ليست كل عزلة سببا لكره الحياة والناس عزلتي لا تعني انني لا ارغب بان ابقى مع أحبابي وناسي.. او انني كارهة لهم.. عزلتي لا تعني انني استغني عنهم ولا تعني انني ارفض واقعي ..!? هي ليست قطيعة مع العالم، بل استراحة منه.... أبحث فيها عن نفسي بين أصوات الحياة المتداخلة. أتحدث مع قلبي بصوت مسموع.... وأسمح لعقلي أن ينسج أفكارًا جديدة دون قيود. عزلتي ليست سجنًا كما يظن البعض، بل هي وطنٌ صغير أختبئ فيه لأحمي روحي من صخب العالم. فيها أتحدث مع ذاتي بلا حواجز، وأغوص في أعماقي لأكتشف جوانب لم أكن أعرفها عن نفسي. هي الوقت الذي أخلع فيه الأقنعة التي أرتديها أمام الآخرين، وأعيش حقيقتي بكل تفاصيلها. عزلتي ليست هروبًا ولا ضعفًا عزلتي ملاذي حين تعب مأمني حين خذلان سلوتي حين حرمان الملم فيها شتاتي واجمع اخطائي التي طالما أخذتني لطريق تحاصرني فيه الزلات والخيبات في عزلتي.. استعيد ذاتي المبعثرة ادعمها و اقويها بغربلة كل ما يؤذيها من اشخاص واشياء وطباع وامور سببت لي هذا الشتات. أمضي هناك في زوايا غرفتي، حيث تتراقص أشعة الشمس على حواف النوافذ، أجد نفسي غارقة في بحر من الأفكار. هنا، أستطيع أن أسمع همسات قلبي، وأرى ظلال أحلامي تتراقص أمامي. عزلتي ليست ندمًا على ما فات... بل هي خطوة للخلف لأرى الصورة كاملة، لأتأمل الطريق الذي مشيت فيه... وأقرر الوجهة القادمة...!؟ هي احتضانٌ لنفسي في عالم يرهقنا بالسعي لإرضاء الجميع.. حينها ادرك عثراتي ونقاط قوتي .. وابدأ في تعديل ما اقوى تعديله .. وترتيب افكاري .. ورسم مساري .. و لأتنفس ..! في صمت العزلة... تتكشف لي أسرار لم أكن لأكتشفها وسط ضجيج العالم. أتعلم كيف أكون صديقي الأول، وكيف أحتضن وحدتي بدفء. أستمع إلى الموسيقى التي تعزفها روحي.. وأرسم على صفحات الحياة بألوان الخيال. هي وقتٌ أسمح فيه للذاكرة أن تستعرض قصصها دون حكم، وللأحلام أن تتسع دون قيد. أستشعر جمال التفاصيل الصغيرة التي غالبًا ما أغفلها في زحمة الأيام ... نغمة رياح، ضوء شمسٍ خافت، أو هدوء المساء. في العزلة، أتعلم أن القوة ليست دائمًا في المواجهة، بل أحيانًا في الانسحاب لترتيب النفس. هي ملاذٌ أجد فيه نفسي، وأصنع فيه سلامي، وأستقبل العالم من جديد بقلبٍ مطمئن، لا يتوه بين الحشود. عزلتي هي مساحة مقدسة أخلقها بيدي ... هي حديقة أزرع فيها أفكاري بلا استعجال، وأتركها تنمو على مهلٍ، بلا ضغط ولا ضجيج. حيث أزرع الهدوء وأحصد الطمأنينة. فيها يصبح الزمن مجرد فكرة، لا ألاحقه ولا يلاحقني، فقط أعيش اللحظة بكل عمقها... فيها أواجه ضعفي بشجاعة، وأحتفي بقوتي بصمت.. أتعلم أن العالم لا يتوقف إذا توقفت للحظة، وأن الحياة أحيانًا تُدرك أكثر حين تُبطئ خطواتك. أُعيد ترتيب فوضى أحلامي، وأداوي ندوب أيامي. في تلك اللحظات الهادئة، أكتب رسائل لنفسي، أُخبرها فيها أن لا بأس من التوقف، أن الحياة ليست سباقًا دائمًا، وأن الراحة حقٌ، وليست رفاهية. وفي العزلة، أدرك أنني لا أحتاج إلى الآخرين لأكون مكتملة، بل أحتاج إلى أن أكون متصالحة مع نفسي. هي لقاء أعمق مع الحياة، حيث أكتشف أن كل ما أبحث عنه موجود بداخلي، ينتظر فقط أن أصمت لأسمعه. في عزلتي، أجد قلبي يتحدث بلغةٍ لا يسمعها أحد سواي ... مشاعري تتنفس بحرية، بعيدة عن أحكام الآخرين وأسئلتهم المرهقة .. أحيانًا أشعر بسلام عميق، كأنني أبحر في بحرٍ هادئ، وأحيانًا أخرى يثقلني صمتها، كأنني أغرق في عمقٍ لا قاع له. في هذه الوحدة، أتعرف على ملامح جديدة لنفسي، تلك التي لا تظهر إلا عندما أكون وحيدة...أحزن أحيانًا، ليس لأنني وحيدة، بل لأنني أدرك كم كنت بحاجة لهذا الوقت لأفهمني. مشاعري في العزلة متناقضة... بين الراحة والوحشة، بين القوة والهشاشة. أشتاق للعالم أحيانًا، لكنني أخشى العودة إليه قبل أن أشفى من كل ما أثقلني. وأحيانًا أحتضن عزلتي كأنها صديقٌ وفي، أجد فيها ملجأً لا يخذلني أبدًا. هي لحظات أشعر فيها بوضوحي، كأن كل شيء حولي قد تلاشى إلا حقيقتي... أكتشف أن مشاعري، بكل ما فيها من حزنٍ وفرحٍ وشوق، هي انعكاسٌ لروحي العميقة، تلك التي لا يعرفها أحدٌ كما أعرفها في عزلتي. أشعر بالهدوء الذي يشبه سقوط المطر في ليلٍ خالٍ، أستمع إلى نبضات قلبي وهي تحكي قصصًا كنت أخشى سماعها. يزورني الحنين، ليس فقط للأشخاص أو الأماكن، بل لنسخٍ من نفسي فقدتها في زحمة الحياة... أجدني أبتسم أحيانًا، وأبكي أحيانًا أخرى، كأن العزلة تفتح كل الأبواب التي كنت أخشى فتحها. عزلتي تلك بمثابة الوقود الذي يشعل رغبتي في الاستمرارية بالحب والعطاء .. وتقبل كل ذيك السخافات المحبطة .. والطعنات الموجعة... وارتوي من التسامح .. واتلذذ بنعيم الرضا والسكينة .. وفي تلك العزلة، أدرك أنني أقوى مما ظننت، وأن الوحدة أحيانًا ليست فراغًا، بل امتلاءً بذاتي وبكل ما يجعلني أنا. واعود بقوة وشجاعة لإكمال مسيرة الحياة ..!؟ ][~ 2024م