصة (السكرتيرة الجديدة) للمؤلف: احمد شفيق بهجت قصة اجتماعية قصيرة، تفصل لنا حياة رجل يتصف بشخصية محافظة (عبدالجبار شديد) ناجح في عمله ودراسته،  تلقى منذ نشأته تربية صارمة من الاب، وكانت النتائج جيدة حتى منتصف الخمسين من العمر، كونه اتخذ مسارا واحد لا يحيد عنه. لكن حدث تغير طفيف بعدما اصطدم بمؤثر يمتلك ميزة غير عادية، مكنت هذا الطرف من الايحاء ببعض المشاعر التي تلقاها عبدالجبار بشكل خاطيء، وفُهمت على غير المراد، فكادت ان تؤدي به الى اتخاذه قرارات خاطئة. القصة كتبها الاستاذ المؤلف احمد شفيق بهجت (توفي سنة ١٤٣٣هجري _ ٢٠١١م. وهو أديب وصحفي مصري، يحمل شهادة في الحقوق، عمل صحفيا بجريدة أخبار اليوم (1955) وبمجلة صباح الخير (1957) وبجريده الأهرام (1958) ورئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون (1976) ونائب رئيس التحرير للشئون الفنية بجريدة الأهرام  (1982) يجيد ثلاث لغات الإنجليزية، والفرنسية، والعربية   له أعمال بارزة منها قصص الحيوان في القرآن (رواية)، وكتاب "أنبياء الله"  طبعتْ منه دار الشروق 36 طبعة. المؤلف كما نرى من سيرته الذاتية، يعتبر من اساطين الادب، وهو كمحامي ثم صحفي ثم مسئول،  وقارئ  للاداب بثلاث لغات،  قادر على الغوص في الشخصيات، وعالم بظواهر الاحداث الاجتماعية. لذا استطاع ان يقدم لنا قصة قصيرة لعب فيها علم النفس دور ضمن دائرة اجتماعية ضيقة "ادارة حكومية ومنزل اسرة صغيرة، وشلة اصدقاء لا يتجاوز عددها الاثنين" فتمكن من معالج النص ضمن هذا السياق الاجتماعي البسيط، ونجح. عند كتابة القصة، المؤلف اما يتولى دور العقل الباطن للشخصية الرئيسية "الضمير"، فنجده يفكر بصوت عال احيانا، او ان يختلق لنفسه  شخصية مساندة ضمن الرواية او القصة مهمتها توجيه افكاره ورؤيته ومشورته، كصديق ناصح للشخصية الرئيسية، سواء كانت الافكار بالسلب او الايجاب، وطوال سير الاحداث، هو من يزودها بالافكار ويشجعها او ينصحها بالتراجع مع تعليل الاسباب، لتتمكن من تخطي العقبات وصولا الى الهدف او الفكرة المراد توصيلها الى ذهن القاريء. وهنا اعتقد ان المؤلف تقمص شخصية رجل الاعمال مصطفى "اداها الممثل ابو بكر عزت" التي سيظهر دورها في السطور الاتية، وكان مهمته تقديم النصح والارشاد وكذلك محاولة توضيح بعض المواقف الطارئة على الشخصية الرئيسية، والتي لم يتمكن من معالجتها بشكل موافق للعصر "خطبة وزواج ابنته"، وذلك عندما حاول وضعها في قالب مسبق الصب صنعه له والده من قبل، ولم يكن هناك من يستطيع ان يؤثر على قراراته بشأنها خاصة ممن يقعون تحت سيطرته (الزوجة والابنة). احداث القصة: اولا اجاد المؤلف اختيار اسم شخصيته الرئيسية والذي سيحدد لنا ملامحها الاولية (عبدالجبار شديد)، فالتصور المبدئي للاسم "والاسم قسم" يعبر عن طبيعة نفسية صارمة وجادة، ثم وضعها في قالب اجتماعي (مدير عام)، كي يتيح لها اظهار مكوناتها بشكل واضح وصريح. ثم لمح لنا عن كيفية وصول عبدالجبار الى هذا المنصب الكبير، وذلك عبر اظهار دور الموظف (سعيد) الذي يتبنى افكار مديره بل ويعتبره مثله الاعلى في الانضباط والجدية والنزاهة. في اشارة من المؤلف الى انه بالاضافة الى التربية الصارمة، فقد تلقى تعزيزا خلال مسيرته العملية من شخصيات تولت مناصب كبيرة كانت مضربا للمثل بالنسبة له، توافقت معه في الرؤى والافكار، ومن الطبيعي ان يعجبوا به ويتخذونه مساعد لهم، وهو ما سيفعله فيما بعد مع الموظف سعيد، الذي اختاره من بين مجموعة من الموظفين نائبا عنه، لانه يرى فيه شبابه. عبدالجبار، اظهر ولاء  منقطع النظير لعمله، واداره بنزاهة وصرامة، ساعده في ذلك كل من : سكرتيرته القديمة التي تتبنى عددا من سماته، ونائبه الذي يعتبر نسخة مصغرة منه. في الجانب الاسري ادى دورا مثاليا رائعا كزوج واب، لا يسهر ولا يحب التكلف ولا التصنع ولا المجاملات، يعود من عمله يتناول طعامه ثم يقرأ صحيفته، وان وجد وقت قضاه مع صديقه مصطفى، ثم يعود فيتناول طعامه  ومشروب القرفة ويخلد الى النوم ليستعد صباح اليوم التالي للذهاب الى عمله، ويقله سائقه الى مكتبه .. هكذا على رتم واحد، طوال ايام السنة. هذا الرتم الذي وصفه عبدالجبار نفسه بالممل، وكذلك صديقه مصطفى.  تغيرت نبرته مع تقديم السكرتيرة القديمة استقالتها وتعيين بديلة عنها تختلف كليا من حيث المظهر والطبائع والعمر. السكرتيرة الجديدة تتميز بجمال اخاذ، وغنج انثوي رقيق، متوافق مع جدية عبدالجبار وصرامته، فلا ابتذال وتصنع او انحطاط في اسلوبها، او خسة في طبعها. مارست سلوكا طبيعيا لمن هو في مثل سنها "٢٢ سنة" واوحت دون قصد ومن خلال مشاعرها التي عبرت عنها بشكل طبيعي متوافق مع عمرها وهيئتها، ببعض التصرفات التي لقيت قبول وارتياح لدى مديرها، وعندما وجدت ان ردة فعله كانت مغايرة لما يجده زملائها، اعتبرت ذلك لطف وعطف اب تجاه ابنته، وارتياح رئيس لموظفة تتميز بالدقة والانضباط في العمل، فزادت من وتيرة تلك المشاعر، زيادة افقدت عبدالجبار القدرة على التفاعل معها بالشكل الصحيح،  فتلقاها بشكل خاطيء، رغم انها مشاعر ضمن السياق الطبيعي، بعيدا عن مبالغات المخرج التلفزيوني الذي طلب من مؤدية الدور ان تؤديه بطريقة ممجوجة احيانا، لكن ذلك لم يكن كل الوقت. تلك الوتيرة المتزايدة من المشاعر الطبيعية التي فُهمت بشكل خاطيء من قبل عبدالجبار، افقدته اتزانه وهيبته،  شعر بذلك المحيطين به، فتلقى اللوم منهم تلميحا وتصريحا. وحتى يظهر لنا المؤلف هذا الشعور الذي شعر به الجميع تجاه المدير العام، جعله يتلقى باقة ورد من سكرتيرته اثناء احتفاله بخطوبة ابنته، ولم تكن اكثر من مجاملة موظفة لرئيسها وهذا هو الشكل الطبيعي الذي نقيس به فعل كهذا لكن ردة فعله كانت مختلفة بعض الشيء، وفهمه على انها رسالة عشق وغرام، انبنى على ما قد تصوره من قبل، خرج عن طوره وتصرف تصرف غير طبيعي، فمجرد انتهاء حفل الخطوبة، استدعى زوجته واخبرها برغبته في الانفصال. اختيار هذا التوقيت هو اشارة من المؤلف الى ان عبدالجبار، تعرض لضغط نفسي هائل، افقده القدرة على الادراك، فاخطأ كذلك في اختيار الوقت، فلم يكن مناسبا ابدا للتحدث مع زوجة وام انتهت للتو من حفلة عقد قران ابنتها. كانت ردة فعل الزوجة طبيعية، انفعال بسيط وتوصيف صحيح لحالته .. اتهمته فورا بانه فاقد الادراك. وامعانا في اظهار الضغط الغير عادي الذي تعرض له عبدالجبار، اخرجه المؤلف بعد جداله مع زوجته ليتجه به الى منزل مصطفى بثوب النوم وفي وقت متاخر من الليل، ليستشيره ويخفف عنه حمله، وايضا اسمعه نفس الكلمة التي سمعها من زوجته، قالها له مرشده وصديقه (انت فاقد الادراك، والدليل زيارتك لي في هذا الوقت المتاخر وخروجك بهذه الملابس الغير مناسبة) كل ذلك لم يكن له تاثير على تغيير قراره .. لكن الوهم انتهي بورقة  تطلب منه السكرتيرة ان يوقعها، ويفاجأ انها طلب توظيف لخطيبها. ورقة تعيده الى رشده، والى زوجته الطيبة، التي رمز لها المؤلف بكاس القرفة، وهو مشروب تقدمه له قبل النوم، و تكرر رفض عبدالجبار له في اشارة الى انه رافض لثقافتها ورتابتها ويرغب في التغيير، لكن وكما قال له صديقه مصطفى .. الوقت قد فات، والاسلوب الذي نشأ عليه وان كان سليما الا انه كالقطار الذي يسير على قضبان لا يمكن تعديل مسارها. واي خروج عنه، ستكون النتائج وخيمة. عبدالجبار لم يتمكن من فهم مشاعر الفتاة التي في عمر ابنته نتيجة اختلاف ثقافتين، وكان عليه ان يعلم ان اي مشاعر ستتولد من هكذا علاقة كما ظنها هو حب وغرام، ستكون خارج الاطار الطبيعي لها. وحتما ستولد احاسيس زائفة تجعل الانسان يتصور ما لا يُعقل. كان عليه ان يعلم ان البنت الشابة الجميلة لن تضحي بشبابها وجمالها، وان حدث وضحت كاحتمال، فلن يكون الا  لذو جاه كبير مستمر غير منقطع، او صاحب مال لا ينضب هذه القصة تحولت الى عمل تلفزيوني بعنوان (السكرتيرة الجديدة) اخرجها: سمير الصدفي، وعالج نصها: يسر السيوي، وادى شخصياتها كل من الممثلين: • حسن عابدين (عبدالجبار شديد، المدير العام) • كريمة مختار (الزوجة) • أبو بكر عزت (رجل الاعمال مصطفى والصديق الوفي)  • وفاء سالم (السكرتيرة الجميلة) • حمدي احمد (نائب المدير العام). عبدالله بن علي ابوحنش الدمام - شهر صفر ١٤٤٣هجري

    الكاتب: عبدالله المغرم

    0المفضلة

    217 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ

التعليقات (0)

المزيد من عبدالله المغرم

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • قراءة نص قصة (السكرتيرة الجديدة) للمؤلف: احمد شفي

    المزيد من عبدالله المغرم

    عرض جميع الأعمال

    مواضيع ذات صلة