• المقاطع العروضية

    المقاطع العروضية _اليوم_ تنقسم على قسمين، هما: مقطع الخليل، ومقطع فايز، وإليك تفصيل الكلام عنهما، كما يلي: (أ). المقطع الخليلي: المقاطع الخليلية هي التي تؤلف الوحدات الإيقاعية، ويقال للأجزاء: تفاعيل، وتفعيلات، وأجزاء، ومفاعيل، وأفاعيل. وتتألف التفعيلة _أوالجزء_ من مقاطع مشهورة، هي: السبب، والوتد، والفاصلة. ويقال لها وحدات صوتيَّة. وهذه المقاطع الصوتية _أو الوحدات الصوتية_ تتولد عن توالي الحروف المتحركة والساكنة، في النص الشعري، وتبدأ هذه المقاطع بمتحرك وتنتهي بساكن؛ لأنَّ العرب لا تبدأ بساكن، ولا تقف على متحرك، فالعربي لا يبدأ بحرف مًشَدَّد مثلا أبداً. ويقال قديما للحرف المتحرك: حرف ثقيل، وللحرف الساكن: حرف خفيف. أنواع المقاطع العروضية الخليلية: (1). السبب: يتكون السبب من حرفين اثنين، وهو على نوعين: خفيف، وثقيل. فالسبب الخفيف: يتكون من متحرك وساكن، (/ه)، سُمِّيَ بهذا؛ لخفّته بسكون ثانيه. والسبب الثقيل: يتألف من حرفين متحركين. (//)، سُمِّيَ بهذا؛ لثقله بتحرك حرفيه. والسبب يأتي في أول التفعيلة مثل: (فاعِلُنْ)، و(مُسْتَفْعِلُنْ)، كما يأتي في وسطها مثل: (مُسْتَفْعِلُنْ)و(مَفْعُوْلَاتُ)، ويأتي في آخرها مثل: (فَعُوْلُنْ)، و(مَفَاعَلَتَنْ) و (مَفَاعِيْلنْ)، ويأتي سببانِ في أول وآخر التفعيلة، وبينهما وَتِدٌ، مثل: (فَاعِلاتُنْ) و(مسْتفعِ لنْ). ويسمي المعري السبب الخفيف: سبب مضطرب. (2) الوتِد: بكسر التاء وبفتحها، لغتانِ فيه، ويتألفُ الوتِدُ من ثلاثة حروف، وهو على ثلاثة أنواع: (أ). وَتِدٌ مَجْمُوْعٌ: وهو متحركان بعدهما ساكن، (//ه). وسمِّى بهذا لاجتماعِ المتحركينِ بعدهما ساكن. (ب). وَتِدٌ مَفْرُوْقٌ: وهو حرفٌ ساكن بين متحركين، (/ه/). وسمِّى بهذا لافتراق المتحركين، ودخول الساكن بينهما. والوتد يأتي في أول التفعيلة، كما في: (فعولن)، و(مَفَاعِيْلنْ)، و(مَفَاعَلَتَنْ)، و(فاعِ لاتن)، كما يأتي في وسطها، مثل: (فَاعِلاتُنْ)، و(مستفعِ لن)، ويأتي في آخرها، كما في: (مُسْتَفْعِلُنْ)، و(فَاعِلُنْ)، و(مفعولاتُ). وقيل سُمِّي الوتد بهذا؛ لثباته ولطول مكوثه وندرة مزاحفته، ومن هذا قيل للإمامِ أبي حنيفة الوتد، لطولِ وقوفه في صلاته رحمه الله. والوتد الأصيل(الثابت) عند اصطلاح أهل العروض الرقمي، هو الذي لا يطاله تغييرٌ أبدا، لا بزحاف ولا بعلة. تنويه: والوَتِدُ المَبْسُوطَ: وهو ما يسكن من الوتد المفروق، وبه تصبح (مفعولاتُ): مفعولاتْ. وهذه تسمية قال بها ميخائيل ويردي في (بدائع العروض)، ولا يصحُّ اعتبارها من الأوتاد، إلا من باب تكثير التسمية، وذكر هذا ليس بذي فائدة، ولكن من باب المعرفة، ومثله عندي كقولك: الوتد المشعَّث، وهو ما ذهب بعضه من منتصف الجزء كما في الخفيف، والوتد المقطوع وهو ما ذهب آخره السَّاكن وسكُّن المتحرك قبله، والوتد المصلوم وهو الوتد المفروق عند حذفه، والوتد الأحذّ وهو الوتد المجموع حال سقوطه. (3) الفاصلة: وهي فاصلتان: فاصلة صغرى وفاصلة كبرى. وسَمَّى الخليل الفاصلة الصغرى بالفاصِلَة، بالصَّاد، وسَمَّى الكبرى بالفاضِلَة، بالضاد، وقيل في سبب التسمية بالفاصلة الكبرى بهذا؛ لأن فيها زيادةَ حرفٍ مع حركتِهِ، فَضُلت بهما على الصغرى. فالفاصلة الصغرى: تتألف من ثلاث متحركات بعدها ساكن، أي من سبب ثقيل وسبب خفيف، (///ه)، وسُمِّيتْ بالصغرى؛ لأن عدد حروفها أقل من عدد حروف الكبرى. وعرفها ابن منظور في لسان العرب: (والفاصلة الصغرى من أجزاء البيت: وهي السببان المقرونان، وهو ثلاث متحركات بعدها ساكن، مثل " مُتَفَا " من مُتَفَاعلن، و" علتُنْ " من مفاعلتُن). والفاصلة الكبرى: تتألف من أربع متحركاتٍ، وبعدها ساكن، أي من سبب ثقيل ووتد مجموع، (////ه). وقد مثَّل أهل العروض لتلك المقاطع، بقولهم: [ لَمْ أَرَ عَلَى ظَهْرِ جَبَلٍ سَمَكَةً] لَمْ: سبب خفيف، متحرك ثم ساكن، (/ه). أَرَ: سبب ثقيل، متحركان، (//). عَلَى: وِتد مجموع، متحركان فساكن، (//ه). ظَهْرِ: وِتدٌ مفروق، متحركان بينهما ساكن، (/ه/). جَبَلٍ: فاصلة صغرى، ثلاث متحركات فساكن، (///ه). سَمَكَةً: فاصلة كبرى، أربع متحركات فساكن، (////ه). ولا يتوالى في كلام العرب أكثر من أربعة أحرف متحركاتٍ، وقد يجتمع في الشعر حرفان ساكنانِ، مثل: حاجٌّ، وطامَّة، وصاخَّة. وقد وردت في القرآن ولكن تأتي القراءة بالمدِّ لتلافي التقاء الساكنين. وهو جائزٌ عندي لورود عليه شواهد من شعر الأولين والآخرين، وقد سبق الكلام عليه في الأحرف التي تحذف عروضيَّاً. • مبحث حول المقاطع العروضية: (1). أورد الدمنهوري في حاشيته (الإرشاد والشفاء) إنكار بعض أهل العروض للسبب الثقيل؛ لأنه لا يوجد إلا مسبوقاً بسبب خفيف، ويرون أن الأَوْلَى تسمية السبب الثقيل وبعده السبب الخفيف بالفاصلة الصغرى فحسب. (2) يرى ابن عبدربه في العقد الفريد أن المفاعيل أربعة فقط، هي: السبب الثقيل، والسبب الخفيف، والوتد المجموع، والوتد المفروق. ويهمل ابن عبدربه الفاصلة الصغرى والفاصلة الكبرى؛ لأنه يرى أن الفاصلة الصغرى (الفاصلة) هي سبب ثقيل بعده سبب خفيف، وأنَّ الفاصلة الكبرى (الفاضلة) هي سبب ثقيل بعدها وتد مجموع. وعلى رأيه الدماميني، وصاحب الخزرجية. وعلى النقيض يرى الخليل صاحب العروض ومن تبعه إثبات الفاصلة بنوعيها الصغرى والكبرى، وقالوا: الفاصلة الكبرى لا تأتي إلا من جزء_تفعيلة_ مزاحف، وهو "مستفعلن" بعد خَبْلهِ، فيصبح (مُتَعِلُنْ) بعد سقوط سينه بالخبن وفائه بالطي، فالخبل هو اجتماع الخبن والطي في الجزء. وكلام الرافضين لمصطلح الفاصلة، إنما يجري على الأجزاء الصحيحة. وكلام الخليل مقدّم، وهو ثقة هذا الباب دون منازع. قال الأزهري في تهذيب اللغة: (وَقَالَ الْخَلِيل: الفاصلة فِي العَرُوض: أَن يَجمع ثَلَاثَة أحرف متحرّكة وَالرَّابِع سَاكن مثل فَعِلَنْ. قَالَ: فَإِذا اجْتمعت أربَعةُ أحرف متحرّكة فَهِيَ الفاضلة بالضاد مُعْجمَة مثل: فعُلَتُنْ). [مج 12 / ١٣٦]. (ب). مقطع فايز: مقطع فايز: أو قانون فايز، هو الميزان الذي تقاس به عدد المقاطع على السطر في الأدب المقطعي، والمقطع في هذا القانون من أول متحرك لأَوّل ساكن في التفعيلات، دون النظر للزحافات والعلل التي تدخل على أجزاء السطر الشعري. و(فايز) إشارة لاسم الشاعر عبده فايز الزُّبيدي، واضع الأدب المقطعي شعراً ونثرا في اللغة العربية، فوالدي اسمه (فايز)، فمن باب التيامن بجمال الاسم لأنه من الفوز، جعلني الله وإياكم من الفايزين _الفائزين_ برضوان الله في الدنيا والآخرة، وكذلك من باب العرفان بفضل والديَّ عليَّ، فالوالد يطلقُ ويغلَّب على الأبِ والأمِ. وهو يتفق مع المقطع الخليلي إذا جاء مقطع الخليل سالماً من الزحافات والعلل. فمثلا: التفعيلة (فاعِلن)، عند الخليلِ، تتكون من مقطعين، هما: سبب خفيف (فا) ووتد مجموع (علن)، وكذلك الحال في قانون مقطع فايز، فـ(فاعِلن) تتكون من مقطعين. لكن إذا خُبِنَتْ (فاعِلن) فتحولت إلى (فَعَلُنْ) فهي عند الخليل من مقطعين، وعند فايز مقطع واحد فقط. ومثال آخر: التفعيلة (مستفعلن) تتكون من ثلاثة مقاطع، هي: سببان خفيفان، ووتد مجموع، فهي عند الخليل وعند فايز ثلاثية المقاطع، ولكن إنْ: خُبِنت صارة (متَفْعلنْ) فهي عند الخليل ثلاثة مقاطع، وعند فايز من مقطعين. وإنْ قطعتْ (مستفعلْ = مفْعوْلن) فهي عند الخليل وعند فايز من ثلاثة مقاطع. وإن خُبِلتْ: (فَعَلَتُنْ) فهي عند فايز مقطع واحد، وعندي الخليل كما هي ثلاثة مقاطع. وستجد أهمية هذا عند كلامي عن الأدب المقطعي السِّلابي في باب التجديد في الشعر المعاصر. ) (1). ......................... (1). كتاب (التجديد في العروض والقافية)، عبده فايز الزبيدي

    الكاتب: عبده فايز الزبيدي

    0المفضلة

    50 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ

التعليقات (0)

المزيد من عبده فايز الزبيدي

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • المقاطع العروضية

    المزيد من عبده فايز الزبيدي

    عرض جميع الأعمال

    مواضيع ذات صلة