• رحلة الي الماضي

    في الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل، أنظر من شرفة غرفتي بعينين ملأتهما الدموع، أنظر إلى الحديقة وأتأمل فيها. نظراتي تسترجع مشاهد الماضي، أرى فتاة صغيرة تجري بحرية فيها، تلعب وتلهو وتمرح. كانت غارقة في أحلامها، تخترع مشاهد، كانت تعيش في الخيال. كانت تتحدث مع الورود، والقطط تتجول حولها، والعصافير تزقزق بجوارها. كانت مسالمة، لا تؤذي أحدًا، بريئة وكأنها ملاك أبيض على الأرض. الكل كان يظنها مجرد طفلة، لكن لم يدرك أحد أنها كانت تفسر نظريات، كانت واقعة في غرام الروايات والقصص، وكانت متفوقة. تكون الصداقات من أول لحظة، وكانت تستطيع أن تفعل أشياء لا يقدر الشخص البالغ على فعلها. كانت تنظر إلى كل شيء بنظرة البراءة، لا تسيء الظن بأحد. كبرت تلك الفتاة، وأصبحت في سن المراهقة. كانت تجلس في تلك الحديقة تتحدث مع صديقاتها، ويرسمون معًا حلمهم بعد الإعدادية. كل واحدة منهم كانت تريد تحقيق حلم مختلف. كانوا يستمتعون مع بعضهم، وكانت الفتاة كما هي، بريئة وذكية، والجميع يحبها. لكنها لم تفهم بعد قسوة العالم، ولم تدرك أن هناك من في قلبه الكره والحقد. ثم بدأوا ينشرون إشاعات كاذبة عنها، جعلت حياتها تتعقد. كانت الأكاذيب تلتف حولها كما لو كانت أفعى تحاول خنقها. اتجهت الفتاة مكسورة الخاطر، فقد خاب أملها في الحياة. تحولّت من فتاة تحب الحياة، نشيطة، ذكية، بريئة، يملؤها الأمل، إلى فتاة منهكة من البكاء، عيونها الجميلة قد أرهقها الحزن. أصبحت تحب العزلة، وتفضل أن تقضي يومها في النوم لكي تنسى همومها. وفي يوم، وجدت الفتاة مقولة "ابتسم للحياة تبتسم لك"، وجعلت تلك العبارة شعارًا لها في الحياة. تحسنت أحوالها، وطورت علاقاتها، وعادت لصفاتها القديمة الجميلة مرة أخرى. ولكن هناك شيء صغير قد تغير، وهو أنها أصبحت فتاة واقعية. كانت نشيطة، ذكية، بريئة، يملؤها الأمل، ولكن كان عقلها ناضجًا. أدركت كيف تتعامل مع الحياة البائسة التي تواجهها. نرجع للحاضر، ترقرقت دمعة من عيني وأنا أتذكر تلك المشاهد. أغلقت شرفتي، نظرت إلى المرآة وقلت بصوت خافت: "أحسنتِ أيتها الفتاة، لقد فعلناها."

    الكاتب: حبيبة

    0المفضلة

    29 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ

التعليقات (0)

المزيد من حبيبة

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • رحلة الي الماضي