• من كتاب تقبيح الحسن وتحسين القبيح

    تقبيح الشراب عاتب الضحاك بن مزاحم صديقاً له على شرب النبيذ، فقال: إنما أشربه لأنه يهضم الطعام. فقال: ما يهضم من دينك أكثر. وقيل لبعض الحكماء: اشرب معنا النبيذ، فقال: لا أشرب ما يشرب عقلي. وقال آخر لابنه: يا بني إياك والنبيذ، فإنه مفسدة للمال والدين. وقيل لبعضهم: النبيوذمه بعض الحكماء فقال: من مثالبه أن صاحبه ينكره قبل شربه، ويعبس عند شمه، ويستنقص الساقي من قدره ويمزجه بالماء الذي هو ضده، ليخرجه عن معناه وحده، ثم يكرع فيه على المبادرة، ويعبه ولا يمصه، ويجرعه ولا يكاد يسيغه، ليقلّ مكثه في فمه، ويسرع في اللهوات اجتيازه، تقبيح الغناء والسماع قال الحطيئة لقوم نزلوا به: جنبوني يا بني فلان الغناء، فإنه رقية الزنا. وسمع سليمان بن عبد الملك ذات ليلة في معسكره غناءً، فأمر بصاحبه أن يخصى، ثم قال: إن الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة، وإن الجمل ليرغو فتستبضع له الناقة، وإن الرجل ليغني، فتغتلم له المرأة. تقبيح الهدية أهدي إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هدية، فردها، فقيل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقبل الهدية. فقال: قد كانت الهدية له هدية، وهي لنا رشوة، وقد لعن الله الراشي والمرتشي. وقال بعض السلف: الهدية في عمل السلطان رشوة. وأهدي إلى دهقان هدية، فكرهها، وأظهر الجزع عليها، فعاتبه أصحابه، فقال: لئن كان ابتدأني بها، إنه ليدعوني إلى أن أتقلد له منة، ولئن كان كافأني على معروف لي عنده، إنه ليسألني أن آخذ ثمن ذلك. فمن أي هذين لا أجزع. تقبيح الشكر إلا لله عز وجل قرأت في كتاب الأجلة والرؤساء للقاضي أبي الحسين ابن عبد العزيز الجرجاني عن ابن التوأم: إنما يجب أن تشكر الله من أنه جاد عليك، فلك جاد، وإن نصحك فنفعك أراد، من غير أن يرجع إليه جوده بشيء من المنافع بجهة من الجهات، وهو الله سبحانه وتعالى. ألا ترى أن عطية الرليس يعطيك للرجاء وللخو ف، ولكن يلذ طعم العطاء فأي معنى لشكر من يعطيك لاجتلال لذته، واجتذاب راحته ومسرته.

    الكاتب: أبو منصور الثعالبي

    0المفضلة

    47 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ
التعليقات معطلة من قبل المؤلف أو الإدارة

التعليقات (0)

المزيد من أبو منصور الثعالبي

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • من كتاب تقبيح الحسن وتحسين القبيح