نفيتُ وأستوطنَ الأغرابُ في بلديْ ..
Mar 3, 2024 02:01 PM Mar 3, 2024 02:01 PM
قلبُ منْ حديدِ تجرعِ المأساةِ كـ تجرعهُ للسمِ بقلبٍ باردٍ . . منذُ خروجي منْ رحمٍ أميٍ آتيتَ مسرعةٌ لمْ يسعفها الوقتُ وأنجبتني أمامِ بوابةِ المشفى ، وكأنني هنا أخاطبُ الوقتُ أنني أسرعُ منهُ ، لكنَ اتضحَ لي أنني مهرولةٌ لحياةِ الظلمِ بـ قدمايَ الصغيرتانِ وروحي الملائكيةِ وقلبي الذي لمْ يمسهُ سوءُ البشرِ ، أنا اليومَ أبلغَ العشرينَ عاما منْ عمرِ الزهورِ الذي حدثوني عنهُ مرُ مائةِ فصلٍ على هذا القلبِ لكنهُ ما زالَ ربيعا تتساقطُ فيهِ كلُ أزهاري ، واجهتْ موتا محتوم ظلمِ وجشعِ الحكامِ ، ماضٍ موجعٍ . . حاضرُ مغتربٍ . . مستقبلٌ هاربٌ ولا يوجدُ لي مرسى أرسوَ على أطرافها وددتُ أنْ ترتاحَ روحي فـ أنا منذُ حطتْ أقدامي على هذهِ الأرضِ لمْ ترتحْ قدمايَ عنْ الركضِ كانَ يتحتمُ على الركضِ في كلِ الأحولِ ، أركضُ منْ رصاصةِ عدوٍ كادتْ تخترقُ جسدي ومنْ طغيانِ حاكمٍ ، تعلو شهقاتِ أنفاسي دونَ أنْ التقطها خوفُ منْ قذيفةٍ كادتْ تحولني إلى أشلاءٍ ، أركضُ منْ ظلمِ العداءِ ومنْ جورْ البلادِ اركضْ إلى مستقبلٍ مجهولٍ لا أعرفُ بهِ أحدا سوى اسمي عمري وولادتيْ وقدْ كتبَ علينا الركضُ ووجبَ علينا الهروبُ لأنَ الروحَ غاليةٌ ولكنَ مقابلها زهقتْ الآلافَ منْ الأرواحِ الغاليةِ وما زالَ . . ومنْ نجا لمْ يعشْ سعيدْ إلى الآنَ تطاردني ذكرى الحروبِ كـ خياليٌ فكرةً لمْ تمتْ ، أشلاءٌ تساقطتْ فوقَ رؤوسنا بمنظرٍ دمويٍ وأنا طفلةٌ مفجوعةٌ بينَ أحضانِ والدتي ، وبينَ الثانيةِ والأخرى يأتي خبرَ استشهادِ منْ يعزُ علينا فراقهمْ ومنْ هولِ ما رأينا كدنا نفقدُ البصرُ منْ شدةِ ما أسيناهْ وإلى الآنِ لمْ تنتهِ مأساةُ شعبٍ عاشَ جريحُ طوالِ عمرهِ .
الكاتب: صــفا
0المفضلة
65 المشاهدات
0 تعليقات