• أَغاني شَهيد كفرقاسم

    كُنْتُ أَقْتُلُهُم بِعُيُوني: _______________ (1) لَمْ أَمُتْ .. زَرَعُوا نَجْمَتي في التُّرابِ وَهذِي يَدي في جُذُوعِ الشَّجَرْ وَعُيُوني عَلَيْهَا ثَمَرْ وَدِمائي مَطَرْ (2) قاتِلي مَاتَ .. هَلْ ماتَ أَمْ لَمْ يَمُتْ عِنْدَما سالَ مِنْ جَسَدي دَمُهُ طَعْنَةً طَعْنَةً؟ .. ماتَ أَمْ لَمْ يَمُتْ عِنْدَما ذَرَفَتْ زَوْجَتِي قَلْبَهُ كُلَّهُ دَمْعَةً دَمْعَةً؟ .. ماتَ أَمْ لَمْ يَمُتْ عِنْدَما زُرْتُ أَحْلامَهُ لَيْلَةً لَيْلَةً؟ .. قاتِلي ماتَ لكِنَّني لَمْ أَمُتْ أَبَدًا لَمْ أَمُتْ (3) عِنْدَما عُدْتُ مِنْ غَيْبَتي لَمْ أَجِدْ ها هُنا جَسَدي .. عِنْدَما عُدْتُ مِنْ غَيْبَتي وَرَأَيْتُ هُنا وَلَدِي واقِفًا فَوْقَ ظِلِّي القَتِيلِ وَفِي كَفِّهِ قَبْضَتِي وَعَلى ظَهْرِهِ لَمْ تَزَلْ صَخْرَتِي قالَ لي: يا أَبي جَنَّةُ الخُلْدِ في بَلَدِي! (4) كُنْتُ في ذلِكَ الْيَوْمِ يَقْتُلُني الشَّوْقُ يا وَرْدَتي كَيْ أَعُودَ إِلى حضْنِ لَيْلِكِ لكِنَّهُمْ قَتَلُوني .. عِنْدَ مَدْخَلِ قَرْيَتِنا انْتَظَرُوني لَمْ أَكُنْ حَجَلًا كَيْ أَخافَ الرَّصاصَ وَلا ظبْيَةً في الفَلاةِ .. لِماذا إِذًا قَتَلُوني؟ لَمْ أَكُنْ داخِلًا غَيْر بَيْتي الحَزِينِ كَما يَدْخُلُونَ مَنازِلَهُم عائِدِينَ مِنَ الشُّغْلِ.. هَلْ شُغْلُهُمْ كانَ أَنْ يَقْتُلُوني؟ .. كُنتُ في ذلِكَ اليَوْمِ أَقْتُلُهُمْ بِعُيُونِي! **************** كانَ يُمكِنُني أَنْ أَعِيشَ مَزيدًا مِنَ المَوْت: ____________________ (1) عُدْتُ يا مَنْزِلي لَمْ أَجِدْ في الطَّرِيقِ طَريقي إِلَيْكَ مَضى زَمَني وَمَكانِي مَضى لَمْ أَجِدْكَ بِجانِبِ زَيْتُونَتي لَمْ أَجِدْها بَحَثْتُ عَنِ الظِّلِّ لا ظِلَّ لي تَحْتَ شَمْسِ الدُّخانِ وَلا بَيْتَ لِي حَيْثُ كُنْتُ أَعُودُ مَكانِي انْقَضَى مَكانِي انْقَضَى وَمَضَى (2) لا أَعْرِفُكُمْ .. لا أَعْرِفُ كَيْفَ تُضِيئونَ اللَّيْلَ، وَتَرْنُونَ إِلى نافِذَةٍ لا أَعْرِفُ كَيْفَ تُطِلُّ عَلى كُلِّ مَكانٍ حَتّى قاعِ البَحْرِ وَلَيْسَ تُطِلُّ عَلى شَجَرٍ يَحْرُسُ بابَ البَيْتِ المُغْمَضَ، أَعْرِفُ صَنْدوقَ العَجَبِ وَأَعْرِفُ ضوءَ القَمَرِ لَكَأَنِّي مِنْ أَهْلِ الكَهْفِ كَأَنِّي غِبْتُ بِلا سَفَرِ وَكَأَنِّي عُدْتُ وَما زِلْتُ بُخارًا في المَطَرِ .. لَمْ تُورِقْ أَغْصانِي هذي الأَزْياءَ. وَلَمْ يَنْبُعْ مِنْ حائِطِ مَنْزِلِنا غَيْمٌ. كُنَّا نَمْشِي صَوْبَ العَيْنِ عَطاشَى كَالْأَشْجارِ لِنَقْطفَ بَعْضَ الماءِ مِنَ الصُّوَّانِ، وَكُنَّا نَمْلَأُ قِرْبَتَنا عَطَشًا. .. أَعْرِفُ دَرْبَ الْعَيْنِ وَأَعْرِفُ أَسْماءَ الشَّجَرِ لَكَأَنِّي لا أَعْرِفُ هذي الأَرْضَ وَلا أَعْرِفُ فيها ثَمَرِي لَكَأَنِّي لا أَعْرِفُكُمْ لا أَعْرِفُكُم (3) كانَ يُمْكِنُنِي أَن أَعِيشَ مَزِيدًا مِنَ المَوْتِ يا أَيُّها المَوْجُ يَهْطُلُ فَوْقَ رِمالِ بِلادي مَساحِيقَ تَمْحُو تَجاعِيدَنا كانَ يُمْكِنُني أَنْ أُشاهِدَ كُلَّ نُجُومِ الجَنازَةِ: مِنْ شَجَرٍ ظَلَّ يَنْزِفُ فَوْقَ الدِّماءِ نُشارَتَهُ وَتُرابِ الشَّوارِعِ يُدْفَنُ حَيًّا إِلى الرِّيحِ تَخْنُقُها النَّارُ.. كانَ يُمْكِنُني أَنْ أُراقِبَ مَوْتِي رُوَيْدًا رُوَيْدًا: هُنا فَقَأُوا عَيْنَ قَرْيَتِنا وَهُنا أَطْفَأُوا لَيْلَنا فَحَصَدْنا مِنَ الأَرْضِ جُوعًا لَهُ طَعْمُ هذا الدُّخَانْ وَقَصَدْنا المُدُنْ دُونَنا وَأَضَعْنا المَكانْ كانَ يُمكِنُني أَنْ أَعِيشَ مَزِيدًا مِنَ المَوْتِ لَوْ أَنَّني لَمْ أَمُتْ فِي مَسَاءٍ حَزِين.. **************** كَمْ غَدٍ سَرَقُوا مِنْ يَدِي!: _______________ كَمْ غَدٍ سَرَقُوا مِنْ زَمانِي عَلى الْأَرْضِ! كَمْ عَوْدَةٍ في المساءِ إِلى مَنْزِلي! كَمْ غُدُوٍّ إِلى الخُبْزِ وَالطَّيْرُ في وُكْرِها كَعِيالِي الصِّغار؟ كَمْ غَدٍ سَرَقُوا مِنْ يَدِي فِي الطَّرِيقِ القَلِيلِ إِلى المَوْتِ! .. كُنْتُ أَمُدُّ يَدي في النَّهارْ لِإِلهِي فَيَرْزِقني نِعْمَةَ النَّوْمِ فِي جَنَّةٍ كَالْعَجائِبِ مِنْ أَلْفِ لَيْلَه .. قَتَلُونِي وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَعُودَ مِنَ البَحْرِ في نَبْضَةٍ مِنْ بَقايا السَّفِينَةِ .. لَمْ أَنْجُ يا وَلَدِي فَانْجُ أَنْتَ وَخُذْ بِيَدِي وَغَدِي وَامْضِ فِي جَسَدِي نَبْضَةً نَبْضَةً إِمْضِ يا وَلَدِي ____________________________________________________ * قصيدة "أغاني شهيد كفرقاسم" فازت بجائزة "الشهيد" الشعرية عن مجلس كفرقاسم المحلي عام 1999

    الكاتب: سامر خير

    0المفضلة

    13 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ

    #شعر_عربي سامر_خير samer_khair poetry كفرقاسم 

التعليقات معطلة من قبل المؤلف أو الإدارة

التعليقات (0)

المزيد من سامر خير

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • أَغاني شَهيد كفرقاسم