• {إذا كان الطباعُ طباعَ سوء ... فلا أدب يفيد ولا ا

    {إذا كان الطباعُ طباعَ سوء ... فلا أدب يفيد ولا اديب} هذا البيت ضمن قصيدة نقلها الشاعر الأصمعي، عن امرأة التقطت ذئبا صغير وجعلت شاة لها ترضعه. كَبُر الذئب، وافترس مرضعته، فأنشدت: بَقرتَ شُويْهَتي وفَجعتَ قلبي ... وأنتَ لِشاتِنا ولدٌ رَبيبُ غُذيت بدُرها وربيت فينا ... فَمنْ أنباكَ أنّ أباكَ ذيبُ إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ ... فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ بعض الابيات، تذهب مثلا، رغم عدم صحتها، لانها قيلت ضمن سياق قصة [ذئب ظالم وشاة مظلومة] فيتفاعل معها الناس تعاطفا وتستقر في نفوسهم، وتلقى القبول المجتمعي وتتوارث كحقيقية مسلمة. فهل نصدق هذه الاعرابية ام نصدق ما جاء في الكتاب المبين «إنّ اللهَ لا يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيّروا مَا بِأنْفُسِهِمْ» (الرعد 11). سيء الطباع الاصيلة ممكن ان يولد لابوين جيدين صالحين، لكن لسوء حظه وابويه، فان احد جيناته السيئة النازلة من اجداده البعيدين من احدى الجهتين، يسود ويطبعه بطابع غريب عن اهله [يخلق من ظهر الصالح، طالح، والعكس صحيح] وخير مثال ابن نوح عليه السلام، {وَنَادَىٰ نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ* قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} سورة هود ٤٥ / ٤٦ وبما ان الطبع الموروث غلاب وهذه حقيقة اذا لم تكن هناك محاولات لتغييره، لكن ايضا الطبع المكتسب يغلب، اذا تكرر وتكرس واتخذه الراغب في التغيير منهجا، ومارسه بعقيدة ويقين، لان قراءة العقل للاحداث، تؤثر على صناعة البروتينات، والجينات يمكنها ان تتأثر بمعتقداتنا حسب رأي د. بروس ليبتون من جامعة ستانفورد. مؤلف كتاب [بيولوجيا الايمان] ومؤسس علم البيولوجيا الحديث. المصدر:(قبس من العلوم ص ٨٩) وبما ان الجينات تستشعر التغيرات وتتوافق معها اذا قبلها العقل، لذا فان الفكر اولا ثم تغيير السلوك او الطبع ثانيا. ومسألة التأثير، تمتد الى شكل الوجه ايضا، فهو يتغير مع الوقت حسب ما تكون عليه طبيعة النفس وما تعلمته واكتسبته، والبعض ممن اتاهم الله علم الفراسة او تعلموه يمكنهم معرفة الحازم القوي من المهمل الضعيف، من خلال تقاسيم الوجه. ومعلوم ان الحزم والاهمال ما هما إلا سلوك يتبعه الانسان لوقت طويل، فيظهر اثره  [قد يكون سببه الوظيفة مثلا ..  موظف يتطلب عمله الحزم والحرص والشك، مؤكد ان هذا الطبع المكتسب سيظهر على وجهه بشكل معين، خاصة اذا تجاوز عمره الاربعين]. نعود للطفل المولود بجينات لا تتوافق مع محيطه [الذئب، الذي كان مطلوبا منه ان يبر بالشاة، لكن التعليمات التي في الجينات لا تنص على ذلك، بل المسجل ان الشاة ضمن السلسلة الغذائية، ويعرفها من خلال الرائحة والشكل، لكن وبخلاف ذلك سيبر ويطيع اذا كانت الرائحة رائحة ذئبة حتى لو كان اعمى] هنا تظهر اهمية دور الابوين والاقارب والمحيط [المدرسة والحي]. فقط عليهم ان يعلموا ان الجينات يمكنها ايضا ان تنبذ طباع السوء، فاذا اقتنعوا، استطاعوا تغيير فكر صاحبها، واخبروه ان طباعه غير حميدة ولا تتوافق وقيم المجتمع. سيجدون مقاومة اول الامر، لكن مع تكرار التدريب والتلقين وتغيير الفكر، ولو باستخدام القوة احيانا، ستتلقى جيناته التعليمات الجديدة باقتناع. استنادا الى الاثر [إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن] الاثر مسند الى عثمان بن عفان رضيالله عنه. مقالي مثلما يعارض المثل اعلاه [ إذا كان الطباعُ طباعَ سوء... فلا أدب يفيد ولا اديب] ايضا يعارض ما جاء في موقع قناة العربية، صفحة القافلة - للكاتبة ندى الأحمدي - نشر في: 21 مايو ,2021: 11:37 ونصه: [بعد انتهاء "مشروع الجينوم البشري" العالمي عام 2003م، الذي بدأ في جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، في الولايات المتحدة، واستحداث التقنيات الجزيئية التي تساعد في قراءة وتتبع الطفرات الجينية وتحديد الجينات المسؤولة عن الصفات والسمات الإنسانية، وما هي النِسب والاحتمالات الممكنة لتوريث أو اكتساب صفة أو مرض معيَّن على مستوى الفرد الواحد، أثبتت الأبحاث أن كثيراً من الصفات والسمات والسلوكيات البشرية بما فيها الحياة الاجتماعية يتأثران وراثياً، ولا يمكن توجيهها بشكل كامل لأسباب بيئية من خلال اكتساب عادات من التنشئة] والله الموفق عبدالله بن علي ابوحنش الدمام ٩ ذي الحجة ١٤٤٥هجري

    الكاتب: عبدالله المغرم

    0المفضلة

    152 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ

    الصحبة الطبائع الاخلاق اللؤم الجينات 

التعليقات (0)

المزيد من عبدالله المغرم

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • {إذا كان الطباعُ طباعَ سوء ... فلا أدب يفيد ولا ا

    المزيد من عبدالله المغرم

    عرض جميع الأعمال

    مواضيع ذات صلة